دولة الإخوان الأموية: مصحف للحكم.. وسيفان لقتل المعارضين

كتب: صلاح الدين حسن

دولة الإخوان الأموية: مصحف للحكم.. وسيفان لقتل المعارضين

دولة الإخوان الأموية: مصحف للحكم.. وسيفان لقتل المعارضين

التشابه واضح، والمأرب واحد، بين الجماعتين، فالجماعة التى تمارس العمل السياسى سراً وعلناً تحت ستار الدين، اختارت أن تدخل التاريخ من نفس بوابة «بنى أمية». تركب نفس السفينة، وتسير على نفس الدرب، مستخدمة الأدوات ذاتها. ما زال مشهد المصاحف المرفوعة على أسنّة السيوف والرماح، مخطوطاً بخط عربى مبين، فى بطون كتب التراث الإسلامية، ظاهره «تحكيم شرع الله» وباطنه «السلطة والقفز على عرش الملك» بعد النجاة من الهزيمة والنفاذ من عنق الأزمة.[Quote_1] لم تكتف «الجماعة» برفع المصاحف على أسنّة السيوف، بل حوّلت المشهد الأليم الذى استبطن الخدعة بين جنباته وفرّق الشعب شيعاً إلى مسلمين يحملون راية الحق وآخرين تئن أظهرهم بحمولات الضلال، بل صكّت من صورة الأزمة شعاراً لها، دمغته طيلة ما يزيد على 80 عاماً من الوجود إنه «السيفان اللذان تتلامس ذؤابتاهما مع جلد المصحف الطاهر الشريف». «إنما قتله من أخرجه». صاح بها اثنان. الأول كان «معاوية» ليرددها أنصاره الذين أصابهم الارتباك، بعدما تيقنوا أنهم الفئة الباغية التى تلوثت أيديهم بقتل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر، فأرجفوا فى الجيش تأويلاً بأن من قتله كان هم الفئة التى حرّضته على الخروج، وبعد عشرات القرون صاح بها محمود غزلان، المتحدث باسم الجماعة، ليبرر قتل الحسينى أبوضيف الذى قتلته الفئة الباغية التى صدرت لها الأوامر من قياداتها لسحق المعتصمين السلميين أمام قصر الاتحادية. وبنفس طريقة التفكير، أدرك حسن البنا أنه لن يكون له شأن إلا بجماعة «قبيلة» تتخذ من الدين منطلقاً ودعوة للوصول لعرش مصر، لينطلق من بعد لبناء الإمبراطورية الإخوانية العالمية، مستخدماً فى ذلك منهجاً متدرجاً للتغلغل والسيطرة على مفاصل الدولة، وصولاً لحلم التمكين، واستبقى على «الشعرة» بينه وبين النظام الملكى الذى سعى للتقرب منه علناً، واتخذ تنظيماً متغلغلاً فى قلب أجهزة الجيش والشرطة سراً، وعندما وقع فخ القتل، زجّ بجماعته فى غياهب السجون وبعد خروجهم علقوا قميص عثمان فى كل صوب وحدب. تراجعت فرص الجماعة فى الوصول للسلطة، بعدما تلطخت أيديها بدماء الساسة والقضاة، ولم تفلح مقولات زعمائهم التبريرية فى إقناع المصريين بأنهم كانوا براء مما فعل تنظيمهم السرى، إلا أن الجماعة أجادت ارتداء مسوح المظلومية، وأبكت كثيرين على ما تعرضوا له من قمع وتعذيب تحت أقبية السجون فى الستينات، فاستطاعت بعد أن أصابها الكبر وكاد ينقطع نسلها، تجديد دمائها، ولاحت الفرص الضائعة فى الأفق، مثلما لاحت لبنى أمية بعدما سقط فى أيديهم قميص «عثمان» معلقة عليه أصابع «نائلة». كان يرى «البنا» فى نفسه خليفة المسلمين الأحق بقيادتهم كما كان معاوية، وأن جماعته «العشيرة الربانية» هى المؤهلة لذلك، فالقبيلتان جبُلتا على حب السلطة والقيادة، ورأتا دائماً من نفسيهما القدرة الموروثة على ذلك.[Quote_2] بشّر «البنا» أبناءه بملك العالم لكنهم سيلقون فى ذلك عنتاً كبيراً.. البشرى ذاتها التى بشّر بها أبوسفيان أبناءه: «يا بنى أمية تلقّفوها تلقُّف الكرة، فوالذى يحلف به أبوسفيان ما زلت أرجوها لكم، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة». وبدأ «الإخوان» بتنظيم أنفسهم مبكراً، وتنظيم أوضاعهم الداخلية، والبحث عن مراكز السلطة والنفوذ لاستعادة مركزهم المفقود، كما كان الأمويون يستقطبون العناصر الموالية ويركزون وجودهم، ثم أتت الفرصة سانحة بعد الثورة حتى يقفزوا عليها لبناء الدولة الإخوانية فى مصر، التى تتشابه مع الشام، وعيّنوا «ولاة وأمراء وقادة فى الجيش والشرطة والقضاء» لا على أساس الكفاءة المطلقة، بل على أساس التبعية والولاء، ورفضوا الاستجابة لنداءات الإصلاح والتغيير والتخلى عن بعض من عشيرتهم المثيرين للجدل، وأقصوا الكفاءات واستبدلوا بهم أقاربهم من بنى الإخوان. ونكثت الجماعة عهودها بعدم السعى لرئاسة الدولة واحترام الدستور والقضاء ورفعت شعار «المشاركة لا المغالبة» وتعهدت بعدم غزو البرلمان بأكثر من الثلث، لكن حقيقة الأمر كانت مثلما نقضت الدولة الأموية اتفاق «عام الجماعة» الذى وقّعه معاوية مع الحسن بن على وحوّلوا الخلافة الراشدة إلى مُلك عضوض ووضع معاوية السيف على رقاب الصحابة وأرغمهم على بيعة بعدت عن أحكام القرآن الذى رفعه معاوية على أسنّة المصاحف ولم تحاكم الجماعة قتلة الثوار ولا رجالات النظام البائد كما عفا معاوية عن جميع من قتلوا عثمان بعدما بات الحكم بين قبضته. وفى سبيل توطيد الجماعة حكمها خرجت دعوات القتل والتكفير ولعن المعارضين من فوق منابر الفضائيات المؤيدة لها، كما أمر ملوك الدولة الأموية بلعن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه طيلة ما يربو على 90 عاماً إلى أن أوقفه الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز وفق قوله تعالى «إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْى»، وكما حكم الدولة الأموية ظهرت فتاوى تكفير المعارضين والدعوة إلى قتلهم تحت دعوى أنها أحاديث نبوية وردت عن النبى (صلى الله عليه وسلم).. وبدأ بعدها مسلسل القتل. «من أهان السلطان أهانه الله» و«اسمعوا وأطيعوا»، هو ذاته خطاب الإخوان، هى أحاديث بنى أمية الموضوعة، فخرج من مارس القتل بالمبرر الدينى فيطلق النار عند الاتحادية على من هو «مفارق لدينه مفارق للجماعة».[Quote_3] وكما تقرب الحجاج، سيف الدولة الأموية، لله بدم سعيد بن جبير وقال «تقربنا إلى الله بدمه» تقربت الجماعة إلى الله بــ5 من مديرى أبرز 5 صفحات على «فيس بوك» تعارض سياسة الإخوان ومناديبهم فى قصر الرئاسة، ومارسوا لعن المخالفين كما كان الأمويون يلعنون علىَّ بن أبى طالب على كل المنابر الأموية، ومن لم يلعن فلا خطبة له. واستخدم الإخوان، فى خضم الصراعات مع المعارضين، دعاة الدين الذين نجحوا فى استقطابهم إليهم من علماء السلفيين والهيئة الشرعية والحقوق والإصلاح، كما استقطب بنو أمية الحسن البصرى وأعلوا من شأنه بعد أن ارتضى الاقتراب من عرش السلطان وبات رجلاً سياسياً دخل فى كنف السلطة.. وأبعدوا الإمام أبى حنيفة النعمان وسجنوه وعذبوه.. حذافير التجربة تتكرر. ولم تهدأ الثورات ضد حكم الإخوان كما لم تهدأ ضد الحكم الأموى، لكن الإخوان لم يستطيعوا إخمادها حتى الآن كما استطاع الأمويون، لكن الجماعة تُسيّر الدولة ملكاً وراثياً للتنظيم «القبيلة» كما الأمويون، وتسعى لمصادرة كبرى لإرادة الأمة ومصادرة ومخالفة لأصول الشريعة ستؤدى حتماً إلى مقاومة الشعوب لهم ولو بالسلاح حتى يسقطوا ويفقدوا ملكهم هيبته ومكانته فى النفوس كما سقط ملك أمية على يد العباسيين. وتتجلى فلسفة الحكم السياسية التى وضعها معاوية عند الإخوان فى «الشعرة» بينه وبين الناس التى طالما سبقتها مقولته «إنّى لا أضع سيفى حيث يكفينى سوطى ولا أضع سوطى حيث يكفينى لسانى» ما يُعبّر عن المنهج المتدرج للبقاء، فلا حاجة للسيف طالما يكفيه السوط ولا حاجة للسوط طالما يكفيه اللسان. وتتكشّف الفلسفة الأموية فى الحكم الإخوانى بوضوح فى أن الإخوان على استعداد أن يتركوا الرعية تتحدث ما دام هذا الحديث لا يحول بينهم وبين ملكهم «إنّى لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا». أخبار متعلقة: بالإسلام.. حكم «الجماعة» فى ميزان «القرآن والسنة» الشخصيات «المزدوجة».. تُظهر خلاف ما تُبطن.. وتفعل عكس ما تقول المفكر الإسلامى جمال قطب: النفاق أشبه بـ«السرطان».. ويؤدى إلى فوضى تهدد أمن البلاد بروفيل: محمد بديع.. «القطبى» إذا حكم سنة أولى حكم.. انقلب «السحر» على «الساحر» كله فى الانتخابات.. حلال بروفيل: «عبدالرحمن البر».. مفتى «قتل المتظاهرين» «تركى» لـ«مرسى»: الحاكم الضعيف «فتنة» شعار المرحلة: أنا أكذب.. إذن أنا موجود «التقية» عند الإخوان.. كل شىء مباح مصطفى إسماعيل: اتخَذوا الدين «كوبرى» للوصول إلى السلطة دعاة على أبواب جهنم.. «إخوان البيعة» عضو فى هيئة كبار العلماء: بيعة «مرسى» للمرشد تبطل شرعية حكمه الرسول استعان بأهل «الخبرة والكفاءة».. والإخوان يستعينون بـ«الأهل والعشيرة» د. نيفين عبدالخالق : «مرسى» يخالف الشرع لأنه ليس حاكماً.. بل محكوم بإرادة جماعته «مغالبة لا مشاركة».. شعار إخوان السلطة «الخشت»: الرسول كان حريصاً على «التوافق» ولم يقل إن أبا سفيان «فلول» عند فتح مكة تجارة «الجاهلية».. ذئاب فوق جثث الفقراء نظام الإخوان يعيد الحياة لـ«دولة التجار» بروفيل: «الشاطر».. شهبندر التجار بروفيل: محمود عزت.. «الثعلب الحاكم» «الحجاج بن يوسف».. معلّم القرآن الذى هدم الكعبة إن الأصل عند الإخوان.. «الشتيمة» الطريق إلى الجنة يبدأ بـ«نعم» مبروك عطية: شرع الله لا يعرف لغة الغش وخداع الناس