اللهم إني صائم.. «شبرا» تبحث عن «رمضان بتاع زمان».. بائع الورد: الناس اتغيرت.. والمزين: حتى الحلاقة قلت

اللهم إني صائم.. «شبرا» تبحث عن «رمضان بتاع زمان».. بائع الورد: الناس اتغيرت.. والمزين: حتى الحلاقة قلت
- أسماء الله الحسنى
- أيام زمان
- الجيل الجديد
- العذراء مريم
- المسلمين والمسيحيين
- انت حر
- آثار
- اللهم إني صائم
- مسجد الخازندار
- شبرا
- رمضان
- رمضان 2019
- أسماء الله الحسنى
- أيام زمان
- الجيل الجديد
- العذراء مريم
- المسلمين والمسيحيين
- انت حر
- آثار
- اللهم إني صائم
- مسجد الخازندار
- شبرا
- رمضان
- رمضان 2019
ولما كان أحد نهارات «رمضان» كان أهالى حى شبرا العريق، وتحديداً منطقة الدوران والشوارع المطلة عليه، يسعون كعادتهم من أجل رزقهم، كل حسب مهنته، لكن كان لسان حالهم جميعاً تقريباً يقول: «فين رمضان بتاع زمان؟».
من بين هؤلاء كانت «أم أحمد»، بائعة الكنافة والقطايف، على ناصية شارع روض الفرج، وابنة صاحب المحل الذى يبيع الكنافة طوال العام، والتى اعتادت أن تشارك والدها العمل فى رمضان، باعتباره «موسم»، لكنها ترصد هذا العام أنه «موسم مضروب»، حسب تعبيرها. بينما كانت «أم أحمد» تبيع لأحد زبائنها «كيلو إلا ربع كنافة»، قالت: «رمضان زمان كانت الناس بتقف هنا بالطوابير، لكن من 3 سنين تقريباً الدنيا اتضربت»، مشيرة إلى أن «كيلو الكنافة الذى كان العام الماضى بـ14 جنيهاً أصبح الآن بـ17 جنيهاً، وفيه محلات أغلى». تواصل السيدة الثلاثينية عملها، وهى تجلس أمام فرن بلدى صغير، مبنى على أرض الشارع، بارتفاع لا يتجاوز المتر، لإعداد القطايف البلدى لزبائن آخرين، قائلة: «كل حاجة بقت غالية، والناس عليها أعباء كتيرة».
صانعة الكنافة: البيع السنة دى مضروب.. والفرارجى: المواسم انقرضت.. وبائع العصير يشكو عصر "الكانزات" ويترحم على "الكازرونة"
فى الجهة المقابلة لها، كان عم بلبل أحمد، 67 سنة، الفرارجى، يبيع فرخة لإحدى زبائنه مقابل 100 جنيه، ويسجل نفس ما قالته جارته: «مفيش رمضان السنة دى.. والمواسم عموماً انقرضت من الغلا، إنما زمان كان فيه عزائم وبيع وشرا».
خلف «عم بلبل» كانت هناك صورة للسيدة العذراء مريم، ولوحة لأسماء الله الحسنى وسورة يس، فى تقليد يتبعه كثير من أصحاب المحال فى هذه المنطقة التى يعيش فيها نسبة كبيرة من الأقباط، وتعتبر نموذجاً للتعايش بين أبناء الوطن من المسلمين والمسيحيين. يتذكر «بلبل» شبرا أيام زمان، وقت أن كانت الترع والزراعات ما تزال تشغل أجزاء منها: «شارع الترعة الشهير كان عبارة عن ترعة بالفعل تصل حتى الخلفاوى، والمنطقة المعروفة الآن بشارع الجسر كانت عبارة عن غيطان جميز، والعمارة اللى فيها المحل الآن كان بيقعد مكانها بياعين سمك بمشنّات، وكنت زمان تجيب منهم 2 كيلو سمك بلطى يدوك كبشة جمبرى هدية عليه، لكن دلوقتى الخير قل».
ما أن تعبر «الدوران» بمسلته الرخامية المميزة، المكتوب عليها إهداء من «سينما الأمير»، باتجاه الجهة المقابلة لشارع روض الفرج، حتى تجد شارع «خلوصى» الشهير أيضاً، والذى يؤدى فى نهايته لشارع الترعة التى تحدث عنها «عم بلبل». أشجار الصفصاف الكبيرة التى كانت تُزرع قديماً على جوانب الترع، كانت ما تزال قائمة بما يشير لأن ترعة قديمة كانت هنا، لكن لم يتبق من آثارها سوى هذه الأشجار، وبالقرب من إحداها كانت تجلس فتاة صغيرة السن دهمها قطار الزواج مبكراً، فيما يبدو، وأسفر عن ثلاثة أطفال كانت تُرضع أحدهم بينما تتسول.
مسجد الخازندار يزدحم بالمصلين.. وصور العذراء بجانب أسماء الله الحسنى
على بعد أمتار أخرى كان محل عصير قصب، قبالة الموقع الذى كانت تشغله «سينما الأمير» الصيفى، والتى تحولت لمول، وفى واجهة المحل كان يجلس عم صبرى شقوير، 56 سنة، يستعيد ذكريات رمضان زمان، حين كان المصريون لا يعرفون «الكانزات والمياه الغازية» كما هو الحال الآن، وكانت الفترة التى تسبق أذان المغرب يجد فيها مظاهرة من الأطفال بالحلل و«الكازرونات» لشراء العصير، حيث تظل ماكينة العصر تعمل لمدة نصف ساعة بعد المغرب، ولم يكن العصير فقط هو المطلوب، بل كانت قطع الثلج أيضاً، حيث لم تكن الثلاجات معروفة، كالآن»، بحسب «شقوير» الذى يرصد بالرغم من ذلك أن «الحاجة الآن غليت والخير قل».
بالعودة لشارع شبرا، الذى شقه محمد على عام 1808، كان الحاج مجدى محمد، الحلاق، 55 سنة، الذى يسكن منطقة «فيكتوريا» القريبة، يحلق لأحد زبائنه فى صالونه القديم، بينما يترحم على أيام رمضان زمان أيضاً، مشيراً إلى أن «الخير فيها كان رايح وجاى»، أما الآن فيرصد أنه «حتى الناس بقوا يحلقوا أقل». يقول «عم مجدى» بينما يواصل الحلاقة: «زمان كانت الجيران بتراعى بعضها، لكن دلوقتى تلاقى الفرح جنب الميتم، ورغم إن الشبراوية معروف عنهم إنهم جدعان، لكن الجيل الجديد منيل، بعد ما البرشام والاستروكس بوظوه».
فى الجهة المقابلة من شارع شبرا، كان جامع الخازندار، التاريخى، وأحد علامات شارع شبرا، يقف بتصميمه المميز، ومدخله الرئيسى الذى جاء على هيئة نصف دائرة، داعياً أهل المنطقة والمارين بها للدخول، حيث كان بعضهم يصلى بداخله، أو يحضر درساً دينياً، فيما كان آخرون يبحثون عن السكينة وربما يهربون من حرارة ذلك اليوم التى تجاوزت الأربعين. غير بعيد عن الجامع كان يقع «موقف أوتوبيسات غرب ووسط الدلتا»، أو ما كان يعرف قديماً بـ«مطار المنوفية» حيث كانت تنطلق منه قديماً أوتوبيسات لجميع أنحاء المحافظة، وقت أن كان الانتقال من هناك للقاهرة أمراً عظيماً، يشبهه الفلاحون البسطاء بالسفر للبلدان الأخرى عبر المطارات.
داخل شباك التذاكر، كان يجلس خالد إبراهيم، موظف الحجز وأحد أهالى شبرا، مترحماً على «رمضان زمان، والفرق الشاسع بينه وبين الآن»، حين كان الموقف «مليان خير» وكانت مخازن الأوتوبيسات تمتلئ بصوانى الجبنة والزبدة التى يأتى بها الفلاحون ليبيعوها بالأسواق المجاورة، وهو الأمر الذى اختفى الآن، واختفت معه كثير من بهجة رمضان وعزوماته، بعد أن أصبح الغلاء يحكم ألا يعزم الأخ أخاه.
أما محمد على، بائع الورد، البالغ من العمر 54 عاماً، والذى كانت حركة البيع لديه متوقفة تقريباً، وخلا محله الطويل سوى من باقات محدودة من الورد، فعبر عن الوضع بعبارات أخرى قائلاً: «الأيام شبه أصحابها.. هما اللى بيعملوها، ورمضان هوه هوه من ساعة ما بدأ، بس الناس اللى اتغيرت».