ترتفع وتنخفض وتيرة الأنشطة الإرهابية فى أفريقيا، مع محاولة من الدول والهيئات الأممية لعلاج هذه الدوافع والأسباب المؤدية إلى الإرهاب، لا سيما فى قارة أفريقيا، التى تُعد من بين القارات التى تواجه التحديات الأمنية والاقتصادية، والنزاعات الداخلية، ومن خلال قراءة فى مشهد العمليات الإرهابية بالقارة الأفريقية خلال الربع الأول من عام 2024م، رصد مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف والإرهاب، أن القارة شهدت تصاعداً لجهود مكافحة الإرهاب، خاصة فى الصومال، وقد أدّى ذلك إلى تراجع النشاط الإرهابى فى القارة الأفريقية خلال الربع الأول من العام الحالى، مقارنة بالربع الأول من العام الماضى ٢٠٢٣م، بنسبة 40%.
واتخذت العمليات الإرهابية نمطين، وهما: المواجهات المسلحة المباشرة، التى أصبحت من أهم التكتيكات الرئيسية التى تستخدمها داعش والقاعدة؛ وتفجير العبوات الناسفة، حيث تعتمد التنظيمات على هذا الأسلوب فى تنفيذ عملياتها الإرهابية، كخطوة استباقية قبل اندلاع المواجهات المسلحة، وهى فرصة لخلق فوضى ورعب، يؤديان إلى خسائر بشرية ومادية هائلة.
هناك نجاحات حدثت فى الصومال، فحركة الشباب الصومالية التى تصدّرت المشهد خلال هذه الفترة من العام الماضى، تلقت ضربات أمنية موجعة، وقد أسهم الالتفاف الشعبى حول الحكومة الصومالية فى نجاح هذه الضربات، مما جعلها تنجح فى تحييد 518 عنصراً إرهابياً من حركة الشباب.
وفى آخر أبريل 2024، أعلنت مالى مقتل القيادى البارز «أبوحذيفة» التابع لتنظيم داعش الإرهابى غرب الصحراء الكبرى، خلال عملية واسعة النطاق فى شمال مالى، وقال الجيش المالى: إن وسائل التعرّف على الهوية والقرائن التى تم جمعها تؤكد مقتل الإرهابى المغربى، وأبوحذيفة كان مطلوباً من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتورّطه فى هجوم على القوات الأمريكية فى النيجر عام 2017، وهو داعشى متورّط فى تنفيذ الكثير من العمليات الإرهابية فى مالى والنيجر.
ويعود استهداف هذا الإرهابى إلى عدة تفسيرات: كالانتقام من استهداف آلية فى الجيش المالى، وهو ما تسبّب فى مقتل عدد من الجنود، وأيضاً الرغبة فى تصفية قادة الصف الأول لتنظيم داعش الإرهابى، لتثبيط العمليات الإرهابية لداعش من خلال اتباع استراتيجية «قطف الرؤوس»، التى تُعد نهجاً استراتيجياً قادراً على كبح الوجود الإرهابى، وأيضاً سد فجوة التراجع الغربى فى الساحل الأفريقى، حيث تواجه أمريكا رفضاً أفريقياً واسعاً لوجودها العسكرى فى دول التحالف الثلاثى «مالى، النيجر، وبوركينا فاسو»، وهذا الأمر سيؤدى إلى انعكاسات مرتبكة، منها محاولة تنظيم داعش مد نفوذه فى مناطق أخرى، وصعود تنظيم القاعدة فى مالى، وارتفاع موجة الإرهاب فى منطقة الساحل الأفريقى، كما جاء فى تقرير «القاهرة الإخبارية» للأستاذة ساجدة السيد.
والحاصل أن مقتل «أبوحذيفة» انتصار كبير للجيش المالى فى معركته ضد الإرهاب، وضربة قوية لتنظيم داعش الإرهابى فى أفريقيا، لكن الجيش المالى فى حاجة إلى التزود بمعلومات استخباراتية تمكنه من الاستهداف الصائب للإرهابيين، كما أن الوضع فى مالى لا يزال محفوفاً بالمخاطر، بسبب وجود حركات مسلحة تسعى للسيطرة، وبسط نفوذها، ويجب أن تكون هذه الانتصارات محفّزاً مهماً، وموضع استفادة لمزيد من الجهود فى محاربة الإرهاب.
كما أن الإرهاب الذى يُمارَس فى مالى أو الصومال أو موزمبيق من «داعش» أو «القاعدة» أو غيرهما من التنظيمات الجهادية الإسلامية، هو والإرهاب الصهيونى الذى يمارس ضد الشعب الفلسطينى، تتوحد نتائجهما من القتل والعنف والتهجير والدمار وتهديد الآمنين وخدمة أجندات مشبوهة.