«سيمون بوليفار».. قاعدة حجرية منزوعة الملامح

«سيمون بوليفار».. قاعدة حجرية منزوعة الملامح
هنا سيمون بوليفار، هنا ميدان القائد والزعيم مؤسس دولة كولومبيا الكبرى الذى يعود أصله إلى أمريكا الجنوبية، هنا يقف الرجل بشموخ متكئاً على سيفه الذى نصره فى حروبه، اعتزاز ورفعة يتناسبان مع طبيعة المكان الراقية التى تحيطها الفنادق والسفارات، هنا المكان المفتوح الذى اعتبره سكانه تابعاً لمنطقة جاردن سيتى، لتجبره الأحداث الحالية على أن يكون جزءاً أصيلاً من ميدان التحرير ومنطقة وسط البلد.
فى قلب الميدان يقف الزعيم سيمون بوليفار، منذ 11 فبراير من عام 1979، وقتها حضر الافتتاح زوجة رئيس فنزويلا دونا بلانكا، التى حضرت للقاهرة خصيصاً للمناسبة. التمثال البرونزى يبلغ وزنه 500 كيلوجرام، وارتفاعه 2.3 متر، وقد قام بعمله النحات الفنزويلى كارملو تباكو، ليقبع فى القاهرة من وقتها شاهداً على أهم الأحداث التاريخية فى البلاد.
السيف الذى اعتمد عليه «بوليفار» لتحرير عدد من الدول مثل كولومبيا وفنزويلا وبيرو وبوليفيا، راح منه فى القاهرة بفعل بلطجية أو ثوار، سمِّهم ما شئت، لكن يبقى التمثال حالياً دون سيف بوليفار ودون اللوحة الرخامية المثبتة على قاعدة التمثال، والتى استخدمت فى الماضى لتخليد اسمه، وذكرى وجود تمثاله فى القاهرة، استخدم المتظاهرون تلك اللوحة الرخامية كقطع من «الطوب» لإلقائها على قوات الأمن والشرطة لتحقيق نفس هدف «بوليفار» -كما يعتقدون- وهو التحرير.
سيد مهران «50 عاماً» هو واحد من هذه الوجوه المصرية الموجودة فى الميدان، يعمل فى المنطقة منذ ما يزيد على 25 عاماً، ينظر بحسرة إلى جدران الطوب المبنية أمام السفارة الأمريكية، وإلى الجدار الآخر المبنى ليعيق الوصول إلى شارع قصر العينى، يتذكر الميدان الذى يحمل اسم القائد الفنزويلى وكيف كان وكأنه قطعة من أوروبا، ويقارن بين تلك الصورة وما يحدث حالياً فى نفس الميدان.
رغم عمله فى الميدان منذ تلك السنوات الطويلة فإن مهران ما زال يخطئ فى اسم صاحب التمثال، أحياناً يسميه «بوليفاف»، وأحياناً أخرى يقول «بوليفوار»، لكن ما يعرفه «مهران» يقيناً أن هذا الرجل الذى ليس عنده علم بجنسيته قام بتحرير أربع دول.[Image_2]
لا يهتم «مهران» كثيراً بجنسية الرجل أو بأسماء الدول التى حررها لكن ما يشغله فعلياً كيف يعود المكان الذى ينتمى إليه إلى طبيعته القديمة، حتى يعود الرزق كما كان فى السابق، يفكر «مهران» كثيراً فى السيارات القليلة التى تمر من الميدان حالياً وهو يدرك أن أياً من سائقيها لن يطلب منه مساعدته فى إيجاد مكان لترك السيارة، لأنها قد تتعرض للتكسير أو السرقة، يطل «مهران» برأسه بجوار جدار فندق سميراميس ليتابع أحداث العنف الموجودة على طريق الكورنيش ثم يعود مرة أخرى إلى مكانه البعيد نوعاً ما عن الأحداث ليجلس على مقعده المفضل وفى يده كوب من الشاى، يحكى «مهران» عن تاريخ المكان «ميدان سيمون كان من أنضف الميادين اللى فى مصر، لأنه يحتوى على بازارات وفنادق ومحلات أنتيكات، ده غير السفارة الأمريكية والبريطانية، ميدان سيمون جزء حيوى للقاهرة كلها، زمان مكنش واحد ملثم أو ماسك شومة يقدر يمشى فيه، وفى التمانينات كان اللى بيعدى من الميدان هنا ما يزيدوش عن 15 أو 20 واحد، وأنا أكتر حاجة مضايقانى إنهم سرقوا سيف التمثال اللى بقاله هنا أكتر من 30 سنة».
أخبار متعلقة:
"وسط البلد" الذي وهب الحياة لجسد الوطن
"التحرير"..ثكنة عسكرية..تحولت إلي "رمز الحرية والكرامة"
مقهي "زهرة البستان".."استراحة محارب"للمصابين
جرافيتى «جنزير» والذين معه.. الثورة هتفضل حية
مسجد عمر مكرم..من هنا تخرج الجنازات.."قاتل" و "مقتول"وبينهما "ثورة"
التحرير ومحمد محمود وقصر العيني..شوارع علي خط النار
«تاون هاوس».. مكتبة ومسرح ومعرض دائم فى قلب القاهرة
شباب وفتيات علي كورنيش النيل وداخل البواخر..أما الثورة فلها رب يحميها