مينا دانيال.. ثورة ثورة حتى الموت

كتب: حازم دياب

مينا دانيال.. ثورة ثورة حتى الموت

مينا دانيال.. ثورة ثورة حتى الموت

يقول الكوبى جيفارا: «الثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا الوحشى للوطن، لا يهمنى أين ومتى سأموت بقدر ما يهمنى أن يبقى الوطن». اليوم: 30 يناير، من عام 2011، المكان: ميدان التحرير مكتظ بالجماهير منذ الخامس والعشرين من الشهر ذاته، المشهد: وجه مثلث، حاجب ثقيل، شعر كثيف، لحية كثة، وابتسامة دائماً ما تكون واثقة، تلك هيئته التى يختال فيها بين الناس فى إباء، وصف شكلى ينطبق بحذافيره على الثائر الأعظم تشى جيفارا، لكن شاباً مصرياً، حمل الجوهر، والمنظر، حتى أصبح أيقونة لثورة يناير، يقف جوار شاب اسمه محمد، يغنيان «الثورة جميلة وحلوة وأنت معايا، ويضاف إلى ذلك، هنا هو حنشنقه، هنا هو، دى تمارين الصباح إن شاء الله». أغنية ارتجالية، لشابين جمعهما الميدان، كما جمع الآلاف، لكن أغنيتهما البسيطة ذهبت ككل شىء جميل يذهب؛ لأن الثورة لم تعد حلوة، ومينا لم يعد معنا، ولأن مبارك لم يشنق، كما حلم ابن العم دانيال. يقول عم أحمد فؤاد نجم: جيفارا مات.. واتمد حبل الدردشة والتعليقات مات المناضل المثال.. يا ميت خسارة عَ الرجال مات الجدع فوق مدفعه جوّه الغابات جسّد نضاله بمصرعه.. ومن سُكات لا طبالين يفرقعوا.. ولا إعلانات يسمع عن مظاهرة، لا يطيق صبراً، يهرول ناحيتها، يجد أغلبية المتظاهرين من الأقباط، لا يرتد طرفه، النضال حياته التى اختارها، وطريقه الذى سار فيه على هدى وبينة، يعود بذاكرته إلى يوم الثامن والعشرين من يناير، جمعة كانت غضبته فيها بحجم السماء، حينها كان فى المستشفى الميدانى مصاباً، بعد أن واجه الدخان والرصاص والقناصة، عرف طعم الموت حياً، وذاقه عندما لم يطلبه، تسير المظاهرة السلمية تجاه مبنى ماسبيرو، رصاصة من عسكرى يرتدى زيا أخضر باهت لونه مموه، أزيزها يتوقف عند صدره، تصدم حرارتها جسده الغض اللين، بغتة، تكسو الدماء وجهه، ينقلب سمار النيل المتدفق فى محياه، إلى دماء حمراء تحاول إخفاء ابتسامته، لكنها تفشل، فابتسامة الحرية نورها لا يتلاشى، حتى بفعل الموت. لكن مينا لم يمت كالبعير، مينا لم يمت خانعاً، مينا لم يمت مريضاً، مينا لم يمت خائفاً، مينا لم يمت، مينا حى فى قلب الثورة، ابتسامته روح سرمدية البقاء، وصورته صدمة كهربائية، حين تتوقف الثورة عن النبض، حرفى هو، لكن حرفته لم تضف له إلا قوة فى الساعد، قوة ظلت متأججة، لتصير الأيقونة المجددة للثورة المصرية، لكن الأيقونة تُقتل، لتُخلد، هكذا تقول الأسطورة، هكذا قُتل محمد الدرة وناجى العلى، وبقيت القضية الفلسطينية، هكذا قُتل تشى جيفارا، واستمر النضال، هكذا قُتل المسيح، وظل الدين، هكذا قُتل مينا دانيال، وعاشت الحرية. يكمل الفاجومى: يطلع أنينه للفضا.. يزعق ولا مين يسمعه يمكن صرخ من الألم.. من لسعة النار فِ الحشا يمكن ضحك.. أو ابتسم.. أو ارتعش.. أو انتشى يمكن لفظ آخر نفس كلمة وداع.. لجل الجياع يمكن وصية للى حاضنين القضية.. بالصراع صور كتير ملو الخيال.. وألف مليون احتمال لكن أكيد ولا جدال جيفارا مات موتة رجال أخبار متعلقة : تقرير تقصى حقائق «القومى لحقوق الإنسان»: قناص «أكتوبر» ومجموعة مجهولة أطلقوا الرصاص على الأقباط والجيش أسر الشهداء: الرب يعزينا.. و«مرسى» يضعنا خارج حساباته.. والقتلة «معززين مكرمين» القس متياس نصر لـ«الوطن»: أحدهم: صرخ «هاتوا الكافر».. فبدأ القتل فيفيان مجدى خطيبة الشهيد مايكل مسعد تكتب: فى انتظار أن نغنى معاً لانتصار الثورة «الله أكبر بسم الله» والدة الشهيد جرجس راوى: اليد التى حرمت «ديفيد» من حضن والده دون رحمة لابد أن تُقطع فلوباتير جميل.. كاهن المواجهة حمدى بدين.. أشداء على الثوار مشهد رأسى من العمارة 1211: هنا جرت أحداث المجزرة والأهالى يروون تفاصيل «القتل والرعب والجنون» رشا مجدى.. ومن الإعلام ما قتل «ماسبيرو».. عام على الدم والغضب