اللهم إني صائم.. روض الفرج: غابة من الياميش والبلح والفول المدشوش.. و«كابر» مغلق للتحسينات
سوق البلح فى الساحل لايزال يعرض بضاعته
أسفل كوبرى الساحل الذى يربط حى روض الفرج بمنطقتَى الوراق وإمبابة، أجواء «رمضانية» لا تزال تحتفظ بملامحها فى أيامها الأخيرة، حيث بدأت من الأيام الأولى لشهر شعبان الماضى وتنتهى فى الأيام الأولى لشهر رمضان، فرشات كبيرة نُصبت تحت الكوبرى مباشرة فى منطقة «ساحل روض الفرج»، أجولة كثيرة إلى جوار بعضها وتزاحم السيارات فى الشوارع المطلة على أسفل الكوبرى، والتى تقودك إلى منطقة روض الفرج مباشرة.
المشهد من طريق الكورنيش مختلف بعض الشىء عن المنطقة فى الحوارى الداخلية المطلة على منزَل الكوبرى، حيث تُنصب السرادقات الكبيرة الضخمة بأعمدة خشبية طويلة يصل طولها إلى 7 أمتار تقريباً كأوتاد تُعلق عليها الخيام الكبيرة ذات القماش الثقيل الأحمر، بينما تزينها المصابيح الكبيرة والملونة، التى تتدلى من جوارها سلاسل معدنية ذات لون فضى، كل هذا الغطاء الكبير الممتد بأعمدته خارج الرصيف بنحو مترين ونصف أو ثلاثة أمتار، وُضع خصيصاً ليحمى البضاعة الموسمية «الرمضانية» من أشعة الشمس الحارة، فهنا ليست فقط أجولة البلح الكثيرة بأنواعها وأحجامها المختلفة، بل الكثير من البضائع الأخرى ومستلزمات رمضان من «الياميش»، بعض هذه الفرشات اتخذت من الأعمدة الكبرى لوحة تزينها بأقمشة لامعة وتعلق عليها أسعار بضاعتها.
حركة البيع ضعيفة.. والباعة يلجأون لتخفيض الأسعار 30%: "بنلم البضاعة وهنصفّى"
كمية البلح الموجودة مع الموازين الكبيرة الموضوعة على الأرض، والتى بدا أنها تُستخدم لوزن الأجولة وليس للأكياس البلاستيكية التى يعتاد المرء على رؤيتها عند أحد محال العلافة أو أى مواد غذائية تعكس حجم الكميات التى يتم تداولها هنا فى هذه السوق الموسمية، تخفى هذه الفرشات خلفها مخازن الأعلاف القديمة التى تطل على النيل، وتبدأ من نادى الكهرباء حتى تقترب إلى فرع بنك مصر بروض الفرج المطل على الكورنيش.
الأسعار هنا تبدو مرتفعة، فيلاحظ أنه على كل جوال بلح قطعة من الكرتون مُدون عليها السعر، بعضها كُتب عليه نوعه مثل بلح «الملكاب» ذى اللون الأسمر وبلح «الشامية» ذى اللون الفاتح الصغير، وبلح «عينات» و«سكوتى»، وأغلبها يدون السعر فقط، بدأت الأسعار على الطريق من الخارج من 18 حتى 45 جنيهاً لكل كيلو جرام، يبدو الوضع غريباً بالخارج، فما إن ترمى بعينك على أجولة البلح حتى تجد الباعة ينادون عليك ويحاولون إيقافك لعرض بضاعتهم مع ملاحظة كلمة: «إحنا بنلم البضاعة وبنصفّى»، وبعضهم يقوم بتخفيض سعر البلح بما يقرب من 25% أو 30% من سعره المدون عليه، فهم بدوا خلال هذه الأيام متأخرين كثيراً عن موعد المغادرة، فهنا يبدأ الموسم مع أول أيام شعبان، بينما يبدأ التجار فى المغادرة ولمّ البضاعة عند أول يوم رمضان، لكن مر أسبوع وأكثر من شهر رمضان من دون أن يغادر الباعة، وذلك بسبب النقص الحاد فى عمليات البيع، لذا لا يزالون يأملون بعملية بيع وتقليل الخسائر إلى أقصى حد ممكن، ويُفصح التجار والباعة عن حالهم هذا للمشترين خلال عملية عرض البضاعة، لمناشدتهم انتهاز الفرصة لشراء بضاعة رخيصة خلال التصفيات.
وبالدخول إلى الفرشات المنصوبة فى الداخل باتجاه منطقة روض الفرض فى شارع عبدالقادر طاهر، وهو الشارع الذى تنزل فيه السيارات من الكوبرى لتصل إلى المحلات، تزيد البضاعة التى لا يقف إلى جوارها أى بائع، لتلاحظ أن أجولة البلح موضوعة أسفل الكوبرى وعلى جانبَى الطريق الضيق بلا بائع، لكن ما إن تقترب من الأجولة وتفحص البلح تجده أمامك يسأل: «أؤمرنى يا باشا»، ويبدأ فى استدراجك لشراء بضاعته، لكن الأسعار تقل عن الخارج، فيلاحظ أنها تبدأ من 15 حتى 38، لكن على الجانب الأيسر من منزَل الكوبرى قام التجار بربط لوحات إعلانية قديمة بين سور الكوبرى والمنازل القديمة الملاصقة له لتشكيل خيام كبيرة وطويلة بطول منزَل الكوبرى للسماح للزبائن بالوقوف أمام المحال دون التعرض لأشعة الشمس الحارة، فيما لا يزال بعضهم يقدم الغلال مع ياميش رمضان وأجولة البلح.
أما شارع الشون الشهير، والذى تغير اسمه لشارع «حلمى على»، فهذا يختلف كثيراً، فعند مدخل الشارع تتراص كميات هائلة من أجولة الفول المزالة قشرته الخارجية، واسمه التجارى المدون على الأجولة «مدشوش العفريت»، وهو المستخدم فى صنع الأكلة الشعبية «الطعمية» بعد طحنه، ولا يزال الناس يأتون لشراء الغلال مع البلح بكميات كبيرة، فسيارات خاصة تأتى لشراء جوال أو اثنين من الأرز أو المكرونة، ونشاط محموم يضرب المنطقة من دخول وخروج سيارات نقل، بينما قليل من أجولة البلح تزين واجهات مخازن ومحال الغلال وموضوعة مع أجولة من الغلال الأخرى من الفول والترمس والفاصوليا البيضاء والذرة وغيرها.
على الجانب الأيمن من منزَل الكبرى عدد من السيارات تدخل إلى اليمين فى شارع «عبيد»، وهو الشارع الموجود به أشهر مطاعم المنطقة بأكملها وهو مطعم «صبحى كابر»، تذهب إليه السيارات وتقف ليترجل أصحابها نحو المطعم المغلقة أبوابه، ولا يوجد أمامه سوى شخص يجلس على كرسيه وأمامه طاولة صغيرة، عليها مصحف يقرأ فيه، وهو أحد العاملين بالمطعم، يجلس خصيصاً للإجابة عن أسئلة الزبائن القاصدة هذا المطعم، ليجيب على الناس: «المطعم مقفول وهيفتح يوم 21 رمضان، بنعمل توضيبات وتشطيبات فى الأدوار دى»، ليفرغ الشارع ويخلو من السيارات التى اعتادت أن تتزاحم فيه لزيارة هذا المطعم الشهير.