الإخوان فى البرلمان: شالوا «الوطنى».. حطوا «الحرية والعدالة»

الإخوان فى البرلمان: شالوا «الوطنى».. حطوا «الحرية والعدالة»
حكاية صعود وهبوط جماعة الإخوان داخل البرلمان فى غضون 12 شهراً ربما تحتاج إلى قراءة متعمقة فى خطايا هذه «الجماعة»، كيف لجماعة استمرت تعمل لمدة خمسة وثمانين عاماً حتى تمكنت من الوصول إلى قمة الحكم أن تنزلق إلى الأسفل بهذه السرعة المجنونة؟!
الحقائق تؤكد أن «الإخوان» كانوا أول المنقلبين على أنفسهم؛ فغطرستهم وتوهمهم أنهم أصحاب الفضل فى إنجاح ثورة يناير وراء فشلهم الذريع. هؤلاء الذين عرفوا بكتلة الـ88 فى برلمان 2005 تحولوا من كشف المستور فى حكومة الحزب الوطنى إلى الحارس الأمين والخادم للجماعة، بعد أن حولوا البرلمان إلى ملكية خاصة لتحقيق أطماعهم من خلال مساندة وزرائهم وكل من يحظى بثقتهم.
وسبحان مغير الأحوال! فمنذ التسعينات و«الإخوان» ظلت أحلامهم مشغولة بحصد مقاعد اليمين «الأغلبية» داخل البرلمان، التى كان يشغلها الحزب الوطنى الحاكم آنذاك. ومع ثورة يناير تحولت الأحلام إلى حقيقة، وينتقل نواب الحزب الوطنى الذى احتلوا مقاعد الأغلبية لسنوات طوال إلى غياهب السجون أو الانزواء بعيداً، ويجلس مكانهم نواب الإخوان، بعد معركة انتخابية استطاعوا فيها استخدام الدين والشريعة لمداعبة قلوب المصريين.
فى إحدى جلسات برلمان 2005، وقف النائب حسين إبراهيم، عضو كتلة الـ88 لنواب الإخوان فى مجلس الشعب، غاضباً تحت «القبة» داعياً زملاءه للانسحاب اعتراضاً على عدم الأخذ برؤيتهم عند مناقشة قضية ما، إلا أن الدكتور فتحى سرور، رئيس المجلس وقتئذ، قال له: «هذه هى الديمقراطية، الرأى للجميع والقرار للأغلبية، والفارس عليه أن يبقى داخل أرض المعركة»، وانسحبت المعارضة من الجلسة احتجاجاً على تغوُّل أغلبية الحزب الوطنى.
لكن سرعان ما تكرر هذا الموقف، لكن مع تبديل فى لعبة «الكراسى» وجلوس الإخوان فى مقاعد الأغلبية فى برلمان 2012، حيث قمعوا المعارضة، ليكون حديث الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس المجلس آنذاك: «هذه هى الديمقراطية، القرار فيها للأغلبية».
أما عن اللجان النوعية والأداء البرلمانى فحدّث ولا حرج.. فقد تحولت اللجان النوعية إلى تصفية حسابات سياسية مع دول رافضة لحكم الإخوان، مثل الإمارات التى خصصت لها لجنة الأمن القومى والشئون العربية جلسات عدة، كان فيها الهجوم اللاذع على الإمارات بسبب احتجازها بعض المصريين المنتمين لجماعة الإخوان، الأمر الذى ساهم فى سوء العلاقات بين مصر وبعض البلدان العربية.
لم تحظَ دورة برلمان 2012 باستجوابات تتحدث عن مشكلات المواطنين، لأن نواب «الجماعة» انشغلوا بأنفسهم.[FirstQuote]
حتى الحديث عن هيكلة وزارة الداخلية تُرجم فى إطار غير مفهوم، ففى الوقت الذى ظلت فيه الشرطة تستهدف الثوار بشارع محمد محمود، تدافع نواب الإخوان فى الإشادة بأداء ضباط «الداخلية»، بل حاولوا تمرير قانون التظاهر الذى يتيح للضباط استخدام الرصاص الحى إذا ما تجاوز المتظاهرون أو اقتربوا من المنشآت العسكرية.
ويبدو أن من أعمالهم سُلّط عليهم، ليأتى قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب، لتصيب الأغلبية «لوثة» من الجنون، ويلجأوا إلى رئيسهم محمد مرسى، الذى سبق أن أقسم على احترام أحكام القضاء بعد توليه الحكم، ليضرب بهذا القَسَم عرض الحائط ويأمر بعودة المجلس، وتفرح الأغلبية الإخوانية بعودتهم حتى ولو لجلسة واحدة، وذلك فى غياب التيار المدنى.
يرى السياسى والنائب السابق علاء عبدالمنعم أن الإخوان لم يسقطوا داخل البرلمان فحسب، بل سقطوا من عالم السياسة كله، ويقول: «فى البرلمان الأخير حصلوا على الأكثرية العددية، فتملكهم الغرور وظنوا أنهم يمسكون بأيديهم القوة والسلطة والشرعيه، فجاءت تصرفاتهم كلها غباء سياسياً وعدوانية، وأصبح منطقهم فى التعامل مع الأطياف السياسية الأخرى (إما أحكمك أو أقتلك)».
ومع انتقال التشريع لمجلس الشورى بعد حل مجلس الشعب، حاول الإخوان تجميع شتاتهم من جديد بعد الضربة القاصمة التى تلقوها من المحكمة الدستورية، واستعانوا بفكرة المركزية المنبثقة عن فكر «الجماعة»، فأصدر الرئيس المعزول محمد مرسى قراراً بتعيين عدد من أعضاء مجلس الشعب المنحل فى مجلس الشورى، لإنقاذ الموقف بعد أن اكتشفوا أن معظم نواب «الحرية والعدالة» المنتخبين لا يصلحون للقيام بهذه المهمة الملقاة عليهم فى هذه المرحلة الحرجة، وتضمنت قائمة التعيينات عصام العريان وصبحى صالح وجمال حشمت وأشرف بدرالدين.
كما تضمنت القائمة كل الموالين لهذا النظام الإخوانى سواء كانوا من حزبى «الوسط» أو «البناء والتنمية»، لتتغير استراتيجية الإخوان فى هذه المرحلة، خاصة بعد أن كشفوا عن وجههم الحقيقى، من إدخال البلاد إلى نفق مظلم من التشريعات الهادمة.
فى هذا التوقيت تخلى «الإخوان» عن مغازلتهم لحزب النور، الذى حصد المركز الثانى من المقاعد البرلمانية، ليحل بدلاً منه حزب الوسط الموالى دائماً وأبداً لسياسات الإخوان.
وشهدت مضابط الجلسات مناقشات تحولت إلى مشادات ساخنة بين ممثل الكتلة البرلمانية لـ«الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان وبين عبدالله بدران ممثل الهيئة البرلمانية لحزب النور، وكانت تنتهى دائماً لصالح «الإخوان»، كما كان الأمر ينتهى دائماً للحزب الوطنى باعتباره حزب الأغلبية داخل البرلمان.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، ارتكب الإخوان نفس الحماقات التى دفعت بمن سبقوهم إلى مزبلة التاريخ، فبدأوا فى تصفية خصومهم وكل معارضيهم من خلال سن ترسانة من القوانين، كان من أبرزها قانون السلطة القضائية، هذه المذبحة التى أرادوا منها تخفيض سن المعاش للقضاة، بهدف إحالة 3 آلاف قاضٍ للتقاعد، ومن بينهم المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، وتلاه فتح ملف التعيينات فى الهيئات القضائية، كذلك الحال فى قانون الانتخابات، الذى قوبل بالرفض من المحكمة الدستورية بسبب عدم التوزيع العادل للدوائر بالمحافظات، فضلاً عن القوانين الأخرى التى صبت فى مصلحتهم الخاصة، مثل قانونى «الجمعيات الأهلية» و«الصكوك»، اللذين أثارا جدلاً كبيراً، وكذلك قانون «إقليم قناة السويس»، وحزمة تشريعات الضرائب كوسيلة للجباية لإنقاذ «مرسى» مما يواجهه من فشل اقتصادى، فتمت زيادة ضريبة الدمغة ورفع العديد من الضرائب.
الموازنة العامة للدولة فى عهد الإخوان كانت لها طريقة خاصة فى المناقشة تحت قبة البرلمان، لتتحول إلى مجلس محاكمات لكبار المسئولين فى الدولة، عدا وزراء الإخوان أو المسئولين الذين عينوهم.
ويقول النائب فريدى البياضى، عضو الهيئة العليا للحزب الديمقراطى الاجتماعى، إن «وصول جماعة الإخوان إلى مقاعد الأغلبية ليس وليد الصدفة، ولكن كان ثمرة تخطيط طيلة السنوات السابقة»، مبيناً أن نواب الإخوان عندما كانوا فى مقاعد المعارضة بتمثيل قليل كان «همّهم» الدفاع عن المبادئ ومواجهة تغوُّل الحزب الوطنى، ولكن بمجرد وصولهم إلى مقاعد الأغلبية ارتدوا عباءة «الوطنى المنحل»، وحرصوا على إقصاء كل من يخالفهم الرأى.
وتابع: «قلت للدكتور عصام العريان، زعيم أغلبية حزب الحرية والعدالة: لا تنسوا أن الأغلبية لا تدوم، وكما آلت إليكم ستئول للمعارضة فى يوم من الأيام. وغضب (العريان) قائلاً: يعنى انت عايز الإخوان يمشوا؟».
وأضاف «البياضى» أن الإخوان هم الذين انقلبوا على أنفسهم بسبب تجبرهم، بل و«بلطجتهم» وكسر قواعد اللعبة الديمقراطية.
أخبار متعلقة:
الشعب يلتهم «الذئاب»
السياسة.. طبق المصريين المفضل
ماذا جرى للمصريين؟
الستات فى عصر الإخوان: نكدب لو قلنا ما بنحبش.. مصر
الأقباط.. الخروج الكبير من «قلب» الكنيسة إلى «رحاب» الوطن
ثوار الجامعات يتخلون عن دورهم التاريخى أمام عنف الإخوان
«فيس بوك» و«تويتر».. جمهورية الواقع «الملخبط»
الاشتراكيون الثوريون.. لا حياء فى السعى إلى «هدم الدولة»
«الأناركية».. تحيا «الفوضى المبهجة»
رئيس «طلاب مصر»: التحرش بالشرطة هدف «الإخوان»
الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات
جماعة الخيانة
الثورة.. «مرجيحة» الإخوان
الخائن رئيساً: من البرش إلى العرش.. وبالعكس
«التنظيم» ورم خبيث.. واستئصاله لن يمر دون ألم
جورج إسحاق: «الإخوان» انقلبوا على «25 يناير» فأسقطهم الشعب فى «30 يونيو»
الأخوات الإرهابيات: «خلّى السلاح صاحى».. تحت النقاب
شاهندة مقلد: أنا ومصر ننتظر ثأرنا من الإخوان.. وسننتصر
الخطاب الدينى.. بين «أمن الدولة» ومنصة «رابعة»
«وأن المساجد لله» وليس لمصلحة الجماعة
الفضائيات الدينية: الفتنة أشد من القتل
«YouTube».. الشيطان يحدثكم من جزيرة «البط الأسود»
مسلم سابق: أعرف أزهرية تحفظ القرآن وتخفى إلحادها.. والأعداد فى مصر تتزايد
مسيحى سابق: صعوبة التجربة فى مجتمع يدّعى التدين قد تدفعنى للهجرة