بروفايل| جوانتانامو.. "كومباوند متكامل"

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| جوانتانامو.. "كومباوند متكامل"

بروفايل| جوانتانامو.. "كومباوند متكامل"

الحياة تتجسد في أبهى صورها داخل ذلك المكان الذي لم يعرفه الكثيرون سوى سجنًا للتعذيب والانتهاك وإراقة الدماء، صباحًا يقبل أهله مشرقين ليجدوا سبيلهم لممارسة أروع أنواع الرياضات الحيوية، كالغوص تارة والجري تارة أخرى، ومساءً تتجه الأنظار إلى تلك الدار الكبيرة التي تعرض أحدث الأفلام السينمائية، والتي تقبع إلى جوارها كنيسة لمن أراد التعبد إلى الله وإزالة ما بدر منه من خطايا، ذلك المشهد الذي لم يطرق على بال أحد إلا في الخيال هو واقع ملموس في "خليج جوانتانامو".

خليج يقع في إقليم جوانتانامو جنوب شرقي كوبا، يمتد على مساحة 45 ميلا مربعا، منها 17 ميلا تشترك في الحدود مع كوبا، تستأجرها الولايات المتحدة الأمريكية من حكومة الجزيرة الشيوعية منذ 23 فبراير 1903 مقابل 4085 دولارا سنويا، باتفاقية تأجير لا يمكن فسخها سوى باتفاق الطرفين، بغرض بناء محكمة بحرية، بوشر في بنائها عقب توقيع الاتفاقية، وسُلط الضوء على القاعدة العسكرية منذ استخدامها من قِبل الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، كمعتقل لقيادات وأعضاء تنظيم "القاعدة" إبان الحرب على الإرهاب بأفغانستان؛ لتفكيك التنظيم وحركة "طالبان" التي تستضيفه، بحجة أنه خارج حدود الولايات المتحدة ولا ينطبق عليه القانون أو الدستور الأمريكي.

مطعم ماكدونالد، أحد الأسباب التي تجعل من خليج جوانتانامو منزلًا سرياليًا "لا يصدق وجوده إلا في الخيال" للقوات الأمريكية المتمركزة بالقاعدة، حسبما أوردت وكالة "فرانس برس" الإخبارية، الذي يبعد بضعة أميال فقط عن المعتقل الذي جلب الشهرة لهذا المكان الجغرافي، تقبع إلى جانب المطعم أشكال حياتية كثيرة للخليج، فينشر المسؤولون عن تلك القاعدة العسكرية الأنشطة المختلفة المنظمة بغرض إمتاع الجنود وذويهم وإبرازها عبر مجلة "The Wire"، والتي تعد نشرة دورية لتلك الممارسات، لإبراز المجتمع الصغير الذي يعرف أشخاصه بعضهم بعضًا عن طريق عملهم وتعارف الأهالي بالمقابلة في السينما أو الحانة أو اللقاء مصادفة، عند شراء هدية من المحل المُخصص لها أو ملابس.

الوجه الآخر من خليج جوانتانامو الذي تحاول الإدارة العسكرية الأمريكية هناك بإيضاحها لم تستطع تصليح الصورة الذهنية الجاهزة عن الموقع الجغرافي، الذي يعمل به نحو 6 آلاف مدني وعسكري ومتعاقد وزارة الدفاع الأمريكية يكلفون إدارة المنشأة العسكرية قرابة 150 مليون دولار سنويا، بأنه معتقلًا سياسيًا قُيد فيه الآلاف، وأُريق دم عدد قد يكون مماثلا، تُمارس فيه أبشع صور التعذيب وانتهاك كل الحريات التي أقرتها دساتير العالم أجمع.

"صورة مصغرة عن كل شيء جيد في أمريكا"، رأي ستيفن جاكن، مهندس البث في القاعدة البحرية في خليج جوانتانامو، الذي بثته وكالة "فرانس برس"، واصفًا الحياة على الخليج الذي تحول إيجاره لعقد دائم بعد ثلاثين عامًا.


مواضيع متعلقة