اللهم إني صائم.. ميدان الألفى: المحلات «عيون مقفولة» والبائعون

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

اللهم إني صائم.. ميدان الألفى: المحلات «عيون مقفولة» والبائعون

اللهم إني صائم.. ميدان الألفى: المحلات «عيون مقفولة» والبائعون

ترتفع الشمس فى وسط السماء، معلنة رفع أذان الظهر، فتزداد معه حرارة الأجواء، يدفع الطقس الحار البعض إلى الهروب منه والمكوث للحظات فى ظلال الأشجار القليلة الموجودة فى شارع أحمد عرابى بمنطقة وسط البلد، السيارات الكثيفة المتكدّسة فى تقاطع عرابى، ربما كانت إحدى أهم سمات الشارع، الذى يتمتع بشهرة كأحد معالم القاهرة، وقبلة من أراد مشاهدة المبانى الأثرية، التى تميز منطقة وسط البلد.

السير بالأقدام داخل الشارع الذى تنعدم فيه أشكال الحياة المتمثلة فى حركات البيع والشراء، يكشف عن إغلاق جميع المحلات بالشارع، التى يعمل أغلب أصحابها بقطع غيار السيارات والهدايا، يقف شاب عشرينى يرتدى ملابس ريفية، «جلابية» و«لاسة»، ومعه عربة كارو يبيع الخوخ: «قرب يا غالى، خوخنا من النوع العالى»، بهذه الكلمات يحاول البائع جذب المارة، الذين  يندر وجودهم فى الشارع، لكنه لا يفقد الأمل، وينادى بأعلى صوت تملكه حنجرته، وبعد ١٥ دقيقة من الفراغ الذى أحاط بالبائع، تتجمع بعض السيدات حول العربة: «الخوخ شكله حلو فعلاً، بكام؟»، ليرد العشرينى قائلاً: «قررنا نضحى ونرخص السعر علشان الكل ياكل بـ٧ بس، يا مدام، عايزة كام كيلو، دى فرصة صدقينى»، ينجح الشاب فى إقناع إحدى السيدات القلائل، فتقبل بشراء ٣ كيلو: «أهو ينفع، لو مش للأكل، أهو للعصير حلو»، بينما قررت باقى النساء تركه، نظراً لسعر بضاعته المرتفع، كما أشارت إحداهن: «غالى بـ٧، آخره ٥».

أمام إحدى شركات البترول الشهيرة، افترش الباعة الجائلون الرصيف لجذب انتباه المارة ومحاولة التأثير على موظفى الشركة من أجل الظفر ببعض المشترين، الجميع يجلسون فى مشهد درامى، واضعين أيديهم فوق رؤوسهم ينتظرون فرجاً من الله وفضلاً وزبائن تشترى بضاعتهم التى أضرتها أشعة الشمس وأفسدت الكثير منها، وما إن تتحرك عقارب الساعة نحو الثانية ظهراً، لتبدأ معها بشائر الخير التى يتمناها البائعون، تعلو الأصوات وترتفع السلع فى أيدى البائعين من أجل إغراء موظفى الشركة بالشراء، وبعد عدة محاولات ينجح هؤلاء الباعة فى جذب زبائن لهم، الجميع يتّجه ناحية «الأكل البيتى»، يتهامسون فى ما بينهم: «المحشى، شكله حلو جداً بس تلاقيه غالى، تقترب سيدة من بائعة: «مساء الخير، بكام محشى ورق العنب؟»، مع هذا السؤال بدأت ملامح فتاة عشرينية تجلس وأمامها صندوق حفظ طعام يحوى كل ما تشتهيه الأنفس من مأكولات بيتى، فى التهلل فرحاً بقدوم أول مشترٍ لبضاعتها، وتجيب بحماس: «ده يا مدام أكل بالسمن البلدى، كله عمايل إيديا، والأسعار معقولة والله، ياريت تنفعونى»، تستجيب سيدة يبدو أنه قد أرهقها يومها الوظيفى، فقررت أن تشترى محشى ورق عنب وكذلك رقاق: «مش هاكسفك يا بنتى، هاخد محشى ورقاق ومعاهم جلاش، بس ياريت بقى تكرمينى فى السعر علشان أبقى زبونتك».

صوت الكارو: "قرّب يا غالى.. خوخنا من النوع العالى".. وبائع البيض: "رمضان يحب البلدى".. وباعة الأكل البيتى يفتحون سوقاً فى الشارع

بجوارها جلس بائع بيض ومعه بعض منتجات الألبان «جبنة قريش وسمنة، رمضان يحب البلدى»، هكذا يحاول الخمسينى ذو اللحية البيضاء جذب زبائنه، معدّداً فوائد بضاعته، حتى يتمكن من بيعها سريعاً، حيث تأثرت كثيراً بحرارة الطقس، ولزم عليه التخلص منها ببيعها أو العودة بها ووضعها فى ثلاجته، حتى تستعيد قوامها مرة أخرى. على بعد خطوات من الباعة جلس بائع ملابس أمام بضاعته المكونة من بناطيل وتيشيرتات، والتى وضعها على ترابيزة مثبتة على صفائح وكراتين ورقية، متخذاً من كشك الكهرباء القريب منه موضعاً لعرض أفضل ما لديه فى شماعات متدلية من الكشك لجذب المارة، الذين يندر مرورهم من أمامه، لكنه ما زال يمتلك أملاً فى «الاستفتاح».

الوضع داخل شارع الألفى، الذى يُعد قبلة لمن أراد الجلوس على المقاهى لم يختلف كثيراً عن شارع عرابى، إذ فضّل بعض أصحاب المقاهى فتح أبواب مقاهيهم رغم عدم وجود زبائن. فى حين فتح مطعم آخر أبوابه مع دقات الثالثة عصراً، لكل من أراد وجبات للإفطار.

 

 


مواضيع متعلقة