اللهم إني صائم.. إمبابة: «ملك الطواجن» فى «استراحة مؤقتة» وازدهار سوق الكنافة والقطايف والتمور والمخللات

كتب: أحمد العميد

اللهم إني صائم.. إمبابة: «ملك الطواجن» فى «استراحة مؤقتة» وازدهار سوق الكنافة والقطايف والتمور والمخللات

اللهم إني صائم.. إمبابة: «ملك الطواجن» فى «استراحة مؤقتة» وازدهار سوق الكنافة والقطايف والتمور والمخللات

زحام شديد ومركبات «توك توك» منتشرة فى الشوارع الواسعة والضيقة، الرئيسية والفرعية، المفتوحة والمغلقة، لم يتوقف ضجيج محركاتها الصغيرة وسط صراخ الأغانى الشعبية الصاخبة التى يذيعونها من مكبرات صوت، تتداخل معها صفارات إنذار «ميكروباصات» بيضاء تجوب شوارع تلك المنطقة المزدحمة التابعة لمحافظة الجيزة.

حينما تحاول دخول «إمبابة» من الطريق الرئيسى الخارجى، وهو «كورنيش» النيل، ستجد الأنسب لك شارع «طلعت حرب» الشهير الذى يوجد فيه مطعم «كبدة البرنس»، الشارع الفسيح يشهد انسيابية مرورية، لأن معوقه الرئيسى، وهو مطعم «البرنس»، يغلق أبوابه أمام الزائرين، لكن عدداً من عماله موجودون أمامه، يمارسون بعض الأعمال التى بدا أنها تنظيف وإعادة تهيئة المكان، فيما يقوم آخرون بجلب عوارض خشبية تستخدم فى نصب الصوان، وحواجز حديدية بدت أنها ستُستخدم كطاولات لفرش الطعام عليها.

على الجانب الآخر، منزل ضيق فى مرحلة البناء، لكن وضعت عليه لافتة نفس المطعم، كإعلان عن استحواذه على هذا المكان، وعمال يرتدون زى «البرنس» يصعدون ويهبطون ومعهم أدوات طبخ، يسأل أحد المارة: «هو البرنس قافل؟»، ويجيبه أحد العمال: «آه قافل أول أسبوع، هيفتح يوم الاتنين الجاى»، ليعدل الرجل وجهته وينطلق بسيارته الفارهة.

بدت الحركة فى الشارع هادئة، بل حتى موقف «سيارات الأجرة» الذى تذهب سياراته إلى الكيت كات والعجوزة وميدان التحرير، بدا فى حالة سكون، وسائقوه يختبئون خلف سياراتهم المتوقفة إلى جوار المسجد، وبعضهم ينامون داخل المسجد، لا أحد ينادى على الزبائن، فهو معروف، والسيارات موضوعة بترتيب محدّد، كلما تمتلئ سيارة تقلع ويفتح سائق السيارة التالية بابها وينتظر، يقابل هذا الموقف مطعم «كبدة الربيعى»، وهو مطعم مشهور لدى أهالى إمبابة، ويقدم «الساندويتشات» من اللحوم والكبد، يسأل أحد المارة: «هو الربيعى بيفتح الساعة كام؟» ليجيبه سائق: «بعد العصر كده هتلاقيه فتح زى بقية المطاعم».

يتقاطع مع شارع طلعت حرب عند نهايته «شارع المدارس»، يعج بالتلاميذ الذين يخرجون من مدارسهم، وسط صراخ مستمر على طول الشارع، الشجار ولحاق الأطفال ببعضهم البعض يسبب الإزعاج الشديد لأصحاب محال الملابس، فهم يدخلون المحال أو يصطدمون بـ«فرشات» الملابس الموضوعة أمام المحال، ليخرج أحد الباعة ويصرخ فى وجوههم: «الدنيا صيام اللى هيهزر ولّا يتخانق قدام المحل هافطر عليه»، لا يأبه أحد من التلاميذ بتهديده ويواصلون اللعب والملاحقة فى الشارع، وقسم منهم يتزاحمون على طاولة «تنس الطاولة».

فى منطقة إمبابة، لا تجد الشوارع خالية حتى فى نهار رمضان، ففى شارع «المنيرة العام»، تلاصق محال الطعام محال الملابس والخضراوات، وفرشات الملابس والخضراوات والفاكهة فى كل مكان، صفوف خارج المحال توازى المحال نفسها فى المعروضات، فتجد كل محل وأمامه إما فرشة خضراوات أو فاكهة أو فرشة ملابس، بدءاً من نفق «إمبابة» الذى يوجد فيه أصحاب الخردوات القديمة الذين يختفون من ظل الشمس ويعرضون خردواتهم، مروراً بسوق الفاكهة، وحتى مسجد «السنية».

لكن شارع «السوق» الموازى لشارع المنيرة، يشهد زحاماً شديداً بقية أيام العام، وفيه تلتصق محال الخضراوات بمحال بيع الملابس، وتفرش المحال أمامها فرشات تستحوذ على مساحة كبيرة من حرم الطريق، تاركين نحو أقل من مترين لعبور المارة، لكن حتى هذه المساحة الضيقة يقف فيها بعض الباعة الجائلين بعربات صغيرة، لتصبح الحركة فى غاية الصعوبة، يصرخ أحد المارة فى بائع يغلق الطريق: «ينفع كده تقفلوا الشارع مش عارفين نمشى على رجلينا»، ليرد: «خلاص يا بلدينا رمضان بقى وكل سنة وانت طيب»، لكن المشهد هنا يختلف، حيث يواصل الباعة النداء على زبائنهم، خاصة بائعى الفواكه، لتظل حركة التجارة سريعة ولا تتوقف، والشجار أيضاً بين النسوة اللاتى يرددن أسعاراً أقل وبين الباعة المتمسكين بتسعيرتهم، لتقول سيدة لبائع البطيخ: «أنا هاخد البطيخة بـ15، أنت اللى نديت لى وقلت لى البطيخ حلو، أنا كنت نازلة أشترى لبس للبت»، ليرد عليها البائع: «يا ستى جاية تتكلمى فى السعر بعد ما فتحت البطيخة؟»، ليستمر الجدال وعمليات البيع وسط النداءات بلا توقف.

لكن شارع الوحدة يشهد حالة نشاط كبيرة، فالسائقون المتوقفون عند موقف «الوحدة» ينادون على زبائنهم، وينتشر باعة المخللات أمام محلات الطعام المغلقة فى نهار رمضان، بينما تتراص النسوة ويزدحمن عند محال العجائن لبيع «الكنافة» و«القطايف»، بينما فى محيط شارع الوحدة وفى الشوارع الجانبية يتراص الناس على محال الجزارة، هذه السمات التى تتصف بها إمبابة، ففى الليل يزداد الزحام على محلات الملابس وفرشاتها، بينما قبل الإفطار يكون الإقبال على اللحوم والفواكه والمخللات وشراب «التمور» و«السوبيا» و«العرقسوس» التى يقف بها الباعة أمام المحلات ببراميل بلاستيكية زرقاء اللون، لتستمر حركة التجارة فى إمبابة بلا توقف فى نهار رمضان.


مواضيع متعلقة