هل يمكن أن نصنع سيارة مصرية 100%؟
الإجابة: لا.. بل ومستحيل أيضا
هل يمكن أن يكون لمصر نصيب من صناعة السيارات في العالم؟
الإجابة: ممكن.. لكن بصعوبة بالغة
هل يمكن أن نزيد المكون المصري في صناعة السيارات المنتجة محليا؟
الإجابة: قطعا نستطيع.
دائما ما يختلط على الكثيرين تلك الأسئلة الثلاثة، وبالقطع تكون إجاباتها متداخلة ومعقدة، لأن صناعة السيارات في مصر لديها القليل من نقاط القوة، ولديها الكثير من نقاط الضعف.
وهنا يأتي دور الحكومة، بنسبة لا تتجاوز 20%، بينما يأتي دور القطاع الخاص والأعمال بنسبة 80%.
دور الحكومة ليس في الدخول في هذه الصناعة، والاستعراض بإمكاناتها، بقدر لعب دور مقدم التشريعات المحفزة، والرقيب الواعي والحكيم، والوقوف على مسافة واحدة من جميع شركات السيارات في مصر.
المهم أن تحدد الحكومة ماذا تريد من هذه الصناعة؟
ليس هناك مجال للمنافسة على الماضي، فالصناعة القديمة باتت إلى زوال.
هناك دفع عالمي قوي وكبير نحو السيارات الكهربائية التي تواجه عثرات عديدة، وهو ما حاولت الحكومة الدخول فيها وعينها على المستقبل، لكن بعقلية الماضي، عندما أرادت أن تصنع سيارة مصرية كهربائية.
فهذه السيارات ورغم الدعم الذي تتلقاه هذه الفكرة من دول الاتحاد الأوروبي، إلى أن عمالقة الصناعة في العالم لديهم رأي مختلف، ويرون أن المرحلة الحالية تتطلب السيارات «الهجينة»، كمرحلة أولى قد تستغرق سنوات، قبل الانتقال إلى مرحلة «الكهربائية».
(الهجينة: تجمع بين الوقود التقليدي بنسب استهلاك أقل وبين المحرك الكهربائي)
وجهة نظر هؤلاء أن «الهجينة» تتميز قدرتها على استغلال البنية الأساسية التقليدية، وفي الوقت نفسه تعطي الشركات لنفسها فرصة أكبر للسعي نحو مستقبل كهربائي للسيارات، ولهم في هذا منطق تجاري وتسويقي بالدرجة الأولى وبيئي بالدرجة الثانية.
في حين أن الاتحاد الأوربي يصر على وضع الأهداف البيئية في المقام الأول، ومع الضغط السياسي وخنق فرص سيارات الوقود الأحفوري، ستخلق فرص التسويق بحكم الأمر الواقع.
في فرنسا تلعب صناعة السيارات دورا أساسيا في الاقتصاد الفرنسي، ويرتبط أكثر من 7% من الفرنسيين بهذه الصناعة، التي بدأت 1890 وأوجدت لنفسها بعد سنوات طويلة؛ مساحة معتبرة في السوق العالمي، لكن ضغط الاتحاد الأوربي ومتطالباته باتجاه السيارات الكهربائية، وتدخل الحكومات في فرض أمر واقع جديد، قد يهدد هذه المكانة الفرنسية، ولأول مرة يحدث ارتفاع في مبيعات السيارات المستعملة في فرنسا مقابل تراجع الجديدة.
الصناع الفرنسيون يعلمون جيدا أنهم لا يستطيعون العمل ضد رغبة الحكومة، لكن رغبة الحكومة جارفة، ويدفع ثمنها قطاع السيارات الفرنسي.
نحن في مصر نحتاج تنظيم سوق السيارات، ثم التوافق مع الصناع، وهو أمر يجب أن تقوم الحكومة بمنحهم فرصة لضبط السوق ووضع خطط التصنيع المستقبلي، تحت إشراف الحكومة، ودون تدخل منها.
أعلم أن أصحاب شركات السيارات في مصر ليسوا ملائكة، لكنهم أيضا ليسوا شياطين، هم رجال أعمال يسعون للربح، وكلما كان الربح أسهل يكون سعيهم نحوه أسرع وأشرس، وهنا يكون دور الحكومة في فتح مجال ربحية أكبر لهذه الشركات في ما يحقق أهداف الدولة، من صناعة سيارة تساعد على التنمية المستدامة.
النماذج في العالم كثيرة، وصناع السيارات في مصر على علم بها، قد لا تعجبهم بعضها، وقد تتعبهم بعضها، لكن بالحوار والحرص على الوصول لنقطة التقاء قد ننجح في تأسيس لصناعة السيارات سواء الهجينة أو الكهربائية في مصر، بنسب مكون محلي معتبرة.