الحديث هنا لا يخص موسيقى السامبا ذائعة الصيت فى البرازيل والتى عُرفت فى البداية كإيقاع دينى شهير فى القارة الأفريقية.. الحديث هنا أيضاً لا يخص السامبا المصرية أو قلعة الدراويش، النادى الإسماعيلى الذى يعانى من تخبط إدارى وفنى منذ سنوات كاد يقصيه من الدورى الممتاز الموسم الماضى، ولكن الحديث هنا يخص «بسكوت ويفر» مصرى شهير تربى عليه معظم أبناء جيلنا قبل أن يختفى من الأسواق بدون سابق إنذار.
السامبا استحوذت على نسبة كبيرة من مصروفى فى الثمانينات والتسعينات، كنت عاشقاً لجميع أنواعها، خاصة ذات الغلاف الأخضر المغطاة بالشيكولاتة البيضاء وقطع البندق، أبحث عن السامبا منذ أسبوعين فى محلات البقالة الصغيرة والهايبر ماركت الكبيرة ولا أجدها، أين اختفت ولماذا؟ وهل توقف خط إنتاجها أم انخفض؟ لا أعلم ولكن ما أعلمه جيداً أننا فى أمس الحاجة لعودة السامبا وظهور أكثر من سامبا جديدة فى مختلف الصناعات.. منتج مصرى عالى الجودة بمواصفات عالمية يغنينا عن دفع مئات الملايين من الدولارات فى استيراد منتجات بديلة، فلك أن تتخيل أن مصر تستورد سنوياً بسكوت حلو ومقرمشات بحوالى 219 مليون جنيه، كما تستورد الشيكولاتة والكاكاو الخام بأكثر من مليار جنيه سنوياً. وبعيداً عن قصة الاستيراد، أطفالنا بحاجة لمنتجات شبهنا، أو بمعنى آخر «يعيشوا عيشة أهلهم» بعيداً عن التقاليع الغريبة التى غزت حياتنا وضررها أكثر من نفعها، مثل مشروب البوبا وآيس كريم الموتشى وغيرها من المنتجات القادمة من الخارج والتى تستنزف جيوب المصريين وتستهدف صحة أولادنا.
ولمن لا يعرف حكاية السامبا هى واحدة من اختراعات رجل الأعمال المصرى نبيه برزى، أحد رواد صناعة النسيج والمنتجات الغذائية فى القرن الماضى، ووالد رجل الأعمال هانى برزى، المرشح على مقعد العضوية فى انتخابات نادى الزمالك المقبلة.. نبيه برزى بدأ رحلته فى لندن كمسارى أوتوبيس وساعى بريد قبل أن يعود لمصر ويشارك فى تأسيس مصنع لمناديل الجيب الورقية، بعد أن باع غويشة ذهب لوالدته هى قيمة حصته فى الشركة، وبعدها اتجه للصناعات الغذائية وافتتح أول مصنع له فى الصعيد، وهناك ظهر اختراع السامبا ومنتج الذرة المجروشة الشهير الذى ما زال يتذكر مذاقه معظم أبناء جيلنا وهو «الكاراتيه أو البوزو».
بالطبع قد تتساءل الآن «وانت إيه اللى فكرك بالسامبا دلوقتى؟» والإجابة باختصار هى مسابقة أو لعبة بسيطة جمعتنى مع ابنى وأبناء أخوتى قبل أيام حول أسماء وأعلام الدول المختلفة، حيث تعجب الصغار من معرفتى وإخوتى بأعلام دول لم يسمعوا عنها من قبل، مثل بنما وهايتى وموريشيوس وترينيداد وتوباجو، وتعجبوا أكثر عندما أخبرتهم أن الفضل فى معرفتنا بتلك الدول يعود إلى بسكوت أو حلوى كنا نشتريها ونحن فى نفس عمرهم اسمها «السامبا».
فمع بداية التسعينات كان يوزع مع السامبا لوحه كارتونية مجانية كنوع من الدعاية للمنتج.. اللوحة كانت تحمل اسم «ألبوم سامبا» عليها معلومات عن كل دول العالم، وكان عليك جمع استيكرز الأعلام الموجودة داخل أكياس السامبا ووضعها فى مكانها الصحيح على اللوحة، الفكرة رغم بساطتها لكنها شكلت جزءاً من ثقافتى ومعرفتى بمختلف دول العالم حتى من قبل دراستها بمادة الجغرافيا فى المدرسة.. بصراحة لا أذكر ما هى آخر مرة أقدمت فيها إحدى الشركات المنتجة لحلوى الأطفال على إقامة مثل هذه الألعاب والمسابقات التى تحمل قيمة ومعلومة مفيدة، ولهذا السبب أعود وأسأل مرة أخرى، أين اختفت السامبا؟