أتذكر جيداً تلك الرحلة، كانت إلى مدينة برشلونة، وفى أحد أيامها كنت داخل الاستاد، قبل ٣٠ دقيقة تقريباً من مباراة لنادى برشلونة فى بطولة الدورى الإسبانى، ويشارك فيها ميسى فى عز تألقه، كان الحضور من مختلف الجنسيات، وقتها كنت أمسك علم برشلونة حينما طلبته منى فتاة لبنانية كانت برفقة صديقاتها لكى تلتقط صورة معه، وعندما سمعتنى متحدثاً لأحد أصدقائى، قالت «مصرى»، ثم بدون تحضير رصّت إفيهات الزعيم عادل إمام هى وصديقاتها، مع محاولاتهن تقليد تعبيرات وجهه المميزة.. فمرّت أمامى مشاهد من أفلامه فى وقت أيقنت فيه أن الممثل المصرى الأسطورة فخر لنا كقيمة فنية لا تتكرر.. كما يعتبر الأرجنتينيون أن ميسى فخر لهم كقيمة رياضية.. وكرموز عدة فى بلاد ومجالات مختلفة فى الفن والرياضة والعلم والأدب وغيرها.
أعمال الزعيم لا تُنسى، أفلام، مسلسلات ومسرحيات أضحكتنا وأبكتنا.. يحفظها محبوه فى الوطن العربى كباراً وصغاراً.. فأثناء سفريات قُمت بها خارج مصر خلال سنوات مختلفة.. قابلت أصدقاء عرباً من السعودية، الكويت، المغرب، تونس، وغيرها، ودائماً يتخلل الحديث معهم عن الزعيم وأفلامه وضحكته وإفيهاته، فهو الرجل الذى يحبه الجميع، والحاضر فى أغلب الجلسات بفنه ونجاحه وذكائه.
تساءلت كثيراً، لماذا يجتمع الناس على حب عادل إمام؟، مهما اختلفت الجنسيات ومر الزمن وتعاقبت الأجيال، يظل هو على القمة بنفس جماهيريته وتألقه ويفوز بحب الناس. وكأنه عاش ليُطبّق الجملة الحوارية التى قالها فى فيلم «الإنسان يعيش مرة واحدة» من تأليف وحيد حامد وإخراج سيمون صالح، وهو من الأفلام التى أتأثر بها بشدة، ففى أحد مشاهد الفيلم قال عادل إمام الذى قام بدور «هانى» ليسرا، التى قامت بدور دكتورة أمل: الإنسان بيعيش مرة واحدة بس.. علشان كده لازم يعيش كسبان على طول.. حتى إذا خسر لحظة.. لازم يكسب اللحظة التانية. والزعيم عاش ليكسب، لا يحب الخسارة، يكسب قلوب الجماهير، يكسب فى شباك التذاكر، فى لمّة المشاهدين حول عمل له عندما يطل على شاشة، وبحضور الناس من كل مكان لمشاهدة مسرحياته التى استمرت عروضها لسنوات.
وقد يكون وجوده بالقمة لسنوات يعود إلى عدة أسباب، أولها منحة ربانية من الله الذى وهبه كاريزما طاغية ومحبة غير عادية وقبولاً عند الناس، بالإضافة إلى موهبته الكبيرة.. وذكائه وحسن اختياره لأعماله وثقافته، وإخلاصه لكل ما قام به، فهو عاش مخلصاً للفن الذى قدّمه، سينما، مسرح وتليفزيون، مخلصاً لأسرته، لكلمته، لمجتمعه وبلده.. ولجمهوره فى كل مكان. ومن متابعتى لمسيرته، أتعجّب كثيراً من كم الأفلام المتنوعة التى تألق فيها، لحد أنه فى عام ١٩٨٣ قدّم ٧ شخصيات شديدة الاختلاف فى أفلام «حب فى الزنزانة.. المتسول.. خمسة باب.. ولا من شاف ولا من درى.. عنتر شايل سيفه.. الغول والأفوكاتو».. وبعدها بعام واحد قدّم ٧ أفلام أيضاً وهى «الحريف.. واحدة بواحدة.. مين فينا الحرامى.. حتى لا يطير الدخان.. الهلفوت.. اتنين على الطريق.. احترس من الخط». فهو أسطورة مصرية قدّم أفلاماً أيقونية فى مسيرة مميزة نفخر بها فى كل مكان أمام الجميع. واليوم ومع عيد ميلاده. أتذكر كلمته الصادقة عندما قال: شىء عظيم الفن، جميل هذا الاختراع المدهش، إيه السينما دى؟ إيه الاختراع الجميل ده.. إيه الشىء العظيم اللى إحنا شُفنا نفسنا بيه، شُفنا التاريخ الإنسانى، شُفنا الطباع الإنسانية الجميلة، شُفنا الأخلاق الجميلة، بلد بلا فن هى بلد بلا ضمير، بلد جامدة، إحنا البلد الوحيدة فى المنطقة اللى عندنا أوبرا، عندنا باليه عندنا فن تراث بديع جميل»، وأضيف على كلامه أن إحنا البلد الوحيد اللى عندنا فنان أسطورة لا يتكرّر كالزعيم عادل إمام. أتمنى للرجل الذى يحبه الجميع، للزعيم الأكثر إخلاصاً للسينما المصرية خلال تاريخها، أن يكون دائماً فى أحسن حال وسعادة بقدر ما أسعد جمهوره فى كل مكان