خلال الشهر الماضى، وفى خضم المعركة الانتخابية بين «جو بايدن» و«دونالد ترامب» من أجل المنافسة على كرسى الرئاسة الأمريكية كانت الصحف الأمريكية تناقش وتُحلل الموقف الحالى لكل منهما، وكانت استطلاعات الرأى تَخرُج تِباعاً وتُقيّم ما وصلت إليه شعبية كليهما فى الشارع الأمريكى، وكانت الحملات الخاصة لكل منهما تتسابق لكسب ود الناخب الأمريكى وإبراز الجانب الإيجابى لكليهما.. بعد ذلك تم عقد المناظرة المهمة بين (بايدن - ترامب) وكان من نتائجها أن زادت شعبية «ترامب» على حساب شعبية «بايدن»، وزادت حالة الغضب لدى قواعد الحزب الديمقراطى واشتعل غضب القادة الكبار بالحزب، بل وصل الأمر إلى مطالبة «بايدن» بعدم الترشُّح لفترة رئاسية جديدة واستبداله بمرشح آخر ولتكُن «كامالا هاريس» نائبة الرئيس الحالية، تحركات كبيرة فى الحزب الديمقراطى ومطالبات تزيد يوماً بعد يوم بضرورة عدم استكمال «بايدن» للسباق الرئاسى، نظراً لما ظهر عليه من عدم القدرة على مُجاراة «ترامب» وتقدُّمه فى العُمر، خاصة أنه وصل إلى 81 عاماً، إضافة إلى عدم قدرته على الحديث بالأرقام وتعرّضه لنوبات نوم على الهواء وأخطائه الكثيرة وعدم تركيزه فى المؤتمرات الصحفية.
فى ذلك الوقت، خرجت صحيفة «واشنطن بوست» بتحليل مهم جداً يؤكد حقيقة وضع الرئيس الأمريكى «جو بايدن» ويقول التحليل -وهو تحليل أقرب إلى الصواب- (ينبغى على «بايدن» أن يمحو صورة الرئيس الضعيف بعد المناظرة الكارثية التى تفوق فيها «ترامب» عليه، وخطة وقف إطلاق النار بين «إسرائيل وحركة حماس» هى المخرج الوحيد المُشرف له من السباق الرئاسى، لأن خطة وقف إطلاق النار ستنتُج عنها هُدنة ستُخفى ما ظهر من ضعف لـ«بايدن» أمام ملايين الأمريكان المؤيدين له).
بعدها، وفى أثناء أحد المؤتمرات الانتخابية لـ«دونالد ترامب» فى «بنسلفانيا» وإلقائه كلمته وسط أنصاره فجأة شاهد الجميع إطلاق نار على «ترامب» رغم التأمين المُحكَم من الخدمة السرية، وللصُّدفة كان «ترامب» يتحرك وهو يُخاطب أنصاره ويضع يده على «البوديوم» الذى أمامه، وفجأة مرّت طلقة نارية بجوار وجه «ترامب» ولمست أعلى أُذنه، نزل «ترامب» على الأرض وزادت حالة الصخب وسط صراخ الحضور، وسريعاً انتشرت قوات الخدمة السرية وأحاطوا بـ«ترامب» لتأمينه وهو ما زال على الأرض ليخرُج ويظهر لأنصاره والدماء تنزف من أُذنه وخَدِه، فى مثل هذه الأجواء تكون الغلبة للحراسات الخاصة، لكن «ترامب» ظهر بينهم وهو ينزف وصرخ وقال (Fight) ويُلَوِح بـ(قبضة يده)، هُنا كانت جرأة «ترامب» وشجاعته التى أشاد بها الرأى العام الإسرائيلى وارتفعت شعبيته بدرجة كبيرة، وأصبح حديث العالم كله، وقامت الخدمة السرية بقتل الشاب الذى أطلق النار على «ترامب» من على بُعد 200 متر بعد أن قُتل أحد أنصار «ترامب» وأُصيب اثنان.
الكثيرون أكدوا أن ما حدث من إطلاق النار على «ترامب» بمثابة (عملية اغتيال مُكتملة الأركان)، البعض فسّر ما حدث بأنه (إرهاب داخلى) نتيجة الشحن المُتزايد لكلا المُرشحين -بايدن وترامب- فى الانتخابات، لكن العقلاء وصفوا ما حدث بأنه (عنف سياسى) وصل إلى ذروته فى أمريكا.
من الواضح أن «ترامب» لديه طاقة كامنة بداخله -ومعه أنصاره فى الحزب الجمهورى- لتحقيق الانتصار فى الانتخابات القادمة، والمناظرة الأخيرة كشفت عن أن لديه خططاً جديدة يستعد لتنفيذها لنيل ثقة الأمريكان، لكنه فى الوقت نفسه يشعر بأن لديه (تار بايت) مع «بايدن» وأنصاره فى الحزب الديمقراطى بعد خسارته الانتخابات السابقة.