بروفايل| مجلة "الرسالة".. "احتجاب الأدب"

بروفايل| مجلة "الرسالة".. "احتجاب الأدب"
- بروفايل
- الرسالة
- الأدب
- نجيب محفوظ
- العقاد
- بروفايل
- الرسالة
- الأدب
- نجيب محفوظ
- العقاد
- بروفايل
- الرسالة
- الأدب
- نجيب محفوظ
- العقاد
- بروفايل
- الرسالة
- الأدب
- نجيب محفوظ
- العقاد
قبل 83 عامًا ولدت مجلة "الرسالة" على أيدي كبار الأدباء، يتزعمهم المُلقب بـ"أمير البيان في العصر الحديث" أحمد حسن الزيّات، معلنًا مبدأ الوافدة على الصحافة العربية، التي اتخذت من الأدب طريقًا يكمل ما غفلت عنه زميلتها "الثقافة"، فصارت رابطًا بين القديم والحديث و"وصل الشرق بالغرب" حتى "تضع الأساس لمن هار بناؤه على الرمل"، ولم تنقطع شهرًا عن أداء صدرت من أجله، حتى جاء قرار احتجابها في 15 فبراير 1953، وصدر عددها الأخير الـ1025 في 23 فبراير من نفس العام.
مجلة "الرسالة"، كتب على صفحاتها كُتّاب وأدباء كبار، أمثال عباس العقاد، وطه حسين، والمازني، وتوفيق الحكيم، ومحمد عبد الله عنان، ومصطفى صادق الرفاعي، وغيرهم الكثيرين من مختلف الدول العربية، وهم أساتذة الأجيال التي ذاع صيتها في البلاد العربية منذ الثلث الأول من القرن العشرين، الذين ملأوا أعدادها حتى أُطلق عليها "جامعة الدول العربية" قبل إنشاء الحالية، فاتخذت من روح الشباب سندًا، "وما دامت وجهة الرسالة الإحياء والتجديد، وطبيعة الشباب الحيوية والتجدد، فلا بد أن يتوافيا على مشروع واحد"، من هنا ناقشت قضية الإسلام، وقضية العروبة، وقضايا المجتمع المصري ومشاكله، وقضايا الفنون الآداب والعلوم والفلسفة، باعتبارها زادًا إنسانيًا وحضاريًا، على حد وصف الكاتب محمد سيد محمد في كتابه "دراسات في الصحافة الأدبية" الذي أفرد فيه مساحة خاصة لها.
وكلما اشتد الاستعمار على الدول، يحاول مواطنوها الحفاظ على الهويّة المميزة لجنسهم عن سائر المحتلين، فكانت "الرسالة" خير سند للشخصية العربية، وناقش الفصل الأخير من كتاب "دراسات في الصحافة الأدبية"، تحليل دور رائدة الصحافة الأدبية وأثرها في الحياة الأدبية والفكرية بالوطن العربي، فتعتبر مصدرًا لتاريخ الأدب ولدراسته، ونشرت الأدب وتابعته بالنقد والتقييم، وكانت مدرسة لتخريج الأدباء، ونافذة للأدب العالمي، وخلفت عُشاقًا للتعبير الأدبي السليم، وتفردت بدفاعها المستميت عن البيان العربي والحرف العربي في وجه حملات المسخ والتشويه والغزو الفكري، وأنها أنشأت أرضية للثقافة العربية الإسلامية.
وعلى الرغم من صدورها بعد انتشار الطباعة إلا أنّها ظلت على مدار أعوامها التي تخطت العشرين "ضعيفة المظهر من ناحية الطباعة والتصميم، فإنها كانت قوية التحرير، متقدمة الاتجاهات والرأي متعمقةً فيما تنشره، فأشبعت بذلك رغبات الباحثين عن الجوهر لا المظهر"، حسبما قال الكاتب محمد سيد محمد، ولم يكن جوهرها شفيعًا لاستمرارها فبلغت جملة ما على "الرسالة" لمصلحة الضرائب: 24855 جنيهًا في 7 سنوات، هالت أرقام هذا التقدير لجنة التقدير، فخفضتها إلى 12607 جنيهات، بالتقدير الجزاف أيضًا، ثم حجزت على المطبعة والدار، كما شرح "الزيات" في مقاله الختامي بالعدد الأخير من مشروع عمره.
وكحال "الأدب الذي لا تراعاه الدول غير المثقفة، لم تكن الضرائب أولى ضربات "الرسالة"، فسبقها تخلي وزارة المعارف عنها، قبل الاحتجاب بعام، حين رأت "أن اشتراكها في خمسمائة نسخة لمدارسها ومكتباتها من الرسالة والثقافة، هو الذي أثقل كفة المصروفات في ميزانية التعليم فألغته لتعتدل الكفتان"، وكانت الرسالة "منذ فحش غلاء الورق، وقدحت نفقات الطبع، تكفي نفسها أو تخسر قليلًا"، وكانت تواجه هذا بالتعفف والتقشف والصبر، ولكن "لما شاءت الضرائب ألا تعقل، وأرادت الحكومة ألا تعلن، وقررت المعارف ألا تشترك، أخذت الخسارة تنمو وتطرد حتى بلغت في العام المنصرم ألفًا ومائة وعشرين جنيهًا، فرأينا في مطلع هذا العام أن تقوى الرسالة لتصمد، وأن نعيد (الرواية) لتساعد، فإذا بالخسارة تتسع، وبالطاقة تضيق، وبالأزمة تشتد، وبالأمل يضعف؛ فلم نجد بُدًا من الإذعان لمشيئة القدر".
وتركت "الرسالة"، فراغًا قال أديب نوبل نجيب محفوظ إنّه لن يُسَد، وتنبأ العقاد بأنّها ونظيرتها "الثقافة" التي أُغلقت بعد إتمام عامها السادس عشر "حادثان سيُذكران من حوادث هذه السنة عند الكتابة عن تاريخ الأدب العربي الحديث".