محمد أحمد الراشد، أحد أبرز قيادات الإخوان المسلمين في العراق، ومن أهم منظّري الحركة الإسلامية، ومثلت كتاباته جذراً لجماعات العنف كالقاعدة وداعش، ولكن ليس بالصورة الفجة التي كان عليها سيد قطب، فروح سيد قطب دبت فيه، ولكن بصورة أقل حدة، وأكثر تكتيكية وذكاء ومهارة.
أصدر «الراشد» عدة مؤلفات غذَّاها بعبارات تدعو لتنظيمات جهادية خارج إطار الدولة الوطنية، وأصدرت الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية، رسالة بعنوان: (الموازين الجهادية في كلام محمد أحمد الراشد)، حشدت فيه النقول المستلة من كتبه، والتي فيها تحليل لكثير من ظواهر العمل الجهادي، وطُبعت في 2008م.
يعلى «الراشد» من الاستعلاء بالإيمان قائلاً: «نحن أصحاب المحراب والجهاد والزكاة والأمل والكرم والشجاعة والحلم، وعلينا أن نثق بأنفسنا، وأن نبادر إلى احتلال الصدارة في هذه الحياة، بشعور الاستعلاء الإيماني، إنه صراع الخير والشر أمامنا من قبل، ونخوضه اليوم».. كما جاء في كتابه: (أصول الإفتاء).
ويدعو إلى المفاصلة والاستعلاء، لكنه لا يستعجل مرحلتها فيقول: «نعم الحساب واجب، والتخطيط الموزون فرض، والتهور مرفوض، ولا بد من استيفاء المراحل، وحسن الاستعداد وربط أوصال الأمة إذا كانت مفككة قبل أي تفكير في اللجوء إلى المفاصلة»
ويذهب إلى أن «الجهاد والحديد بالأيدى المتوضئة هو الصحيح، فالجهاد اليوم هو عنوان المرحلة القادمة من عمر الدعوة الإسلامية، ووُصفت الدعوة في بعض مراحلها بأنها في مرحلة التأسيس، ثم وصفت بأنها في مرحلة الانتشار، ثم وصفت بأنها في مرحلة الصحوة، ثم وصفت بأنها في مرحلة التخصص والبناء المؤسسي، اليوم تدخل الدعوة طوراً جديداً بهذا العدوان الأمريكي الذي لن يقتصر على العراق» كما في كتابه: (بوارق العراق).
والأستاذ الراشد هنا يتحدث عن الجهاد ضد العدوان الأمريكى على العراق، لكنه يدعو جماعته وتنظيمه وليس الجيش العراقى للجهاد، ومن ثم تكون الفوضى والتهور والمجازفة والمغامرة والارتجال والحماس الطائش هي الأساس، تحت راية الجهاد الإسلامى، وهو ما فعلته داعش والقاعدة وفروعهما في عدد من الدول.
و«الراشد» عنده ذكاء شديد ومهارات في الكتابة، ومن ثم فهو لا يدعم الأعمال الجهادية للحركة الإسلامية دعماً مباشراً متهوراً، لكنه يدعو للاستعداد والتمهيد والتدرج واختيار الظرف، حتى تحقق أهدافها المرجوة، فيقول ما خلاصته: «أصحاب الأشواق الجهادية النارية الذين لا يعترفون باستعداد وتمهيد وتدرج واختيار ظرف فيه مواتاة، وكلنا نؤمن بالجهاد ونحب الشهادة، وهتاف دعوتنا العتيد بأن «الجهاد سبيلنا»، ولكن نؤديه ضمن الشمول، ونمارسه ضمن التخطيط بعيد المدى والاستعداد، والأشواق العاطفية أمر غير الجهاد الواعي المحكوم بخطة ومقدرة والذي تلزمه قيادة ماهرة وجندية مرتبة»، كما في كتابه (منهجية التربية).
ولكن تصورنا -كما يقول الراشد- للاستدراك الناجح الذي يلج من باب العاطفة، إنما يكون من جماعة منظمة ذات منهجية وقيادة وجندية وخبرة تخصصية، ويمدون أيديهم لكل جماعة وعالم من أجل تكوين حلف عريض يجهر بأن الإسلام هو الحل وأن الجهاد هو الطريق، ويجب التمييز بين جهاد له أهداف ووضوح ومنهجية والتزام وإرث تجريبى وتنفيذ مصلحى ومرونة لا تأبى تبدلاً، يسميها الراشد (التكتيك)، وبين جهاد آخر تزاحم به قلة فوضوية ترتيبات الأكثرية، فتلجأ إلى التعالي على الناس، ويكون ديدنها الإسراع إلى قتل الرهائن، واستعمال السلاح.
والحاصل أن الراشد واحد من قيادات ومفكري جماعة الإخوان الذي دبت فيه روح سيد قطب، وما نتج عن ذلك من آثار كارثية.