الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات

كتب: محمد طارق ولطفى سالمان

الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات

الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات

مرّ تنظيم الإخوان بسنوات من المحن والاعتقالات، وبقى الزحف نحو مؤسسة الرئاسة مقدساً وخالداً فى أذهان الأجيال القطبية، التى تربت على أفكار سيد قطب لتغيير المجتمع الجاهلى، كما وصفه فى كتابه «معالم فى الطريق»، ووصلوا فى النهاية لما سعوا من أجله، لكن خروجهم كان من نفس باب الدخول. من أبواب السجن دخلوا القصور، وخرجوا منها إلى الزنازين. لذلك يمكن وصف تاريخ «الجماعة» بأنه «تاريخ من الانقلابات». المؤكد أن الانقلابات التى يقصدها قيادات التنظيم هى التى أضرت بمصالحهم الشخصية، فلم تعد الطائرات الرئاسية تأتمر بأمر المرشد محمد بديع ولا نائبه خيرت الشاطر، ولم تعد قصور الرئاسة مرتعاً لقيادات التنظيم الدولى ومؤتمرات الخديعة والدم. ومن المؤكد أيضاً أنهم سيفتقدون لمقاعد مجلس الشعب التى زحفوا عليها كزحف اللبلاب على جدران البيوت، وسيفتقدون الحراسات والتملق الذى طالما أحبوه، وبرامج «التوك شو»، التى حرصوا على أن يكونوا ضيوفاً دائمين فيها، مهددين ومنذرين لكل المعارضين. «الانقلاب» الحقيقى هو عدم عودة مجنزرات الأمن المركزى لحماية مقر مكتب الإرشاد فى المقطم، وغياب أفراد الأمن عن الغرفة التى بنوها بجوار المقر لحمايته، فى الوقت الذى تختفى فيه صورة «مرسى» من على الشاشات «بإصبعه الشهير» أو نائماً وسط مؤتمرات القمم الدولية، بجانب عصام الحداد، مستشاره للشئون الخارجية، الذى طالما استقل طائرات الرئاسة فى رحلات سرية لإيران بأوامر من خيرت الشاطر. لن يستطيع أحمد عبدالعاطى، مدير مكتب الرئيس المعزول، التهديد والوعيد والحديث بغطرسة وتعالٍ، ربما يمكنه تهديد الرئيس المعزول كما فعل فى أسيوط، حينما حيّا أنصاره من «التنظيم»، فقال له: «اقعد يا مرسى». لن يتمكن عبدالله محمد مرسى، نجل «المعزول»، من الذهاب للجامعة فى حراسة الشرطة، ولن تبقى له الاستراحة الخاصة التى وفّرتها جامعة مصر الدولية، ولن يستطيع سبَّ الضباط الذين كانوا يحرسون منزلهم فى الشرقية بعد انسحابهم من حراسة المنزل. انقلاب الدكتور محمد سعد الكتاتنى من على مقعد رئاسة مجلس الشعب، كان أول الطريق نحو العودة للسجون مرة أخرى، لحقه انقلاب «التنظيم» نفسه وتبرُّئه من تصريحات عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، التى طالب فيها بعودة اليهود لمصر لحل مشكلة الفلسطينيين. انقلاب آخر حدث بعد أشهر، وهو إطاحة خيرت الشاطر بالدكتور ياسر على، المتحدث باسم الرئاسة، بعد معرفة زواجه السرى؛ ففى عزاء شقيقة الدكتور مرسى عقب توليه الرئاسة بأسابيع قليلة، حاول «على» الحديث لـ«خيرت» قائلاً: «انت زعلان منّى ولا إيه؟».. فرد «الشاطر»: «انت اتجوزت من ورايا». وتبعه انقلاب الدكتور مراد على، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، بدعم من خيرت الشاطر، على «أحمد سبيع»، وإعلان الحزب فى بيان رسمى كتبه «مراد» بنفسه أن «سبيع» لم يعد متحدثاً باسم الحزب. من جانبه، قال أحمد بان، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن الانقلاب الذى حدث داخل تنظيم الإخوان، وانتقالهم من أعلى الهرم السلطوى إلى قاع السجون والمعارضة، يعود إلى عدد من الأسباب، أهمها سياسة العمى الاستراتيجى التى أصيب بها «التنظيم»، بعدما حاول التهام الدولة، من خلال أخونة كافة مؤسساتها، فابتلعته الدولة، مضيفاً: «لذلك يجب على الإخوان أن يتمصروا أولاً وأن يعلموا أن التنظيم جزء من الدولة وليس العكس». وأضاف «بان» لـ«الوطن» أن السبب الثانى فى هذا الانقلاب هو تحول «التنظيم» من جماعة دعوية يجب ألا يخرج نشاطها عن هذا الإطار، إلى جماعة سياسية تحاول الاستيلاء على السلطة بالكامل، من خلال الانخراط فى العمل السياسى، ولكن دون أن تمتلك أدوات إدارة الدولة، فضلاً عن عدم قدرة «التنظيم» على استيعاب القوى الثورية التى ساندته فى أول الثورة، وقبل فوز الرئيس المعزول محمد مرسى بـ«الرئاسة». وأوضح «بان» أن أحد الأسباب الهامة التى عجّلت بسقوط «التنظيم» إصراره على إبعاد أصحاب الكفاءات والإبداع داخل «التنظيم»، الذين لديهم القدرة على إدارة الدولة، وإحلال أصحاب السمع والطاعة مكانهم، بشكل جعل مجموعة قليلة فقط، برئاسة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد، يسيطرون على مصير «التنظيم» وتحركاته. وتوقع «بان» عدم عودة «التنظيم» مرة أخرى إلى السلطة، خاصة بعد أن لفظه الشعب المصرى، بعد الأخطاء الكارثية التى ارتكبها أثناء فترة حكم «المعزول»، لافتاً إلى أن عودة التنظيم للحياة السياسية مرهون بإجراء مراجعات فكرية داخله، تمكّنه من التخلص من الاستراتيجيات الخاطئة التى أدت إلى سقوطه. وفى نفس السياق، قال ثروت الخرباوى، القيادى المنشق عن تنظيم الإخوان، إن الانقلاب الحقيقى الذى تشعر به الجماعة هو فقدان حالة المظلومية، التى كانوا دائماً ما يصدّرونها للشعب مع كل أزمة، لاستقطاب أعضاء جدد واستعطاف القوى الثورية واستغلالهم فى تحقيق أغراض سياسية دنيئة، لافتاً إلى أن أزمة «الجماعة» ليست فى انهيار «التنظيم» بل انهيار الفكرة نفسها، بعد إدراك المواطنين لكذبهم وخداعهم، وهذا هو الانقلاب الحقيقى نحو مجتمع حر وديمقراطى يدرك جيداً العمل فى النور بعيداً عن التقديس، الذى دائماً ما فرضوه على شبابهم، لافتاً إلى أن القيادات الحالية ستفتقد القدرة على الحشد الذى طالما راهنت عليه فى الانتخابات، ولن يحصلوا على أغلبية برلمانية، وربما تكون نتائجهم فى البرلمان مماثلة لانتخابات نقابة الأطباء. أخبار متعلقة: الشعب يلتهم «الذئاب» السياسة.. طبق المصريين المفضل ماذا جرى للمصريين؟ الستات فى عصر الإخوان: نكدب لو قلنا ما بنحبش.. مصر الأقباط.. الخروج الكبير من «قلب» الكنيسة إلى «رحاب» الوطن ثوار الجامعات يتخلون عن دورهم التاريخى أمام عنف الإخوان «فيس بوك» و«تويتر».. جمهورية الواقع «الملخبط» الاشتراكيون الثوريون.. لا حياء فى السعى إلى «هدم الدولة» «الأناركية».. تحيا «الفوضى المبهجة» رئيس «طلاب مصر»: التحرش بالشرطة هدف «الإخوان» جماعة الخيانة الثورة.. «مرجيحة» الإخوان الإخوان فى البرلمان: شالوا «الوطنى».. حطوا «الحرية والعدالة» الخائن رئيساً: من البرش إلى العرش.. وبالعكس «التنظيم» ورم خبيث.. واستئصاله لن يمر دون ألم جورج إسحاق: «الإخوان» انقلبوا على «25 يناير» فأسقطهم الشعب فى «30 يونيو» الأخوات الإرهابيات: «خلّى السلاح صاحى».. تحت النقاب شاهندة مقلد: أنا ومصر ننتظر ثأرنا من الإخوان.. وسننتصر الخطاب الدينى.. بين «أمن الدولة» ومنصة «رابعة» «وأن المساجد لله» وليس لمصلحة الجماعة الفضائيات الدينية: الفتنة أشد من القتل «YouTube».. الشيطان يحدثكم من جزيرة «البط الأسود» مسلم سابق: أعرف أزهرية تحفظ القرآن وتخفى إلحادها.. والأعداد فى مصر تتزايد مسيحى سابق: صعوبة التجربة فى مجتمع يدّعى التدين قد تدفعنى للهجرة