«الأناركية».. تحيا «الفوضى المبهجة»

«الأناركية».. تحيا «الفوضى المبهجة»
«اللاسلطوية.. أن ينظم المجتمع شئونه ذاتياً دون تسلط لفرد أو جماعة على مقدراتهم أو حياة غيرهم»، هكذا وضع أوائل مفكرى «الأناركية» تعريفا مبسطاً لكى يصل للراغبين فى التغيير. عبارات من مثل «حكم الفرد لذاته»، «السلطة تسلب حق الآخرين فى اختيار ما يحقق مصالحهم»، داعبت الكثيرين نحو تحقيق حلم «دولة بلا سلطة»، الأمر الذى ظهر بوضوح خلال حكم المعزول محمد مرسى حينما ظهرت جماعات «البلاك بلوك».
«الأناركية» كمصطلح يعود تاريخه إلى دولة اليونان، وتعنى حرفياً «لا حاكم أو لا سلطة»، واستخدمت تلك الكلمة منذ بدايات القرن الـ19 للتعبير عن حال بلاد تعانى من التفكك أو سقوط السلطة المركزية المسيطرة عليها، الأمر الذى يمنح الفرصة للجماعات المتصارعة على السلطة لإحداث حالة من الفوضى، حتى بات مصطلح «الأناركية» يعنى «الفوضى».
«الأناركية» بشكل عام ترفض وجود «الدولة» لاعتقادها بأنها شأن من شئون تنظيم المجتمع يقوم على تركيز السلطة فى أيدى أقلية تشكل خياراتها الظروف الحاكمة لتتحكم فى باقى أعضاء المجتمع، ما يعنى سلب حق الآخرين فى حرية اختيار ما يحقق مصالحهم. بالأساس «الأناركية» حركة اشتراكية ومعادية للرأسمالية كنظام اقتصادى واجتماعى، وهو ما يتضح فى جماعات «البلاك بلوك» التى قالت إنها تنتمى للفكر الأناركى، وظهرت خلال حكم محمد مرسى، ورفعت شعار هدم مؤسسات الدولة الرأسمالية الإخوانية، ووضعت قوائم لشركات رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، وخيرت الشاطر النائب الأول لمرشد الجماعة والمصدر المادى الأول للتنظيم.
ترفض «الأناركية» كل أشكال السلطة وممارساتها القمعية داخل المجتمع، فضلاً عن رفضها لمظاهر التمييز سواء على أساس الجنس أو العنصر أو الدين، وهو ما يفسر حرب «الكر والفر» بين عناصر «البلاك بلوك» وقوات الشرطة طوال الـ3 أشهر الأخيرة من حكم محمد مرسى، فى اشتباكات عُرفت بموقعة «كورنيش النيل»، خاصة أنهم أطلقوا على وزارة الداخلية «أداة قمع السلطة». وبالرغم من اتباع المنهج العنيف فى التعامل مع السلطة فإن بعض المدونين والنشطاء الذين بحثوا فى شئون «الأناركية» قالوا إن أصحاب الرأى بالجنوح نحو استخدام السلاح «فئة ضئيلة»، لأنهم يؤمنون بأن الدولة كيان قائم على العنف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث تمنع الناس من الالتقاء حول حاجاتهم الأساسية، فيدعون إلى العنف للدفاع عن النفس.[FirstQuote]
مشكلة «البلاك بلوك»، أو الأناركيين بشكل عام، مع المفكرين السياسيين أو حتى مع المواطن العادى أن مرجعهم الأساسى وربما الوحيد هو فرانسوا دبرى، الباحث وأستاذ العلوم السياسية فى جامعة كيبك فى كندا، فى كتابه «بـــلاك بلوك»، الذى يعتبر أول دراسة علمية عن الحركة. «دبرى» وصف الظاهرة بـ«الحمى» قبل أن يعود ويصفها بأنها الوحيدة القادرة على البقاء بفروعها العالمية المنتشرة فى العالم.
ويرى «دبرى» أن موقع «فيس بوك» وباقى شبكات التواصل الاجتماعى قدمت التطبيق العملى لكل الأفكار الخيالية للأناركيين، وهى تعتبر أحد الداعمين الرسميين لحركات الاحتجاج الحديثة، وعلى رأسها «بلاك بلوك» بالطبع. ويقول باسماً: «المفارقة هنا أن هذا العالم الأناركى المبهج يدور بكامله داخل فيس بوك، الذى هو عبارة عن شركة مملوكة لفرد تابعة تماماً للنظام الرأسمالى، الذى يفترض أن (الأناركية) قامت أساساً لتواجهه». وحول ما إذا كانت «بلاك بلوك» ستنتهى إلى شىء، يقول: «انعدام الأمل يعنى انعدام الحركة، ما دام هناك حركة احتجاجية تظهر فى أى صورة فهذا معناه أنه لا يزال هناك أمل، ورغم كل ما يمكن أن يقال مثل أن الوضع فى البلاد العربية تحول إلى الأسوأ بعد الثورات، فإنه من المبكر جداً الحكم على هذه التجارب التى يعتبر قيامها فى حد ذاته أمراً إيجابياً».
يبدو «دبرى» متحمساً تماماً لظهور «بلاك بلوك» فى مصر، ويسأل عن تفاصيل متعلقة بهم، ويعتذر لعدم فهمه الدقيق ما يجرى فى مصر والمنطقة العربية، ويقول بحماس: «لو أتيح ذلك سأعمل على إضافة فصل عن تجربة (بلاك بلوك) فى مصر و(الأناركية) فى ثورات الربيع العربى».
أخبار متعلقة:
الشعب يلتهم «الذئاب»
السياسة.. طبق المصريين المفضل
ماذا جرى للمصريين؟
الستات فى عصر الإخوان: نكدب لو قلنا ما بنحبش.. مصر
الأقباط.. الخروج الكبير من «قلب» الكنيسة إلى «رحاب» الوطن
ثوار الجامعات يتخلون عن دورهم التاريخى أمام عنف الإخوان
«فيس بوك» و«تويتر».. جمهورية الواقع «الملخبط»
الاشتراكيون الثوريون.. لا حياء فى السعى إلى «هدم الدولة»
رئيس «طلاب مصر»: التحرش بالشرطة هدف «الإخوان»
الإخوان.. تاريخ من الانقلاب على الذات
جماعة الخيانة
الثورة.. «مرجيحة» الإخوان
الإخوان فى البرلمان: شالوا «الوطنى».. حطوا «الحرية والعدالة»
الخائن رئيساً: من البرش إلى العرش.. وبالعكس
«التنظيم» ورم خبيث.. واستئصاله لن يمر دون ألم
جورج إسحاق: «الإخوان» انقلبوا على «25 يناير» فأسقطهم الشعب فى «30 يونيو»
الأخوات الإرهابيات: «خلّى السلاح صاحى».. تحت النقاب
شاهندة مقلد: أنا ومصر ننتظر ثأرنا من الإخوان.. وسننتصر
الخطاب الدينى.. بين «أمن الدولة» ومنصة «رابعة»
«وأن المساجد لله» وليس لمصلحة الجماعة
الفضائيات الدينية: الفتنة أشد من القتل
«YouTube».. الشيطان يحدثكم من جزيرة «البط الأسود»
مسلم سابق: أعرف أزهرية تحفظ القرآن وتخفى إلحادها.. والأعداد فى مصر تتزايد
مسيحى سابق: صعوبة التجربة فى مجتمع يدّعى التدين قد تدفعنى للهجرة