«فيس بوك» و«تويتر».. جمهورية الواقع «الملخبط»

«فيس بوك» و«تويتر».. جمهورية الواقع «الملخبط»
لعب موقعا «فيس بوك» و«تويتر» دوراً لا يمكن إنكاره فى ثورات الربيع العربى عموماً والثورة المصرية خصوصاً، فى 25 يناير و30 يونيو، وعلى «فيس بوك» ظهرت دعوات النزول للشارع للتظاهر ضد تجاوزات الشرطة فى 25 يناير 2011، وعبر «تويتر» كانت تتواتر أخبار المظاهرات لحظة بلحظة.
المصريون طوّروا استخدام «فيس بوك» و«تويتر» إلى وسائل للحشد وتبادل الأخبار والمعلومات، خلال الأعوام الثلاثة، حتى شهدت شبكات التواصل الاجتماعى ما يشبه الانقلاب العنيف، باعتبارها انعكاساً لما يدور فى المجتمع من تحولات.
فى كتابه «150 يوماً فى تاريخ مصر»، أشار أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق، إلى دور شبكات التواصل الاجتماعى فى تأجيج الأحداث والتأثير الكبير لتنظيم الإخوان على هذه الشبكات، على «فيس بوك» و«تويتر»، هذا الادعاء دعمته قيادات التنظيم التى اتخذت من شبكات التواصل وسيلة تواصل تخاطب من خلالها قواعدها، أبرزها: عصام العريان ومحمد البلتاجى، الذى ظل يخاطب أنصاره من خلال الشبكة حتى بعد إلقاء القبض عليه، عقب فض اعتصام «رابعة العدوية».
بعد 30 يونيو، كان لافتاً أن صفحات كبيرة يتابعها زوار كثيرون، مثل «كلنا خالد سعيد»، توقفت فجأة عن التعليق على الأحداث، كذلك الأمر مع شخصيات مؤثرة على شبكات التواصل الاجتماعى، مثل الدكتور محمد البرادعى، الذى أصبحت تغريداته نادرة للغاية، خاصة بعد استقالته من منصب نائب الرئيس، وكذلك اختفى نشطاء مشهورون بتعليقاتهم على شبكات التواصل، لتورطهم فى قضايا قيد التحقيق مثل أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح وغيرهما.[FirstQuote]
أحمد مبارك، أدمن صفحة «جبهة التهييس البرادعاوية» يقول: «الدنيا ملخبطة، كلنا متلخبطين، ما بقاش حد يثق فى حد، والشك بقى هو أساس التعامل على شبكات التواصل الاجتماعى دلوقتى». ويضيف الشاب الذى يستقبل كثيراً من التعليقات والانتقادات نظراً لارتباط اسم الصفحة بـ«البرادعى» وابتعاده عن الساحة السياسية: «ناس كتير كانت تثق فى البرادعى ما بقوش يثقوا فيه، ناس كانت بتؤيد الفريق السيسى وبيشكروه، ابتدوا ينتقدوه بعنف، والناس اللى كانت بتشكر فى باسم يوسف بقت تكرهه وشايفاه وحش، النقد فى مرحلة ما كان حلو وبنّاء، دلوقتى بقى تهمة وجريمة، حتى لو من شخص عادى، على طول يتقال عليه إخوان».
«مبارك» يشعر بتفاؤل من «اللخطبة» التى وصف بها حال رواد شبكات التواصل حالياً، ويقول: «على فيس بوك وتويتر بنقدر نرجع للكلام القديم ونفكر الناس بمواقفهم، اللخبطة دى بتبين مين ثابت على مبادئه ومين بيطبل أو بيغير كلامه، الناس متلخطبة، مش عارفين إيه الصح من الغلط».
ما زال «الأدمن» الشاب يوضح لمنتقدى الصفحة ما يراه حقيقة، ويمتلك تفسيراً للصمت الذى يكتنف «البرادعى» و«كلنا خالد سعيد»، ويقول: «هما ملتزمين الصمت بيشوفوا الدنيا ماشية إزاى، الأيام الجاية هتبين مين تعب ومين تخاذل ومين اتكلم ومين سكت، الأقنعة بتقع دلوقتى».
على الرغم من النجاح الكبير الذى حققته الصفحة الساخرة «أساحبى» فإن حسام حامد، أحد مؤسسى الصفحة، يعانى هو الآخر، ويقول: «انقلابات بالعبيط كل يوم بتحصل على فيس بوك، أكتر الناس اللى الواحد كان واثق فيهم تماماً بيتقلبوا، مفيش ثقة، الواحد يسمع الخبر ويرجع يسمع عكسه فى ثوانى».[SecondImage]
الشاب، الذى حصدت صفحته أكثر من 4 ملايين متابع، يرى أن «فيس بوك» وسيلة سلبية جداً، ويفسر ذلك قائلاً: «إحنا فهمنا الفيس بوك غلط، فاهمين الشبكات الاجتماعية كلها غلط، محتاجين نتزن شوية».
«حسام» وأصدقاؤه القائمون على الصفحة يضطرون للتعامل مع الأخبار بصورة يومية، ليطوروا الرسوم والتعليقات الساخرة بناءً عليها، لكن التناقض والغزارة الكبيرة للأخبار أصابا الأصدقاء بحالة تشوش شديد، يقول: «من كتر المفاجآت والصدمات ناس زى وائل غنيم والبرادعى ما عادوش عارفين يقرروا ده صح ولا غلط ولا حلو ولا وحش، فسكتوا!».
ويؤكد «حسام» أن رواد الشبكات تغيروا أيضاً كما الأحداث، ازدادت التصنيفات، ويضيف: «البلد بعد الثورة كانت شبه صينية البسبوسة، والناس على النت كذلك، دلوقتى اتقسمت مليون حتة عشان تتوزع، وما بقاش شكلها ولا تماسكها زى الأول»، ويرصد «حسام» حالة مستمرة من المفاجآت: «كل يوم الصبح خبر جديد، الأخبار بتدينا ألم، وتخلينا طول الوقت نسأل روحنا: إحنا صح ولا لأ؟ الواحد كل يوم تقريباً بيرجع يقف مع نفسه، وعقبال ما أحاول أفهم تيجى حاجات جديدة تخلينا نلف حوالين نفسنا».
يتمنى «حسام» وأصدقاؤه لو يتعامل المصريون مع شبكة الإنترنت بصورة طبيعية، ويقول: «الناس فى البلاد التانية لهم حياتهم، بيعملوا حاجات مختلفة فى اليوم غير الشغل والفيس بوك، بيكتبوا روايات، بيروحوا النادى، عندهم فكرة وتطور، ولما بيدخلوا الإنترنت بيكتبوا حاجات تعبر عن حالاتهم الخاصة، أما إحنا فعندنا ناس تقعد بالتلات أيام عشان يفبركوا صورة، وتلات أيام زيهم يتخانقوا ويحاربوا عشان يثبتوا إنها حقيقية، والكارثة إن الناس بتنشر أى حاجة تشوفها، من غير ما يتأكدوا».
حسام صالح، خبير تكنولوجيا المعلومات، يؤكد أن أعداد مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى فى مصر تضاعفت بنسبة 6 أضعاف، عقب ثورة 25 يناير، وتضاعف العدد أيضاً عقب 30 يونيو. ويقول رئيس جمعية «إنترنت مصر»: «الناس على مواقع التواصل الاجتماعى نوعان: نوع ساكت، بيتفرج، ونوع بيتكلم على طول، وده مقسوم نصين: نص بيتكلم على صفحات الناس التانية ونص بيتكلم على صفحاته، النص اللى بيتكلم على صفحاته طول الوقت بيقول آراء عشان الناس تعلق عليها، هدفه إن الناس تخش الصبح يعملوا لايك ويتابعوه، النص التانى اللى بيعلق على الناس التانية، يا إما عشان يضايقهم أو يسخر منهم أو يتمنظر عليهم».
«صالح»، الذى لخص سلوكيات المصريين على «فيس بوك» بأنها فى معظمها ساخرة أو مسيئة، أشار إلى فئة مختلفة ملت الحديث عن الموضوعين الرئيسيين، وهما الدين والسياسة، ويقول: «فيه ناس زهقت وبدأت تشارك فى مواقع ترفيهية وأغانى، وتلعب كاندى كراش والمزرعة السعيدة».
ويبرز المهندس «حسام» الطريقة التى يجرى بها استغلال شبكات التواصل الاجتماعى ومرتاديها فى الترويج لأمور بعينها، ويقول: «الناس اللى متابعة السياسة على فيس بوك بيتقلبوا كل يوم زى ما السياسة بتتقلب، النهارده الخناقة على جمال مبارك، وبكرة طنطاوى، وبعده الفريق أحمد شفيق، وبعده محمد مرسى، الشرارة تطلع فى التليفزيون أو الجرايد، وتلعب عليها مواقع التواصل الاجتماعى طول اليوم لحد ما الحكاية بقت شبه (جيم)، كل يوم شوط مختلف، مرة الماتش سُخن، ومرة سخيف، ومرة اللعيبة بايخين.. وهكذا».
المهندس حازم عبدالعظيم، واحد ممن تفرغوا لما يسميه «محاربة الخلايا النائمة على الإنترنت»، ويعد هو نفسه نموذجاً لأشخاص تغيرت وجهات نظرهم فيما مرت به مصر من أحداث 180 درجة، يقول: «غيرت كثيراً من مواقفى بعد انكشاف المؤامرة كلها، كل ما الواحد بياخد معلومات زيادة بياخد قرارات أدق، راجعت كل مواقفى واكتشفت حاجات كتير متعلقة بمؤامرة قذرة على مصر وجيشها، وقررت أخبط فى أى حد يخبط فى الجيش أو الشرطة، سواء منظمات حقوقية، أو خلايا نايمة، أو غيرهم، أنا قاعد فى بيتنا ما بشتغلش، المستقبل على الإنترنت إيجابى جداً، ومعظم الشباب ابتدى يفهم المؤامرة وبيراجع أفكاره».
أخبار متعلقة:
الشعب يلتهم «الذئاب»
السياسة.. طبق المصريين المفضل
ماذا جرى للمصريين؟
الستات فى عصر الإخوان: نكدب لو قلنا ما بنحبش.. مصر
الأقباط.. الخروج الكبير من «قلب» الكنيسة إلى «رحاب» الوطن
ثوار الجامعات يتخلون عن دورهم التاريخى أمام عنف الإخوان
الاشتراكيون الثوريون.. لا حياء فى السعى إلى «هدم الدولة»
«الأناركية».. تحيا «الفوضى المبهجة»
رئيس «طلاب مصر»: التحرش بالشرطة هدف «الإخوان»
الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات
جماعة الخيانة
الثورة.. «مرجيحة» الإخوان
الإخوان فى البرلمان: شالوا «الوطنى».. حطوا «الحرية والعدالة»
الخائن رئيساً: من البرش إلى العرش.. وبالعكس
«التنظيم» ورم خبيث.. واستئصاله لن يمر دون ألم
جورج إسحاق: «الإخوان» انقلبوا على «25 يناير» فأسقطهم الشعب فى «30 يونيو»
الأخوات الإرهابيات: «خلّى السلاح صاحى».. تحت النقاب
شاهندة مقلد: أنا ومصر ننتظر ثأرنا من الإخوان.. وسننتصر
الخطاب الدينى.. بين «أمن الدولة» ومنصة «رابعة»
«وأن المساجد لله» وليس لمصلحة الجماعة
الفضائيات الدينية: الفتنة أشد من القتل
«YouTube».. الشيطان يحدثكم من جزيرة «البط الأسود»
مسلم سابق: أعرف أزهرية تحفظ القرآن وتخفى إلحادها.. والأعداد فى مصر تتزايد
مسيحى سابق: صعوبة التجربة فى مجتمع يدّعى التدين قد تدفعنى للهجرة