مجندو الأمن المركزى يروون لحظات الموت على أبواب المديرية

مجندو الأمن المركزى يروون لحظات الموت على أبواب المديرية
اختلطت الدموع والتراب على وجوه مجندى الأمن المركزى الذين نجوا من العملية الإرهابية التى استهدفت صباح أمس مديرية أمن القاهرة.. وقف أحدهم منهمراً فى البكاء.. ممسكاً بهاتفه المحمول، متوسلاً للطرف الثانى فى المكالمة أن يطمئنه على زملائه الذين كانوا يقفون بجانبه منذ دقائق قليلة وتطايرت أجسادهم جراء الانفجار.
«يا باشا ربنا يخليك.. زمايلى راحوا على فين؟.. محمد وعلى دول كانوا جانبى من شوية قبل اللى حصل ده؟».. تغلبه الدموع وينهى المكالمة دون أن يتوقف عن البكاء، لكنه حتى تلك اللحظات لم يكن يعلم بخبر وفاة أحدهم ونقل الآخرين فى حالة حرجة إلى المستشفى، فقد ابتعد كغيره عن مكان الانفجار، وعاد ليجد مأساة يعيشها زملاؤه الذين تناثرت دماؤهم فى مكان الانفجار.
المجند «جورج» بالأمن المركزى.. وصف لـ«الوطن» تلك اللحظات بأنها من أسوأ اللحظات التى من الممكن أن يعيشها إنسان، يتوقف عن الحديث ويبتعد ليقف وحده، فيلتقط زميله المجند «شنودة. ح»، من محافظة أسيوط، أطراف الحديث، ويقول: «أنا باخدم فى الأمن المركزى منذ 8 أشهر تقريباً، واستلمت خدمتى فى مديرية الأمن، مع مجندى التأمين، وبعض الأوقات يكلفنا رؤساؤنا بتأمينات الدعم فى فض المظاهرات، كل يوم استلم خدمتى من الساعة 5 الصبح لغاية الساعة 4 العصر، وأول إمبارح اتجمّعنا أنا وزمايلى من المجندين واتغدينا مع بعض واتكلمنا عن الاحتفالات بتاعت ثورة 25 يناير، وقولنا يا ترى الإخوان هيعملوا فينا إيه فى الجمعة دى، والاشتباكات هتكون فين، وإحنا هنعمل معاهم إيه، ورد زميلى محمد يا عم ربنا هيسترها».
يضيف «شنودة» أنه فجر أمس تلقوا الإشارة من قائد السرية وطالبهم بالاستعداد للتوجه إلى مديرية الأمن واستلام مهام عملنا، وبالفعل لم تمضِ نصف الساعة، وتوجهوا إلى المديرية، وتمكنوا من الدخول وكانت الشوارع هادئة والتأمين بمحيط المديرية ومحكمة جنوب القاهرة. وأضاف: «اتفقنا أنا وزملائى أننا نجمع مبلغ علشان نشترى فطار، ولم تمضِ 15 دقيقة وفوجئت بانفجار شديد وانهيار بأجزاء المديرية وحاولنا الهرب ولم أشاهد زملائى بسبب الدخان والأتربة الكثيفة».
أمام محكمة جنوب القاهرة تجمع ما يقرب من 8 مجندين يمسكون بسلاحهم الميرى وحقائبهم وبعضهم كان مصاباً بكدمات وجروح يتردد عليهم المسعفون للاطمئنان عليهم ويعالجون البعض منهم، وروى أحد المجندين -طلب عدم ذكر اسمه- قائلاً: «حضرنا إلى المديرية لاستلام مهام عملنا كتأمين من الخارج، وعقب حضورنا شاهدنا سيارة نصف نقل ماركة (دايهاتسو) تركن أمام المديرية بين بابى الإدارة العامة للمباحث والباب الرئيسى لدخول مدير الأمن، وكان بداخلها شخص، ثم دخلنا المديرية وصعدنا فى الطابق الثانى، وطلب منى قائد التشكيل أن أتوجه إلى الباب الرئيسى بالقرب من المصعد لتبليغ أحد القيادات بمهمة، ففوجئت بلهب من النيران وموجة شديدة أسقطتنى داخل المكتب المواجه للبوابة الرئيسية للمديرية، ولم أشعر إلا بصراخ الأهالى من حولى يحملوننى ويخرجوننى من مديرية الأمن».[FirstQuote]
وأثناء تفقد «الوطن» حالة الانهيار شاهدت مجنداً يرتدى ملابسه الميرى والدموع تنهمر على وجهه والدماء والتراب يغطى جميع أجزاء جسده، ومصاب بجرح قطعى بالرأس يجرى مكالمة مع أحد زملائه: «ألووو أيوة يا جورج، انت فين أنا محمد، انت كويس وبخير، لا أنا معايا على وميلاد، زمايلنا اللى كانوا واقفين معانا مالقتهمش، طلعت الدور التانى ودوّرت تحت الطوب مالقتش حد فيهم، روحت سألت الظابط فقالى فيهم واحد مات والتانى فى المستشفى بس ماعرفش مين اللى مات، إلحقنى يا جورج إخواتهم بيتصلوا بيه مش عارف أرد عليهم، أنا جايلك قولى انت فين».
وقال المجند لـ«الوطن» إنه كان يقوم بخدمته فى المديرية بالطابق الأرضى فى تأمين عملية الدخول من الباب الرئيسى وفوجئ بالانفجار وتساقط الحجارة وانهيار الطوب من فوقه، وقال: «أنا عايز أطمن على زمايلى، دول أصحابى وبلدياتى، خايف أحسن حد يكون مات منهم».
أحد شهود العيان من المجندين قال إنه يقوم بتأمين المديرية من الخارج بالقرب من محكمة جنوب القاهرة وإن قيادات المديرية قامت بتأمين المبنى بالكامل ومنذ عدة أسابيع تم وضع حواجز خرسانية على بُعد مترين تقريباً من السور لمنع أى اقتراب سيارة من السور الحديدى الخاص بالمبنى، وشدّد مدير الأمن وقيادات المديرية على عدم ركن أى سيارة بالقرب من مبنى المتحف الإسلامى أو مديرية الأمن، وأن السيارة التى انفجرت كانت قادمة من منطقة السيدة زينب ومتجهة إلى منطقة الظاهر والشرابية. وتابع: «فوجئنا بالسيارة تتوقف بجوار السور على بعد 10 أمتار من الباب الرئيسى للإدارة العامة للمباحث، وكان بداخلها شخص يرتدى جلباباً وبشرته سمراء، وعندما توجه إليه المجند القائم بعملية التأمين، وطلب منه أن ينصرف حدث الانفجار».
أخبار متعلقة
مصابون فى «أحمد ماهر»: الانفجار وصل لداخل قاعات «محكمة جنوب» المجاورة لمديرية الأمن
«الحديدى» و«سحر».. بطلا المقاومة الشعبية فى البحوث والمديرية
النقيب «أبوشادى»: سيارة ظهرت فى الكاميرات.. وخرجت لإبعادها فانفجرت
أهالى «باب الخلق» بعد «الزلزال»: مش عارفين نعمل إيه ولّا نروح فين
أصداء التفجير: سعاد وأسرتها فى خيمة تحت البيت
الطب الشرعى: «بِلى» اخترق جمجمة وصدر وعنق المجند الشهيد فى الدقى
مصابو تفجير «القاهرة»: «عمر الإرهاب ما هيكسرنا»
أصحاب المحلات المحطمة: ربنا ينتقم من الإخوان خربوا بيوتنا
أم المجند «مصطفى»: هاتولى ابنى.. حرام عليكم
الناجى الوحيد من كمين بنى سويف: «الإرهابيين قتلوا زمايلى وهما بيشربوا شاى وبيتدفوا من البرد»
«جمال» ودع قريته فى صلاة العشاء ونال الشهادة
«محمد» يبيع الورد بجوار تفجير الطالبية.. «العمر واحد والرب واحد»