لقد مرت إحدى عشرة سنة على ذكرى 30 يونيو، التى ستظل فى ذاكرة التاريخ، لأنها أثبتت وعى الشعب المصرى بخطورة الظروف التى تمر بها البلاد، واستجابة وزير الدفاع فى ذلك الوقت سيادة المشير عبدالفتاح السيسى لنداء الشعب المصرى، فقد أقسم للشعب بأنه سيحميه من الجماعة التى كانت تقود البلاد فى ذلك الوقت العصيب، وكان هدفها بيع مصر للغرباء والانتقام من المصريين الذين لا يرضخون تحت طوعهم.
وفى هذا اليوم شاهدنا الملايين من المواطنين الكرماء والشرفاء الذين نزلوا فى ميادين مصر وربوعها، حتى إن هذا العدد الغفير لم يكن متوقعاً من المصريين ولا العالم أجمع، كما أنه كان بمثابة صدمة وضربة قوية لجماعة الإخوان، التى كانت بلا انتماء لوطنها ولا ناسها ولا هوية لها.
مما يجعلنا نتساءل: «ما دور المركز الكاثوليكى المصرى للسينما فى هذا الشأن؟» مما لا شك فيه أن المركز الكاثوليكى لا يتطرّق للأمور السياسية، ولكن فى هذا الموقف الوطنى أراد أن يكون له دور إيجابى من أجل الخير العام، وكان ذلك من خلال التوعية، وتشجيع بعض الفنانين والعامة على ملء استمارات تمرد احتجاجاً على الوضع الذى وصلت إليه البلاد والديكتاتورية التى مارستها الجماعة الإرهابية المحظورة، وبخاصة بعد الإعلان الدستورى المُكمل وإقالة النائب العام، كما شارك المركز فى الوقفات الاحتجاجية، التى نُظمت من قِبل المثقفين والفنانين للحفاظ على هوية مصر الفنية والثقافية والوطنية، خاصة الوقوف بجانب د. إيناس عبدالدايم، التى كانت مديراً لدار الأوبرا المصرية فى ذلك الوقت، وكان وزير الثقافة الذى ينتمى للجماعة يريد إقالتها من هذا المنصب. كما سعى المركز الكاثوليكى للسينما للاستمرار فى أنشطته الفنية والاجتماعية والإنسانية، من خلال المهرجان السنوى الذى يقيمه للاحتفاء بنخبة من الفنانين والمثقفين، واحتفالية «يوم العطاء» التى كان يتم فيها تكريم أسماء الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين والأشخاص الذين كان لهم دور مؤثر وفعّال فى وطننا العزيز، كما قدمنا حفل ترانيم الميلاد (الكريسماس) الذى يحييه كورال كنيسة سان جوزيف بوسط البلد داخل الكنيسة، تحت قيادة الأب بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكى للسينما، من أجل أرواح شهداء الكنائس ومسجد الروضة بالعريش، والذى كان يحضره أكثر من ألف وخمسمائة شخص من جميع الأوساط مسلمين ومسيحيين. كما قام المركز الكاثوليكى بلفتة ومبادرة إنسانية وهى زيارة جميع المصابين جراء العمليات الإرهابية، سواء من القوات المسلّحة أو الشرطة أو المدنيين أو المساجد والكنائس أو مصابى موكب وزير الداخلية والنائب العام.
وقد جاءت هذه المبادرة بدعوة من الأب بطرس دانيال للفنانين والمثقفين للقيام بهذه المهمة الوطنية والإنسانية، التى فيها قمنا بإهداء كل شخص منهم نسخة من القرآن الكريم والورود والشكولاتة وعلم مصر، وكانت هذه اللحظات مؤثرة جداً عندما كان يشاهد الفنانون والمثقفون شباباً كان يحمى وطنه وأهله، وفقد أحد أطرافه بدون ذنب، كما كانت تعمّ السعادة على وجوه الزائرين والمصابين لهذا اللقاء الثرى، والذى يدل على العرفان بالجميل.
وهناك استمعنا لحكايات مؤثرة جداً عن التعذيب وعدم الإنسانية من هؤلاء الإرهابيين، دون رحمة أو شفقة. مما لا شك فيه أن هذا العنف وهذه الأعمال الإرهابية دفعت الشعب المصرى وقامت بتشجيعه للنزول فى الميادين والشوارع، للتخلص من هذه الفئة الغريبة. هناك تعرّفنا على قصص ومواقف حقيقية غريبة، لا إنسانية ولا رحمة فيها من قِبل الجماعة المحظورة.
هذه الفئة صعدت للحكم ومكثت فيه عاماً لا مثيل له، جعلت مصر تفقد أشياءً كثيرة، على الصعيد المحلى والدولى، لأننا كنّا نفتقد تعاطف الشعوب معنا، معتبرين مصر بلداً غير آمن، وغارقاً فى أعمال إرهابية.
لكن كانت عندنا ثقة فى الله تعالى الذى سينتشلنا من هذا المستنقع. ومن المستحيل أن ننسى الأقنعة التى سقطت من على وجوه كثيرة، وكانت لها أجندات خاصة، وكان الهمّ الأول لأصحابها التربح على حساب مصلحة البلاد ومصير الناس، كما ظهرت فئات غريبة فى بعض المجالات، تسعى إلى سقوط مصر، ولكن الحمد لله تم اكتشاف مخططها والقبض عليها فى أسرع وقت.
وكما يقول الكتاب المقدس: «كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله». لهذا لم ييأس شعبنا العظيم جراء كل هذا، ولكنه اكتسب خبرةً كبيرة يستطيع بها التمييز بين ما هو صالح وما هو طالح، بين الأشخاص الحقيقيين الذين يحبون وطنهم، وهؤلاء المندسين الذين يدّعون التديّن، ولكنهم فى الواقع بعيدون كل البعد عن الدين الصحيح وتعاليمه.
حفظ الله مصر وشعبها، وتحية خاصة فى هذا اليوم إلى رجال القوات المسلحة البواسل ورجال الشرطة والمخابرات الذين قدّموا وما زالوا يقدمون الكثير من البطولات والتضحيات لننعم بالأمن والأمان تحت رعاية قائدنا ورئيسنا المحبوب عبدالفتاح السيسى، تحيا مصر، وكل عام ونحن جميعاً بخير وسلام.
* مدير المركز الكاثوليكى المصرى للسينما