أخطر ما يواجه إسرائيل الآن هو حالات التشتت الاجتماعى المختلفة بين مكونات الشعب الإسرائيلى هناك، فبينما شهدت مؤسسات التعليم العالى فى جميع أنحاء إسرائيل إضراباً مفتوحاً أمس الخميس لمدة يوم كامل ١٢٠ دقيقة أو ٢٥٠ دقيقة، فى رسالة مشتركة تدعو إلى العودة الفورية لجميع الرهائن.
وإعادة تأهيل الأحياء ودفن من تم قتلهم فى الاحتجاز، حسبما ذكر الاتحاد الوطنى لطلبة إسرائيل، تعيش فئات فى المجتمع الإسرائيلى حالة من القلق الاجتماعى بسبب تزايد حالات اضطراب ما بعد الصدمة بين جنود الاحتياط فى الجيش الإسرائيلى، خصوصاً بعد انتحار الجندى الاحتياطى إيليران مزراحى.
وقد أثارت هذه الحادثة الأخيرة نقاشاً واسعاً فى وسائل الإعلام الإسرائيلية حول كيفية تعامل الجيش والمؤسسات الحكومية عندهم مع الصحة النفسية للجنود.
إيليران مزراحى جندى احتياط فى قوات الهندسة القتالية، كان يعمل على قيادة الجرافات خلال العمليات العسكرية. تم استدعاؤه للخدمة بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل فى 7 أكتوبر 2023، حيث شهد مشاهد صادمة أثناء مشاركته فى عمليات الإجلاء من مهرجان الموسيقى ودخوله قطاع غزة.
تعرض إيليران مزراحى لإصابة بعبوة ناسفة، وبعد فترة وجيزة تم تشخيصه بأنه يعانى من اضطراب ما بعد الصدمة.. وبدأ فى تلقى العلاج.
ومع ذلك تمت دعوته مؤخراً للخدمة الاحتياطية الطارئة، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى انتحاره، نتيجة إصابته بالمرض النفسى اضطراب ما بعد الصدمة.
اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة مرضية نفسية تحدث نتيجة التعرض لحدث صادم أو مخيف.
ويشمل هذا الاضطراب مجموعة من الأعراض التى يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياة الفرد اليومية، وتشمل ذكريات متكررة للحدث الصادم، فى شكل كوابيس، أو الاسترجاعات العقلية المستمرة للصدمة فى أوقات متقطعة على مدار اليوم.
وقبل ذلك كانت صحيفة جيروزاليم بوست قد أفردت تقريراً صحفياً مطولاً بقلم شيرى ابستين يتناول معاناة جنود الجيش الإسرائيلى من مشاكل نفسية خارج الجيش، ونشرت تصريحاً عن الشئون الاجتماعية أشارت فيه إلى قتل اثنين من قدامى المحاربين فى جيش الدفاع الإسرائيلى نفسيهما فى غضون يومين خلال أغسطس 2023، بسبب معاناتهما النفسية.
إن مسألة إصابة الجنود الإسرائيليين بالصدمة أو أنهم يصبحون معاقين أثناء خدمتهم، والمعاملة التى يتلقونها -أو لا يتلقونها- برزت إلى الواجهة بعد انتحار الجنديين السابقين فى أيام قليلة قبيل الهجوم الكبير لحماس فى السابع من أكتوبر 2023.
عندما أضرم المحارب القديم فى الجيش الإسرائيلى بار كلاف النار فى نفسه بعد أن رفض الجيش طلبه للاعتراف به كمحارب قديم معاق، وتوفى متأثراً بجراحه فى اليوم التالى. ثم تلاه انتحار المحارب القديم فى الجيش الإسرائيلى «أور دونيو» أثناء انتظاره عشرة أشهر للاعتراف بالصدمة التى تعرض لها أثناء خدمته العسكرية.
وتحدث العديد من الجنود الإسرائيليين إلى وسائل إعلام محلية هناك عن معاناتهم مع اضطراب ما بعد الصدمة، يشير البعض إلى أن الجيش لا يقدم الدعم النفسى الكافى للجنود الذين يعانون من مشاكل نفسية، ولا يعتبرهم غير مؤهلين للخدمة، وبدلاً من تقديم الدعم اللازم لهم، فإنه يُنظر إلى الجنود الذين يسعون للحصول على المساعدة النفسية بنظرة دونية من زملائهم وقادتهم، مما يزيد من شعورهم بالعزلة والعار.
أيضاً.. فقد أثار انتحار مزراحى قبل أيام جدلاً حول السياسات المتعلقة بالجنازات العسكرية.
بعدما رفض الجيش الإسرائيلى تنظيم جنازة عسكرية له، بحجة أنه لم يكن فى الخدمة الفعلية وقت وفاته.
وقد أشعل هذا القرار غضب عائلته والمجتمع، الذين يرون أنه يستحق التكريم كأى جندى آخر قدم خدماته لإسرائيل، قبل أن يعود الجيش ويعدل عن قراره فى هذا الشأن.