يعتبر عادل إمام بالفعل «الزعيم» أو كما يطلق عليه جمهوره العريض «زعيم الفن»، أو «حريف الفن»، وهو ليس فناناً فحسب، وإنما شخص وطنى فى المقام الأول، لأن معظم أفلامه تناقش قضايا وطنية، وتهتم بالشأن العام، وأذكر فى عام 2009 أقمنا احتفالية فى المركز الكاثوليكى المصرى للسينما، حملت عنوان «مشوار نجم»، وكان الهدف منها تكريم عادل إمام، وبالفعل، جهزت له فيلماً تسجيلياً لعرض أفلامه وملخصاً بأفلام وشخصه الجميل، ومواقفه الطريفة، وكنا ننوى وقتها الاحتفال بعيد ميلاده، ضمن فقرات الاحتفالية، وقتها لم يصدق أحد من حولى أن عادل سيحضر الحفل، وتسرب القلق لنفسى من عدم حضوره التكريم، خاصة أن كل من حولى أقنعنى أنه لن يأتى، لأنه يتعمد تقليل ظهوره فنياً، ولكنى فوجئت بمكالمة منه يستأذن فى الحضور بصحبة الدكتور المثقف وسيم السيسى، ووصل بالفعل، وفوجئت بتواضعه وقتها، ودخلنا فى حوار معه وتحدثنا عن لقائه مع ياسر عرفات وتحدث بكل بساطة مع الناس، وكان جاهزاً لأن يجيب عن أى سؤال مطروح عليه.
أتذكر أن عادل إمام قال وقتها كلمة ما زالت محفورة بداخلى «لو المركز الكاثوليكى إدانى حتة حديدة أنا أفتخر قدام أحفادى أنها من المركز وأشيلها فوق راسى»، طبعاً سجلت هذه الكلمة بكاميرا الفيديو حتى تكون ذكرى لكثير من الأجيال، وكنت فى غاية السعادة خلال الاحتفال، خاصة أننى حتى ليلة الاحتفال كل أفراد المركز الكاثوليكى كان يقول إنه من المستحيل أن يأتى إلى الاحتفالية، ولكن الزعيم اتصل بى وطمأننى والتزم بالميعاد، ودخل فى جلسة حوارية امتدت لساعتين مع الجمهور.
قبلها وفى عام 2005 ذهبت لحضور مسرحية «بودى جارد»، لم نكن وقتها قد تعارفنا بصورة شخصية، لكنه استقبلنى فى المسرح أجمل استقبال فى حياتى كلها، وجلسنا سوياً لمدة ساعة كاملة، وظل يضحك ويهزر من قلبه، فهو فنان رائع ووطنى وله محبة كبيرة فى قلبى، فهو رمز مهم لمصر كلها وبالفعل أمتعنا.
ولمن لا يعرف الزعيم عن قُرب، فهو رجل متواضع، وأكبر مثال على ذلك أنه قال جملة أمامى، أنا لا أذكرها الآن، لكنه استشعر فيها أنه ربما جرحنى بها، فعاد بعد ثلاثة أشهر ليعتذر لى عن الجملة، ووقتها تعجبت كثيراً خاصة أننى لم أتذكر الجملة، ولكنه كان حريصاً على ألا يترك غصة فى قلب أحد أو يحرجه، ما يعكس جمال شخصيته، فيكفى أنه كلما رآنى فى أى مكان يجرى علىّ ويقول جملة «أنت راعى الفن والفنانين».
لم أعد ألتقى عادل الآن، لكننى حريص على أن أتواصل مع أبنائه وشقيقه عصام من أجل الاطمئنان عليه بعد سنوات طويلة من النجاح الكبير والفن الذى أمتعنا، كل عام وفناننا عادل إمام الرائع والمحترم والمبدع بخير وسلام وصحة وسعادة وبركة، نشكره على كل ما قدّمه لنا من إبداعٍ وفنٍ رائع ومميز حتى إنه كان يخاطر بحياته من أجل وطننا العزيز، عندما كان يتناول قضايا شائكة تمس الإرهاب والتطرف. نطلب من الله أن يباركه ويحفظه من كل سوء ويمنحه العمر الطويل لإسعاد جمهوره الراقى