من «البندقية» إلى «الدوشكا».. 4 خطوط لتهريب السلاح

كتب: أيمن محسن

من «البندقية» إلى «الدوشكا».. 4 خطوط لتهريب السلاح

من «البندقية» إلى «الدوشكا».. 4 خطوط لتهريب السلاح

فى سيناء تستطيع امتلاك أى سلاح خفيفاً كان أو حتى ثقيلاً، يمكنك أيضاً امتلاك مضادات للطائرات، أو الدبابات إذا شئت، فقط عدة آلاف من الجنيهات ويصبح بحوزتك أى نوع من السلاح، لن تتعرض لتعقب الأجهزة الأمنية، فقط جهز أموالك، واستلم السلاح، وابدأ فى إطلاق النار فى أى مكان وعلى أى شخص، حتى إن كان ذلك داخل شوارع عامة تكتظ بالمارة والسكان، أو بالقرب من مقرات الأجهزة الأمنية، ما عليك إلا أن تكون مستعداً للضغط على الزناد. سيناء فى السنوات الأخيرة أصبحت متجراً، وممراً أساسياً للسلاح من كافة أنحاء مصر، والدول المجاورة وقطاع غزة، فى ظل غياب الأمن. وشهدت الفترة الأخيرة توتراً غير مسبوق بسبب انتشار السلاح بين الأهالى بكافة طبقاتهم، وأيديولوجياتهم فى ظل غياب القانون والأمن، خاصة بعد سقوط نظام القذافى فى ليبيا، حيث تحولت سيناء إلى متجر كبير، وممر لتهريب كافة أنواع الأسلحة الحربية، والقتالية الخاصة بالجيوش النظامية. تهريب الأسلحة إلى سيناء بدأ منذ أواخر عام 2000، وكان يقتصر على بنادق الكلاشينكوف، والذخيرة القادمة من صعيد مصر، سعر البندقية كان يتراوح بين 10 آلاف و12 ألف جنيه، وسعر الرصاصة يبدأ من جنيه ويصل إلى 3 جنيهات. وفى عام 2002، بدأ تجار السلاح يجلبون بنادق «إم 16» من الأردن عن طريق العقبة فى البحر الأحمر، ومن ثم تنقل بواسطة لانشات بحرية إلى المنطقة الواصلة بين مدينتى طابا ونويبع فى جنوب سيناء، وبعد ذلك تشحن فى سيارات «تويوتا» إلى رأس النقب والكونتلا، أو الحسنة والقسيمة وسط سيناء، وصولاً إلى المناطق الحدودية فى الشمال، وبعدها إلى قطاع غزة عبر أنفاق صغيرة للغاية من داخل بعض المنازل فى رفح المصرية. لكن خط التهريب من الأردن لم يبق كثيراً بعد أن اكتشفته إسرائيل، واستهدفت لانشات التهريب فى عرض البحر، بعدها فتح خط جديد للأسلحة واصل بين اليمن والسودان ومن ثم إلى سيناء بين عامى 2002 و2010. وكانت الأسلحة تنتقل من اليمن إلى السودان عبر البحر، ومن ثم تنقل من السودان إلى داخل مصر فى منطقة حلايب عن طريق إحدى القبائل السودانية، ومنها إلى الصعيد بواسطة قبائل، إلى أن تصل الأسلحة إلى السويس أو القنطرة غرب بعد تسليمها لقبائل بدوية هناك أيضاً. وتنقل القبائل البدوية فى السويس، أو القنطرة غرب، السلاح إلى سيناء بطرق متعددة، منها سحب السلاح فى مراكب صغيرة عبر قناة السويس، إلى أن تصل إلى الضفة الغربية حيث يتسلمها مجموعة من المهربين فى سيناء، ثم تنقل الشحنة عبر طرق وعرة بوسط سيناء وصولاً إلى مناطق ومخازن ما قبل التهريب على حدود غزة فى شمال سيناء. وهناك عدة طرق لمرور الأسلحة من قناة السويس إلى سيناء، بحسب أحد تجار الأسلحة، منها تهريبها مخبأة فى بضائع أو شاحنات غلة أو برسيم أو سباخ إلى أن تدخل سيناء. وكانت كافة أنواع الأسلحة حتى سقوط القذافى فى ليبيا لا تتعدى الأسلحة الرشاشة الخفيفة، لكن بعد ذلك بدأ المهربون فى فتح خط جديد، يبدأ من البندقية الكلاشنكوف وينتهى بصواريخ ومضاد للطائرات والدبابات. وتهرب الأسلحة من ليبيا عبر الحدود إلى الضبعة فى مطروح ومن ثم العامرية انتقالاً إلى وادى النطرون والطرق الصحراوية وصولاً إلى السويس أو القنطرة غرب، وبعد ذلك ينقل السلاح إلى سيناء عبر سيارات الإسعاف، أو شاحنات البضائع «كونتنر» بقفل غير مصرح لقوات الأمن فتحه إلا داخل الموانئ فى الجمارك، حيث تعبر هذه الشحنات إلى سيناء من خلال كوبرى السلام أو نفق الشهيد أحمد حمدى. وكانت معظم هذه الأسلحة فى بداية الأمر تدخل خصيصاً لفصائل المقاومة الفلسطينية، إلى أن امتلأت غزة بالأسلحة مما أدى إلى فتح سوق تجارى للسلاح فى سيناء للأهالى والمواطنين وبعض الجماعات المتشددة. وقال أحد تجار السلاح فى سيناء، رفض ذكر اسمه: «الأسلحة باتت فى متناول الجميع بعد ثورة 25 يناير والثورة الليبية، أنواع الأسلحة وأسعارها كالتالى: بندقية كلاشنكوف روسى 12 ألف جنيه، بندقية إم 16 تتراوح من 20 إلى 25 ألف جنيه، بندقية فال 15 ألف جنيه، دوشكا مضاد للطيران 750 بـ70 ألف جنيه، دوشكا مضاد للطيران 500 بـ50 ألف جنيه، قاذفة مدرعات «آر بى جى»، 20 ألف جنيه، ويبلغ سعر القذيفة ألف جنيه، قنبلة يدوية 100 جنيه، مسدس جلوك 17 بـ20 ألف جنيه، مسيل للدموع 100 جنيه. ويقول سلامة الرقيعى، عضو مجلس شعب سابق عن حزب الإصلاح والتنمية فى شمال سيناء: «السلاح فى سيناء تسبب فى اضطرابات وإخلال بالأمن العام». وطالب الرقيعى بتسهيل إجراءات ترخيص السلاح فى سيناء لتقنين انتشاره. ويقول الدكتور عبدالرحمن الشوربجى عضو اللجنة العليا لحزب الحرية والعدالة فى شمال سيناء، إن وجود الأسلحة فى سيناء يمثل إشكالية كبيرة، خاصة أن سيناء مستهدفة من العدو الخارجى الذى يعمل على مخططات لحروب قبلية فى المنطقة، ووجود السلاح مع الجميع يعرض المنطقة لأخطار كثيرة. ويرى سعيد اعتيق، ناشط سيناوى، أن السلاح فى سيناء واجب شرعى مع توافر شرط العقلية الوطنية للتحكم فى السلاح وتحويل اتجاهه صوب العدو الصهيونى، فى ظل قيود اتفاقية كامب ديفيد لقتل فكرة أى هجوم إسرائيلى قد يحدث على سيناء، وشدد على أهمية توافر العقلية الوطنية للتحكم فى السلاح لصالح مصر، وليس لأى فكر أيديولوجى متشدد، على حد قوله. من جهته، يقول عبدالقادر مراحيل، من شباب قرية الجورة شرق مدينة الشيخ زويد، إن «انتشار السلاح فى سيناء ليس تمرداً من أهلها ولا عصياناً على القانون، ولكن هو إهمال الدولة نفسها فى تنفيذ القانون وبسط سيطرتها الإيجابية التى تخدم المواطن وتضمن له أمنه». وأضاف: «الدولة هى من سمحت للأهالى بامتلاك كل هذه الكمية من السلاح، مما تسبب بالفعل فى تغيير خريطة القوة بين الشرطة والأهالى، وكذلك طريقة إنهاء الخلافات بين القبائل والعائلات، السلاح استخدم كثيراً بشكل سيئ فى ترويع الآمنين، وزادت حالات القتل وأصبحت المشكلات الصغيرة تجلب مشكلات أكبر حتى باتت المنطقة أشبه بمناطق الصراعات القبلية». ويقول إبراهيم المنيعى، من وجهاء عائلة المنايعة فى قرية المهدية الحدودية: «السلاح فى سيناء من ثقافة البدو، لكن يجب أن يخضع لضوابط القبلية والشرعية بعيداً عن اللصوص والمجرمين، وتهريب السلاح إلى غزة واجب لدعم المقاومة الفلسطينية». أخبار متعلقة: صناعة الفشل باسم «المشروع القومى» و«الجهاز الوطنى» سيناء المجنى عليها «وادى النصب» أول نقطة تتنفس الحرية فى الجنوب العميد صفوت الزيات: عمليات تطهير سيناء تستغرق بين 5 و10 سنوات «حازم المصرى» الارتباط موجود بيننا وبين تنظيمات غزة.. ولا نعترف بالحدود «تدويل سيناء».. محاولة إسرائيلية للضغط على مصر سيناء.. للتدهور أسبابه القرش وكبريت وبورتوفيق أماكن شاهدة على بطولات الجندى المصرى مسعد أبوفجر: «حماس» أخطر على سيناء من إسرائيل بضائع وسيارات وأسلحة وأفراد وأموال.. إمبراطورية «الأنفاق» أقوى من الدولة من «البندقية» إلى «الدوشكا».. 4 خطوط لتهريب السلاح خريزة.. مجاهدون فى عشش صفيح وعملاء فى سيارات فارهة خبراء و«ثوار» فى ندوة «الوطن» يجيبون عن السؤال الصعب: هل ضاعت سيناء؟ سيناء ما بين التهميش والبيع رأس العش معركة العزة وعودة الروح