لم يكن تزامن إعلان فوز الرئيس حسن روحانى برئاسة الجمهورية الإيرانية مع نزول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من طائرته الرئاسية فى العاصمة السعودية «الرياض» لحضور فعاليات القمة الأمريكية الإسلامية مجرد مصادفة، فاختيار موعد القمة تم دراسته بعناية فائقة، فى إطار المخطط الأمريكى لاستمرار إشعال نار الفتنة فى المنطقة بالإبقاء على النفوذ الإيرانى، والحفاظ على مبيعات شركات السلاح الأمريكية.
فى الوقت الذى يجاهر فيه «ترامب» بموقفه العدائى تجاه إيران، وتحالفه مع العرب، أدار الحرس الثورى مفاوضات مع البيت الأبيض حتى الساعات الأخيرة من اقتراع الناخبين الإيرانيين لاختيار رئيسهم، حيث سبق أن حذر المسئولون الإيرانيون الأمريكان، عبر خطاب من الحرس الثورى للبيت الأبيض، من مغبّة نجاح رئيس متشدد محسوب على تيار المحافظين، وفق ما صرح به الرئيس الإيرانى الأسبق، حسن بنى الصدر، لأن سياسة المتشددين ستزيد من التوتر القائم فى المنطقة، فضلاً عن إضرارها بالمصالح الأمريكية، وحثّ الحرس الثورى الرئيس الأمريكى على التعاون مع طهران لحل الخلافات العالقة والتقليل من فرض العقوبات والمضىّ قدماً فى الاتفاق النووى الإيرانى، محذراً من تداعيات فقد الأمريكان صداقة إيران، وجدد عرض تعاونه مع الرئيس الأمريكى الجديد فيما يحقق مصالح البلدين. وكما وقع الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى شرَك الإصلاحيين يحاول الإيرانيون الإيقاع بـ«ترامب» فى صفقة تتضمن نجاح روحانى لدورة رئاسية ثانية مقابل تجميد العقوبات الاقتصادية التى يعتزم الرئيس الأمريكى فرضها على طهران بالمخالفة لبعض بنود الاتفاق النووى، وهو ما ظهر جلياً فى إعلان وسائل الإعلام الإيرانية تقدم «رئيسى» على منافسه «روحانى»، قبل غلق مراكز الاقتراع بساعة واحدة، كنوع من أنواع الضغط على الإدارة الأمريكية، ليتأكد للمراقبين استمرار المفاوضات بين الجانبين حتى آخر ثانية قبل إعلان نتائج الفرز. التاريخ يعيد نفسه.. ففى عام 2009 فى توقيت الثورة الخضراء، اهتزت أركان النظام الإيرانى، وكاد المعارضون يطيحون بالمرشد ورفاقه ممن يتحكمون فى مصائر الشعب، وحينها كانت إدارة أوباما مخيّرة ما بين مساندة المتظاهرين أو دعم النظام، وهو ما انتبه له الحرس الثورى واستبق الأحداث بعقد صفقة مع الإدارة الأمريكية شملت تقديم تنازلات فى العراق فضلاً عن ترشيح رئيس من الإصلاحيين للفوز بالانتخابات الرئاسية، ليعكس الأمر تداول السلطة، إلى جانب حماية مصالح الأمريكان فى بغداد، وتوسيع التعاون الاستخباراتى، على أن يتم الاتفاق النووى فى عهد الرئيس السابق أوباما، ليشمل رفع العقوبات الاقتصادية التى أثّرت سلبياً على اقتصاد الدولة الإيرانية. حالياً تحاول طهران عدم الدخول فى عداء مباشر مع الإدارة الأمريكية، فرغم تصريحات مسئوليها العنترية فإن ما يدور خلف الأبواب المغلقة يؤكد وجود محاولات إيرانية مستميتة للتقرب من ترامب، فلجأ الحرس الثورى إلى حيلتين، الأولى وضع روسيا فى صدارة إدارة المشهد السورى، والثانية توجيه حلفائها فى العراق إلى الانفتاح على دول العالم لعكس صورة إيجابية تؤكد عدم سيطرة طهران على صناعة القرار فى بغداد، كما مثّل التقارب السعودى العراقى خطوة فى إطار توجه جديد لإقناع العالم أجمع، وعلى رأسهم الأمريكان، أن الدولة العراقية تملك قرارها منفردة، بهدف التخفيف من حدة الانتقادات الدولية فيما يخص توسع النفوذ الإيرانى.