حليم الرومي موسيقار وملحّن عظيم له أكثر من ألفي لحن، كما قدَّم عشرات الأسماء الكبيرة من ملحّنين ومطربين، لكن وللأسف كل هذا طواه النسيان ولا يتذكره الناس إلا حين يلحق اسمه باسم ابنته الفنّانة ماجدة الرومي، ابنة الفنان حليم الرومي!.
حليم الرومي من مواليد الناصرة في فلسطين، ودرس الموسيقى وهو صغير في معهد حيفا، وشارك في الحفلات والسهرات الموسيقية التي تقام هناك، وعمل في إذاعة الشرق في حيفا كمطرب وملحّن وعازف عود، بعد ذلك تسلّم رئاسة القسم الموسيقي في الإذاعة حتى أصبحت من أهم الاذاعات في الشرق الأوسط كله بفضله، في أواخر الأربعينيات تزوج حليم من الفلسطينية ماري لطفي وأنجب منها عوض ومها و منى و"ماجدة".
في شبابه مرّ حليم الرومي على مصر، والتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية، وأنهى الدراسة في عامين بدلًا من ستة بسبب عبقريته الموسيقية، وقدَّم أولى حفلاته في الإذاعة المصرية، ولُقِّب في مصر حينها بـ"خليفة أم كلثوم".
قبل أن يترك القاهرة ويعود إلى بيروت تعرّف حليم على المنتج إبراهيم وردة، وشارك في فيلمين سينمائيين وهما "أول الشهر" و"قمر 14" الذي غنى فيه "يا مساء الورد على عيونك".
* حليم الرومي مكتشف فيروز
والتقى حليم الرومي في أواخر الأربعينيات، فيروز، وحينها كانت لاتزال طفلة متقدمة لامتحان القبول في إذاعة لبنان، فأعجبه صوتها وقدَّم لها أول لحن "تركت قلبي وطاوعت حبك"، و أيضًا "في جو سحر وجمال"، واشتركا معًا في أغنية من ألحانه "عاشق الورد" ، ولحّن لها أيضًا "أحبك مهما أشوف منك".
شعر حليم الرومي، أنّه حصر فيروز في ألحانه وقيّدها بلون غنائي واحد، فقدمها للأخوين رحباني، اللذان كانا وقتها يقدمان "الاسكتشات الغنائية" في الإذاعة.
في البداية لم يتشجع لها عاصي، وأخبر حليم أنّها لن تستطيع أن تقدم اللون الغنائي المعاصر الذي يطمح إليه، لكن الرومي أقنعه أنه واثق من قدرات ومواهب فيروز، وقبل بداية حفلتها بعد أن رأى ملصقات الدعاية ومكتوب عليها "نهاد حداد" اسم فيروز الحقيقي، أخبرها برغبته في اختيار اسم غنائي لها لتغني به، فأصبح الاسم الذي اختباره حليم الرومي هو الأشهر في العالم العربي حتى الآن "فيروز".
فيروز ليست الوحيدة التي اكتشفها حليم الرومي وقدَّمها للجمهور، فهناك سعاد محمد وفايزة أحمد ونصري شمس الدين.
حين بدأت ماجدة الرومي بالعمل في مجال الغناء لم يكن حليم متشجع لهذا الأمر لكن في ما بعد وافق وقدَّم لها مجموعة من الألحان منها "لبنان قلبي"، و"العيد عيد العالم يا أمهات".
وأعادت ماجدة بعض أغنيات حليم الرومي كإحياء لذكرى والدها منها: "يا مكحّل رمشك" و"يرنو بطرف"، وأهدت أغنية "سلونا" التي من ألحان الأخوين رحباني إلى روح والدها.
حليم غنّى ولحّن كل أنواع الشعر بداية من الشعر المترجم مثل "هكذا تنتهي دومًا أمانينا" وهي قصيدة مترجمة عن الفرنسية، ولحّن "إرادة شعب" لأبو القاسم الشابي، ولحّن الأوبريتات الغنائية مثل "القطرات الثلاثة ومجنون ليلى وأبو الزلف".
كما لحّن وغنّى الموشحات، وهذا النوع من الغناء لا يقدر عليه إلا من يمتاز بقدرات فنيّة متميّزة وحصل على الجائزة الأولى في مسابقة تلحين الموشحات الأندلسية في تونس عام 1972.
في أواخر 1983 كانت نهاية رحلة حليم الرومي بعد فترة معاناة مع المرض وبعد مشوار طويل في مجال الغناء والتلحين، لكن ما يثير تعجبي هو كيف أن صاحب الـ2000 لحن مغيّب تمامًا عن وسائل الإعلام، خاصة وأنّه قدَّم العديد من ألوان الغناء المختلفة.
لكن ورغم كل شيء قدَّم لنا حليم الرومي، لحنًا جميلًا غير قابل للنسيان أو الإهمال وهو الجميلة "ماجدة الرومي".