كُلنا طالبنا بتحقيق «العدالة الاجتماعية»، كُلنا حاربنا من أجل أن يحصل الفقير على حظه من اهتمام الحكومة، كُلنا رفعنا شعار: لا بد أن يصل الدعم لمُستحقيه، كُلنا يدعى المثالية ويطالب الحكومة بتوفير حياة آدمية لقاطنى العشوائيات.كُلنا وقفنا ضد الحكومة فى الفترة ما قبل (عام ٢٠١١) وتحديداً فى التسعينات والألفينات وقُلنا: الفقير معدوم ولا بد من رعايته صحياً واجتماعياً وتكافلياً وضرورة حصوله على مميزات أكثر فى الموازنة العامة للدولة، وكلنا -الآن- نُطالب الحكومة بمزيد من الدعم للفقراء الذين يستحقون الدعم، ليس هذا فقط بل إننا وصلنا لمرحلة المطالبة بعدم حصول من لا يستحق على الدعم الحكومى.ظنى أن الحكومة لم تعُد ساذجة كما كانت فى العقود الأربعة الماضية، وأعتقد أنه حان وقت المُكاشفة معاً بهدوء وبدون غضب أو عصبية أو مزايدة على بعضنا البعض للرد على السؤال: هل ترضى أن يحصل من لا يستحق الدعم على حق من يستحق الدعم؟ حان الوقت للحديث الصريح الهادف حول: وصول الدعم لمستحقيه فقط.فالمُكاشفة والمُصراحة مطلوبان الآن قبل أى وقت آخر، ومَسك العصا من المنتصف أصبح غير مطلوب الآن، وإبداء الرأى بكل شجاعة فى القضايا الشائكة أصبح لا مفر منه، واللِعب على كُل الحبال لن يفيد أحداً، ولابد أن يجيب كُل منا عن السؤال الآتى: تطالب بتحقيق عدالة اجتماعية والاهتمام بالفقراء وحينما يتم تفعيل ذلك تغضب وتُعلن الرفض، ماذا يُضيرك من إقدام الحكومة على هذه الخطوة؟ أليس هذا ما طالبنا به منذ سنوات؟ أليس هذا هو التصرُف الصحيح وعين العقل وعين الحقيقة؟ذات مرة -والله على ما أقول شهيد- قُلت: سيُحاسب الله حكومتنا الرشيدة على إهدارها الأموال التى تُعطيها لمن لا يستحق وتحديداً لمن لديهم سيارات فارهة وتعطيهم دعم المواد البترولية الذى من المفترض أن يذهب للفقراء، حدث هذا قبل (عام ٢٠١١)، فالدولة تُدعم المواد البترولية وتبيع البنزين بأقل من نصف تكلفته، ويستخدم البنزين من لديهم سيارات وفى الوقت ذاته يجلس الفقير فى بيته وهو معدوم ولم يحصل على شىء ولم ينظر له أحد، وأعترف ونعترف جميعاً بأنه (غابت العدالة الاجتماعية سنوات طويلة).أليس الوقت مناسباً الآن لكى يشعر الفقير بأن الحكومة تهتم به وترعاه وتُقدم له خدمات يستحقها دون غيره، من تعليم مناسب وعلاج مناسب ومسكن مُلائم ورغيف عيش مُتوفر ومعاش تكافل وكرامة؟ هذا ما فعلته الدولة بالضبط فقد تمت زيادة مخصصات التعليم والصحة فى الموازنة العامة للدولة وتمت محاربة العشوائيات وتم القضاء عليها نهائياً وارتفع عدد مُستحقى تكافل وكرامة وما زالت فى طريقها نحو توسيع دائرة انتشاره لمن يستحق.باختصار، سيحاسبنا الله جميعاً على عدم وصول الدعم لمن يستحق، سيحاسبنا الله على إعطاء الدعم لمن لديهم سيارات وفيلات وشاليهات، والعكس صحيح طبعاً، سيحاسبنا الله على عدم وصول الدعم للمعدومين.ودعونى أبداً بنفسى وأقول بكل أمانة: أنا لا أستحق الدعم يا حكومة، لا أستحقه ويستحقه غيرى، فهل لدى البعض الذين يرفعون شعار (العدالة الاجتماعية) الاعتراف بذلك؟ أم أنهم بوجهين ويقولون ما لا يفعلون؟ هل سيأتى اليوم لنُصارح أنفسنا ونعترف ويقول كل منا (أنا لا أستحق الدعم يا حكومة)، دعونا نتسابق فى قول هذه الجملة، دعونا نُفسح الطريق لكى يحصل الفقير على حقه فى الدعم الحكومى، دعونا لا نُقاسم الفقير فى حقه من الدعم الحكومى ونتركه له بكل شجاعة.دعونا نتسابق فى دعم الفقراء.. فمن يدخل السباق؟ من سينطق ويقول كلمة الحق ويقول (أنا لا أستحق الدعم يا حكومة).