بروفايل| هوارد كارتر.. فرعوني من بلاد الفرنجة

بروفايل| هوارد كارتر.. فرعوني من بلاد الفرنجة
النقاب ينكشف عن استراحة تتكون من 5 غرف ومعمل، على مساحة متوسطة تضم بين جنباتها تاريخًا عريضًا، وجدرانا تحولت معرضا للزوار، لمشاهدة جانب يعد الأبرز في حياة واحد من أهم مكتشفي تاريخ المصريات، في موقع يطل على ما أثار فضوله طوال مدة مكوثه في موطنه، الذي عرفه وهو ابن الـ17 عاما، فاتخد من مدخل وادي الملوك مكانًا لاستراحته في البر الغربي بالأقصر عام 1910، التي تضم مكتبه وسبل المعيشة، وتحولت فيما بعد لمتحف يحمل اسم مكتشف مقبرة الفرعون الذهبي الصغير، هوارد كارتر، ويأتي السياح لرؤيتها.
كارتر عرف معالم موطنه الأصلي نحو 17 عاما، وحفظ مصر في 24 عاما، مدة مكوثه بها، منذ أن قدم إليها مراهقًا يهوى المصريات التي نمت والدته حبها بداخله لروايتها عنها دائمًا، فبدأ شغفه الأثري بدراسة النقش والرسم الفرعوني، وتوسط له والده ليعمل فنانا بوزارة الآثار، وبالفعل عمل بالاكتشافات الأثرية ببني حسن، مقر مقابر أمراء مصر الوسطى، 2000 قبل الميلاد، وفي عام 1899، عُين كارتر وهو في سن الـ26 عاما في وظيفة كبير مفتشين، ثم وظفه الثري الأمريكي ثيودور دافيس، عنده للإشراف على عمليات التنقيب على الآثار، وقيل إنه استقال بسبب النزاع في عام 1905.
قبل 12 عامًا من اكتشافه المقبرة الملكية الوحيدة التي وجدت سليمة في وادي الملوك، وكانت سبب شهرته لافتتاحه حجرة الدفن وكشف النقاب للمرة الأولى تابوت توت عنخ آمون في 16 فبراير 1923، أقام كارتر في استراحته بالبر الغربي لمدينة الأقصر؛ ليستمر في البحث واكتشاف أنقاض مقابر الفراعنة، حيث موطنهم الجغرافي، ليثقل مؤلفاته بعدد من الكتب في علم المصريات، بما في ذلك مجلدين عن قبر توت عنخ آمون، وكان مساهما متكررا في المجلات العلمية، وتعرض استراحته التي تحولت لمتحف بعد وفاته، الأدوات التي كان يستخدمها العالم في الحفر والتنقيب، ومجموعة من الصور التقطت له أثناء العمل ومعمل التحميض الخاص به.
وبرغم التقدير العالمي لسلسلة تحقيقاته العلمية، بمنح جامعة "ييل" درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم لكارتر، وتنصيبه عضوا فخريا بأكاديمية "ريال مدريد دي لا هيستوريا" في إسبانيا، قيل عنه إنه السبب في تهريب آثار كثيرة من المقبرة للخارج، علاوة على اتفاقه مع الحكومة المصرية على نسبة 10% مما سيكتشفه في المقبرة الملكية، وقال وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، إن بعض الآثار الموجودة في الخارج لم يتم سرقتها بل خرجت قبل عام 1983 حيث كان القانون يسمح بتصدير الآثار، فضلًا عن السماح لمكتشف الآثار بالحصول على نسبة 50%.
ما بين لعنة الفراعنة وسرطان الغدد اللمفاوية، توفي العالم الذي أمضى السنوات الأخيرة من حياته يعمل في المتاحف، ويجري جولات بالولايات المتحدة لإلقاء المحاضرات عن مصر وتوت عنخ آمون، في عام 1939 عن عمر ناهز 66 عاما في منزله بلندن، بعدما فارق فريقه والمشرف على افتتاح تلك المقبرة واحدا تلو الآخر في مدة زمنية ليست بعيدة عن ازعاجهم لنوم الملك الصغير.