وسط احتفالات المصريين بالعيد، أصبحت السينمات وجهة رئيسية لهم منذ فترة طويلة، ومن ذلك كانت الأعياد مواسم مثالية لعرض الأفلام المصرية، ما أدى إلى ظهور مصطلح «فيلم العيد».
وخلال عيد الأضحى المبارك هذا العام، يتنافس العديد من الأفلام، من بينها فيلم «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام وإخراج المبدع شريف عرفة.
ما دفعنى لمشاهدة هذا الفيلم هو عدة أسباب، أولها رغبتى فى مقارنة «اللعب مع الكبار» للفنان القدير عادل إمام وإخراج شريف عرفة، الذى أنتج عام 1991، بفيلم «اللعب مع العيال»، وهو أحد أفلام العيد هذا العام. الفضول حول محتوى الفيلم كان بالتأكيد دافعى الأساسى، ما يعكس فضول جيل ربما أمثله فى هذا المقال.
السبب الثانى كان رغبة أطفال العائلة، الذين يمثلون شريحة كبيرة من الجمهور، فى مشاهدة فيلم يشارك فيه الأطفال بالتمثيل. هذا النوع من الأفلام لم يُنتج منذ فترة طويلة، وأتذكر آخر فيلم من هذا النوع كان «العفاريت» للراحلة مديحة كامل وعمرو دياب عام 1990.
فيلم «اللعب مع العيال» لم يكن بينه وبين فيلم «اللعب مع الكبار» أى رابط سوى أن كليهما للمخرج شريف عرفة وكليهما يتناول قضية وطنية فى المقام الأول.
شاهدت الفيلم باستمتاع كبير من نجم يضع علامات مضيئة فى طريقه لعالم الكوميديا فى الوطن العربى، أضحكنى محمد إمام، نعم أضحكنى كما أضحك معى «عيال العيلة» وهو حدث نادر فى حد ذاته، فما كان يضحكنى على الأرجح لم يكن ليضحك أطفال عائلتى بشكل عام، لكن فى هذا الفيلم كان الوضع مختلفاً. قصة الفيلم تجعلك تفكر فى أدق تفاصيلها لدرجة أنك ربما تحتاج لرؤيته مرة أخرى، فالرسالة ليست بسيطة وإنما عميقة جسدها المشهد الأهم فى الفيلم وهو تحية العلم المصرى «تحيا جمهورية مصر العربية».
أحداث فيلم «اللعب مع العيال» تقع فى 2010 فى منطقة صحراوية بعيدة عن شرم الشيخ حينما يتوجه البطل محمد إمام «علام» مدرس التاريخ، للعمل فى إحدى المدارس النائية بعد أحداث أسرية طارئة جعلته يترك القاهرة وأسرته، ويواجه فى تلك المنطقة صعوبات عديدة من ضمنها ما شهدته تلك الفترة من نزاع مسلح بين العصابات والقبائل، ورغبة جماعات مسلحة فى طمس الهوية المصرية على أرض الفيروز والتى جسدتها رغبة زعيم العصابات باسم السمرة «أبومخزوم» حينما اتفق مع «علام» على عدم تدريس مادة التاريخ لطلاب المدرسة من أبناء قبائل سيناء، الأمر الذى وصل إلى ذروته والدخول فى صدام مسلح بعد الإقدام على تدريس وتعليم الطلاب تاريخ بلادهم والحروب التى خاضتها مصر منذ الفراعنة حتى حرب أكتوبر والانتصار الساحق الذى حققته على أعدائها، كل ذلك جاء فى إطار كوميدى مشترك من بطل الفيلم «علام» والأطفال المشاركين والذين شكلوا نقطة قوة حقيقية للفيلم بأدائهم الرائع وتمكنهم من لهجة القبائل فى سيناء.
وضعنى الفيلم فى مشاهدة واقع المدارس والتعليم والتنمية بشكل عام فى سيناء، وكيف أن الرئيس السيسى وضع دائماً فى خطته تنمية سيناء وضخ الأموال والعقول للنهوض بأرض الفيروز فمهما قيل عن حقيقة الواقع التنموى فى سيناء فإنه لم ينجح أى وصف لها كما نجح الفيلم فى تجسيد هذا الواقع من خلال مشاهد تلك المدرسة النائية التى لا يمكن تسميتها «مدرسة» ترتقى إلى مكان يقدم فيه العلم فى العصر الحديث.
من المشاهد المهمة التى تعمّق الهوية الوطنية فى مجابهة الأشرار كانت صيحات تحية العلم المصرى، والتى جعلت صالة العرض تهتز تصفيقاً لها.
تظل الهوية المصرية أرضاً خصبة ملهمة للإبداع والتعبير.. نبارك لكل من شارك فى خروج هذا العمل المبدع إلى النور، ونضع أيادينا فوق أياديهم برغبة حقيقية فى مزيد من الإبداع الذى يجسّد حاجة بلادنا المستمرة للتنمية فى أرض الفيروز. نقول لصناع العمل رسائلكم المباشرة وغير المباشرة وصلت بأمان