«منصور» الباشا يفقد هيبته بسبب شماعات الملابس الجاهزة ونداءات الباعة الجائلين

«منصور» الباشا يفقد هيبته بسبب شماعات الملابس الجاهزة ونداءات الباعة الجائلين
حين تصل إلى محطة مترو حلوان، تصطدم بعدد لا حصر له من الباعة الجائلين وزحمة الناس، قد تتردد فى طريقك بين العودة إلى بيتك، أو شراء احتياجاتك، وإذا اخترت الأخيرة، فعليك وقتها أن تتوجه لشارع منصور، أحد أهم وأقدم شوارع حلوان، فهو قلبها الذى لا يتوقف ليلاً أو نهاراً، يزدحم بالمارة ويمتلئ بالمحال التجارية، كل ما تريده ستجده هنا، فأنت الآن فى قلب المدينة التجارى.
الشارع الذى يربط مدينة حلوان بما حولها، حيث يمتد لعدد من الكيلومترات، يبدأ بمنطقة عين حلوان، إحدى أشهر عيون المياه الكبريتية فى مصر، والتى اكتسبت شهرتها بسبب كمية الكبريت المعالجة لعدد من الأمراض، وينتهى شارع منصور إلى منطقة 15 مايو، وصولاً إلى طريق الأوتوستراد، الشارع حالياً تكاد لا تجد له أثراً، فالباعة الجائلون قد شغلوه من كافة جوانبه، فضاعت ملامحه وسط الأقفاص وعربات اليد وشماعات الملابس الجاهزة، فيما تكفل المارة والزحام بالقضاء على ما تبقى من الشارع.
على أريكة إسفنجية فى أحد ميادين المدينة، يجلس فرح مخلوف، يرتدى جلباباً بلدياً، يقول إن عمره 42 سنة، كما يقول إنه يقضى وقته طوال اليوم فى شارع منصور، حيث يرعى تجارته من الحمام يقول: «أنا طول عمرى عايش هنا فى حلوان، اتولدت هنا وكبرت هنا وعمرى كله فى المكان ده».[SecondImage]
يتذكر «فرح» أيام الماضى، يشرد بذاكرته إلى ما كانت عليه مدينة حلوان، كانت هادئة وجميلة المنظر، لم يكن بها كل هذا الصخب، بينما الآن أصبحت أكثر ضجيجاً وازدحاماً، يروى فرح: «أيام زمان، حلوان كانت مدينة حلوة، شارع منصور ده هو قلب حلوان، إنما مفيش أى اهتمام بيه من الحكومة».
يتحدث «فرح»، الذى يضع أمامه عدداً من أقفاص الحمام، ومنضدة صغيرة، عليها دومينو يتسلى بلعبه مع أصحابه، فيضيعون الوقت الطويل الذى ينقضى دون حركة للبيع أو الشراء كما يقول، يعود «فرح» بذاكرته للوراء فيقول: «المنطقة هنا اختلفت عن زمان، أيام أحمد نظيف افتتح النافورة، والناس قالوا عليها «الصينية»، وبعد الثورة قالوا عليه «ميدان الشهداء»، ومن بعد كدا المنطقة لمت بقى اللى بيشربوا المخدرات والدعارة بالليل، فقريب منها مبنى أمن الدولة، وهو دلوقتى فاضى، وبقى الناس يستغلوه فى الأعمال دى».
يقول «فرح» إن اسم الشارع، يعود إلى منصور باشا، وهو كما سمع فرح «واحد من الباشوات أيام المماليك»، وحمل الشارع اسمه منذ وقت طويل، فى حين أن «فرح» سمع قصة أخرى يرويها أهالى المنطقة، مؤداها أن اسم الشارع يعود لمنصور أبوساعد، وهو أحد أعضاء عائلة يطلق عليها «عرب أبوساعد»، وكما سمع «فرح»، فإن «منصور» كان أحد كبراء هذه العائلة والمتصرف فى شئونها، فأطلقوا اسمه على الشارع.
سمع «فرح» الكثير عن الشارع وعن حلوان القديمة، يروى أنه طالما سمع كبار السن من السكان يتحدثون عن موكب الملك فاروق والذى كان يخترق «شارع منصور»، حينما يزور الملك حلوان، وكيف كان أهالى المدينة يصطفون فى طوابير طويلة على جانبى الشارع ليشاهدوا الملك الشاب وهو يجلس فى سيارته الكاديلاك الحمراء، فيشير إليهم بيده من السيارة، فيما هم يحيونه من الخارج بأيديهم ورؤوسهم.
شارع منصور الذى يوصف بأنه واحد من أقدم شوارع حلوان، يتقاطع مع شارع آخر لا يقل عنه قدماً هو الآخر، وهو الذى يحمل اسم عمر بن عبدالعزيز، والذى يمتد من شارع منصور حتى كورنيش النيل، وسمى بهذا الاسم تخليداً لذكرى الخليفة الأموى، عمر بن عبدالعزيز، خامس الخلفاء الراشدين، والذى تقول الروايات إنه ولد فى مدينة حلوان قديماً، وقت أن كان والده عبدالعزيز بن مروان والياً على مصر.
أخبار متعلقة:
«حلوان».. مرثية مدينة
حكاية مدينة .. من "منتجع عالمى" إلى أطلال يسكنها "التلوث"
النهضة الصناعية تمنح حلوان لقب «مدينة السموم الأولى»
كابيرتاج .. الطمى والمياه والشمع أشهر وسائل علاج الروماتيزم
«متحف الشمع» خارج التصنيف العالمى.. والحكومة أغلقته 5 سنين للترميم دون نتيجة
محطة المترو : صراخ الباعة الجائلين .. يرحب بكم
مرصد «حلوان» الفلكى.. حين تكتشف الأرض أسرار السماء
«الحديقة اليابانية» و«ركن فاروق».. هنا يلتقط أهالى المدينة أنفاسهم
مخرات السيول.. مقلب للقمامة نهاراً وكر للخارجين على القانون ليلاً