مخرات السيول.. مقلب للقمامة نهاراً وكر للخارجين على القانون ليلاً

مخرات السيول.. مقلب للقمامة نهاراً وكر للخارجين على القانون ليلاً
منخفضات بعمق 10 أمتار تنحصر بين جانبين، تكسو جدرانها كتل خرسانية صماء، حديثة المنشأ، أشبه بالحواجز المرتفعة كى تتمكن من محاصرة مياه السيول والأمطار الغزيرة التى تتدفق من أعلى الجبل عبر 6 وديان رئيسية تبلغ مساحاتها مئات الكيلومترات، تنهمر المياه بين ثناياها إلى مخرات السيول الخمسة القابعة فى حلوان حتى تصب فى نهر النيل، من أجل هذا أنشئت ترع السيل الممتدة من المنطقة الجبلية خلف مدينة 15 مايو بحلوان، التى تشق طريقها بطول 20 كليومتراً، مقسمة على خمسة مخرات للسيول تسير وسط المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية داخل الضاحية التى تقبع فى أقصى جنوب محافظة القاهرة.
المخرات الخمسة بمثابة الشرايين التى تحمى المنطقة من السيول التى لم تأت منذ زمن بعيد، لكن لا أحد إلا الله يعلم موعدها، غير أن المؤكد أن السيول إذا جاءت ومخرات حلوان تملأها تلال القمامة، سوف تكون الخسائر والضحايا كبيرة داخل مدينة حلوان وتوابعها، خاصة فى المناطق ذات الكثافة السكانية.
أول هذه المخرات فى المعصرة، وهو أكبر مخرات السيول حجماً وأطولها، وتليه مخرات حدائق حلوان وطرة وكفرعلو والتبين. لكن منذ ثمانينات القرن الماضى لم تحدث سيول فى منطقة حلوان، وتحولت هذه المخرات إلى مقلب لتجمع القمامة والحيوانات النافقة، كما تحكى كريمة عبدالمنعم ذات 50 عاماً بائعة خضار، مضيفة أن هذه المخرات تمثل كارثة بالنسبة لهم وأحد عوامل التلوث ونقل الأمراض لسكان المنطقة، حيث تقول إن الكارثة لا تكمن فى تحويل المخرات إلى مقلب للقمامة، ولكن تزداد المشكلة بإشعال النار فى أكوام القمامة، مما يتسبب فى خنق جميع السكان بالدخان الكثيف الناتج عنها، وتروى كريمة أنها وأهالى المنطقة عادة ما يقومون بالاتصال بالمطافئ لكنها تتجاهلنا بعد أن جاءت إلينا أكثر من مرة، ووجدت أن الحرائق تكون فى المخرات وليس فى البيوت، ومن يومها لا أحد يسأل فيهم.
وتضيف بائعة الخضار التى تقول إنها تعانى المرض «أنا عندى كرشة نفس وضيق فى التنفس، وأى شوية دخان تؤثر علينا، وكذلك أولاد بنتى الصغيرين يتأثرون بأى دخان»، خاصة -كما تقول- أن مناعتهم ضعيفة ولا يتحملون الدخان أو رائحة الزبالة والحشرات التى تعيش فيها، موضحة أنه رغم الشكاوى المتكررة لا يقوم مسئولو المدينة بتنظيف هذه المخرات إلا قبل فصل الشتاء مباشرة، استعداداً لحدوث السيول.
من ناحية أخرى، فإن مجلس مدينة حلوان قام بتبطين جدران هذه المخرات بالخرسانة المسلحة، بعد هدم التعديات عليها، خاصة فى المنطقة القابعة وسط المناطق السكنية، لكنهم لم يستطيعوا القضاء على تحويلها إلى مقلب قمامة، حيث يأتى عشرات الزبالين من عزبة كمال صدقى، كما تقول كريمة، ويقومون بفرز القمامة المتراكمة داخل هذه المخرات، ويشعلون النار فى المخلفات التى لا يحتاجون إليها.
فى المساء تتحول هذه المخرات إلى أوكار للمدمنين كما تقول كريمة التى تجلس فى المكان منذ أكثر من 30 سنة، قائلة «مع سواد الليل يظهر البلطجية فى المخرات ويقعدوا فيها وياخدوا مخدرات»، وفى نفس الوقت لا يستطيع أحد من أهالى المنطقة اعتراضهم أو التشابك والتصادم معهم خوفاً من حدوث مشاكل معهم، ويستغل هؤلاء حالة الانفلات الأمنى لفرض سيطرتهم على المكان.
وكل ما تتمناه السيدة الخمسينية أن تقوم الحكومة باستكمال الضلع الرابع من خلال تسقيف سطح المخر ليصبح جاهزاً لقدوم السيل فى أى وقت، وفى نفس الوقت من الممكن أن تستغل الحكومة سطحه بعد إغلاقه لعمل أكشاك وتأجيرها لأهالى المنطقة الغلابة كما تقترح.
أخبار متعلقة:
«حلوان».. مرثية مدينة
حكاية مدينة .. من "منتجع عالمى" إلى أطلال يسكنها "التلوث"
النهضة الصناعية تمنح حلوان لقب «مدينة السموم الأولى»
كابيرتاج .. الطمى والمياه والشمع أشهر وسائل علاج الروماتيزم
«متحف الشمع» خارج التصنيف العالمى.. والحكومة أغلقته 5 سنين للترميم دون نتيجة
محطة المترو : صراخ الباعة الجائلين .. يرحب بكم
مرصد «حلوان» الفلكى.. حين تكتشف الأرض أسرار السماء
«منصور» الباشا يفقد هيبته بسبب شماعات الملابس الجاهزة ونداءات الباعة الجائلين
«الحديقة اليابانية» و«ركن فاروق».. هنا يلتقط أهالى المدينة أنفاسهم