اللهم إني صائم.. «جامعة الدول»: جامعو خردة ومتسولون ضد الحر.. وفتارين بلا زبائن

اللهم إني صائم.. «جامعة الدول»: جامعو خردة ومتسولون ضد الحر.. وفتارين بلا زبائن
- اللهم إني صائم
- رمضان
- رمضان 2019
- جامعة الدول
- الأجواء الرمضانية
- اللهم إني صائم
- رمضان
- رمضان 2019
- جامعة الدول
- الأجواء الرمضانية
صوت ضحكات الأطفال كان يسيطر عل المكان أسفل تمثال الأديب الراحل نجيب محفوظ فى ميدان «سفنكس» بمنطقة المهندسين، ينظر إلى شارع جامعة الدول العربية الممتد من أمامه، بينما كان هؤلاء الأطفال يلعبون حوله فى حالة من المرح، وخلف ظهورهم حقائبهم التى دلت على انتهاء يومهم الدراسى منذ قليل، غير مبالين بحرارة شمس الظهيرة التى ألقت أشعتها فوق رؤوسهم، فى حين كانت الأرجاء المجاورة لهم صامتة بما يتناسب مع نهار يوم جديد من أيام شهر رمضان.
الأجواء الرمضانية بدا تأثيرها واضحاً على الحياة اليومية فى شارع جامعة الدول العربية، رغم شهرة هذا الشارع بصخبه المعهود، وحركته التى لا تهدأ على مدار اليوم، إلا أن شيئاً لم يكن حاضراً من ذلك بعد أن غابت عنه مظاهره اليومية وحل مكانها مظاهر أخرى ارتبطت بهذا الشهر الكريم، ففى بداية الشارع من ناحية نادى الزمالك وميدان «سفنكس»، كان مشهد التحميل العشوائى لسيارات الأجرة مختلفاً عما يكون عليه فى الأيام العادية، فهذه الهتافات المتعارف عليها بأصوات غليظة مرتفعة كانت غائبة رغم وجود السيارات نفسها، وحضر بدل منها الصمت، من الراكبين والسائقين على حد سواء، فقط سيارات تقف خلف بعضها البعض بين الحين والآخر، يتوافد إليها راكبون أجهدهم الصيام، ثم تتحرك فى صمت.
مئات الأمتار من هذه النقطة التى كان يقف فيها سيارات الأجرة، تقطعها هذه السيارات فى شارع جامعة الدول العربية داخل طريق على جانبيه محلات كثيرة خلا معظمها من الزبائن، فقط بعض متفرجين من الخارج يلقون نظراتهم العابرة على ما تعرضه هذه المحلات من بضاعة عبر فتارينها المخصصة لذلك، وصولاً إلى ميدان مصطفى محمود، ذلك الميدان الأشهر فى شارع جامعة الدول العربية، والذى اقتطعت أعمال الحفر الجارية لإنشاء الخط الثالث من مترو أنفاق القاهرة الكبرى جزءاً كبيراً منه، فكان الجزء المتبقى ملجأ لبعض من المواطنين الذين افترشوا الأرض من تحت الأشجار الصغيرة الموجودة به، يستظلون بها من أشعة الشمس، منهم من جلس يلتقط أنفاسه، ومنهم من غلبهم النعاس فلم يعد يشعر بمن حوله، وآخرون يقفون ينتظرون مواصلة تأخذهم إلى حيث يريدون.
لم يخل شارع جامعة الدول العربية فى هذه الساعات من نهار رمضان، رغم ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة، من بعض المتسولين الذين اتخذوا من أركان مختلفة فى أماكن متفرقة من الشارع مقراً لهم، يجلسون فيه يستعطفون المارة بكلمات حزينة وبعض من الأدعية المرتبة، فمنهم من يستجيب ويقدم لهم ما تجود به نفسه من المساعدة، وآخرون لا يعيرونهم انتباهاً ويمرون من جوارهم بخطوات سريعة، بينما فى أماكن أخرى متفرقة كان مشهد آخر لعمال النظافة الموجودين فى الشارع من أوله لآخره، بعض منهم ما زال يقوم بعمله، والبعض الآخر يأخذ قسطاً من الراحة استعداداً لاستكمال ما كان يقوم به، وآخرون أنهوا عملهم وبدأوا فى الاستعداد للرحيل من المكان.
الطريق فى شارع جامعة الدول العربية بداية من ميدان مصطفى محمود فى اتجاه شارع السودان، كانت أعمال الحفر فيه للخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة الكبرى، هى الغالبة عليه، دل عليها ذلك السور الحديدى المرتفع، كما أصبح السور أيضاً بمثابة خط سير لـ«السريحة» من جامعى الخردة، يسيرون بمحاذاته طيلة اليوم فيجمعون ما يقع تحت أيديهم من الخردة.
أشعة الشمس فى شارع جامعة الدول العربية لا مجال للإفلات منها فى معظم ساعات النهار، فكانت محاولات الهروب من درجة الحرارة المرتفعة مقتصرة على أماكن متفرقة من الظل يلجأ إليها المارة فى الشارع، وآخرون لم يتمكنوا من الوقوف، فرفعوا ما فى أيديهم فوق رؤوسهم يحتمون بها قدر المستطاع من الشمس، فضلاً عن اللجوء إلى «التاكسى» كوسيلة مواصلات سريعة، ترحم الواقفين من عذاب انتظار سيارات الأجرة العامة التى قل عددها فى نهار رمضان.