اللهم إني صائم.. عباس العقاد: توت ونعناع وتمر هندى وعرقسوس وسوبيا.. كله موجود إلا صاحب «العبقريات»

كتب: سارة صلاح

اللهم إني صائم.. عباس العقاد: توت ونعناع وتمر هندى وعرقسوس وسوبيا.. كله موجود إلا صاحب «العبقريات»

اللهم إني صائم.. عباس العقاد: توت ونعناع وتمر هندى وعرقسوس وسوبيا.. كله موجود إلا صاحب «العبقريات»

هدوء تام يُخيم على شوارعها، أغلب محلاتها مغلقة رغم اقتراب عقارب الساعة من الواحدة ظهراً، سائقو «الميكروباصات» يقفون على جانبى الطرق آملين فى الحصول على زبون. ذلك هو الحال فى مدينة نصر، خصوصاً فى ميدان الساعة الذى خلا من المارة باستثناء بعض المواطنين الذين كانوا يصطفون فى طابور صغير أمام أحد المنافذ المخصصة لبيع المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، من بينهم سيدتان جاءتا إليه لشراء بعض مستلزماتهما ورغم أن ترتيبهما كان فى نهاية الطابور فإنهما تخطتا دورهما مبررتين ذلك بحصولهما على إذن لمدة نصف ساعة فقط من العمل.

على بعد خطوات من الميدان، يقع شارع عباس العقاد الذى كلما اقتربت قدماك منه تعالت الأصوات وازدادت الحركة، حيث تتنوع فيه المحلات ما بين ملابس ومطاعم وكافيهات، ففى مقدمته يقف سائقو «الميكروباصات» ينادون بصوت عالٍ على فترات متفرقة على الزبائن، فيما جلس بعض الباعة الجائلين على رصيفه لعرض بضاعتهم التى اختلفت من بائع لآخر لكن جميعهم يتنافسون فى الحصول على زبون، فهذا خصص فرشته لبيع بعض الإكسسوارات والسبح، وآخر للأدوات المنزلية، أما الثالث الذى كان أكثرهم زحاماً فكانت فرشته مخصصة لبيع «التوت»، حيث تأتى إليه الزبائن من وقت لآخر لشراء ما يبيعه، ورغم أن بعضهم يطلب منه وزن كمية قليلة فإنه كان يحاول جذبهم لشراء كمية أكبر من خلال خفض سعر الكيلو لـ20 جنيهاً بدلاً من 25 بجانب إقناعهم بـ«حلاوة طعمه» رغبة منه فى إنهاء يومه مبكراً وعودته إلى منزله قبل أذان المغرب، ومع إلحاحه كان أغلبهم يستجيبون له.

مواطنون يستغلون حالة الهدوء وينزلون لشراء ملابس العيد قبل زحام الأيام الأخيرة

وفى الداخل لم يختلف المشهد كثيراً، فالحركة فيه مستمرة، بعض محلات الملابس كانت أبوابها مفتوحة للزبائن، لكن حركة البيع والشراء فيها بدت ضعيفة، ورغم أن أغلب المواطنين يفضلون التسوق وتلبية احتياجاتهم بعد تناول الإفطار تجنباً لحرارة الشمس المرتفعة نهاراً، فإن الأسواق والمراكز التجارية بالشارع كانت مزدحمة إلى حد ما بالزبائن، خصوصاً العرائس اللاتى يأتين إليه لتجهيز أنفسهن، حيث تتنوع فيه المعروضات وبأسعار مناسبة لهن، فأمام إحدى الخيم المخصصة لبيع المفروشات، وقفت شابة فى أوائل العشرينات من عمرها وبرفقتها والدتها تتناقشان مع البائع حول شكل بعض «الملايات» و«الفوط» وأسعارها قبل أن تستقر على بعضها، ثم توجهت إلى الخيمة المقابلة لها التى يعرض صاحبها عباءات سورية على حسب ما قال لهم، ورغم إقناع البائع لها بإنها مستوردة وذات جودة عالية لكن ارتفاع أسعارها الذى وصفته العشرينية بأنه مبالغ فيه حال دون شرائها، لم تكن الفتاة العشرينية وحدها التى كانت تتجول داخل السوق التجارى، إنما استغلت سيدة ثلاثينية أخرى ذلك الوقت الهادئ لشراء ملابس العيد لطفلتها قبل ازدحام الشوارع والمحلات بالمارة.

«فروت لاند تهنئكم بمناسبة شهر رمضان الكريم وتقدم لكم أفضل المشروبات الرمضانية الطازجة».. لافتة عريضة وضعها أحد محلات العصائر بشارع البطراوى المتفرع من عباس العقاد لجذب الزبائن الذين يأتون إليه يومياً قبل أذان المغرب لشراء المشروبات الرمضانية التى تنوعت ما بين «تمر هندى»، «قمر الدين»، «عرقسوس» و«سوبيا»، داخل المحل وقف ثلاثة شباب وطفل صغير يعملون على قدم وساق لتلبية طلبات زبائنه الذين تزداد أعدادهم قبل ساعتين من الإفطار، مقسمين العمل فيما بينهم، حيث يعمل أحدهم بالداخل لتحضير المشروبات ووضع مكعبات كبيرة من الثلج فيها، أما الآخرون فيقفون أمام طاولة خشبية يعبئون العصائر التى تم تحضيرها سابقاً داخل زجاجات وأكياس بلاستيكية ثم يرصونها بشكل لافت للنظر.

وفى الشارع نفسه، التف بعض المارة الذين بدا عليهم ضيق الحال، حول رجل أربعينى يحمل فى يديه شنطة بلاستيكية سوداء بها وجبات جاهزة يقوم بتوزيعها عليهم بمناسبة شهر رمضان الكريم وسط أدعية كثيرة يرددها كل من كان له نصيب فى وجبة، وكان من بينهم سيدة عجوز وقفت مستندة على عكازها الخشبى تنتظر دورها فى الحصول على وجبة لها ولحفيدتها، وبمجرد حصولها عليها، عادت إلى فرشتها وأخذت منها بعض حزم النعناع التى تبيعها وتوجهت للرجل الخمسينى مرة أخرى، قائلة له: «خد الهدية البسيطة دى منى يا بنى ربنا يبارك لك ويرزقك من وسَع وتفتكرنا دايماً». وقبل رفع أذان المغرب بنحو 3 ساعات، بدأت المطاعم والكافيهات المنتشرة بالشارع الرئيسى بتجهيز أماكنهم ووضع الطاولات والكراسى المزينة فى الساحة المخصصة لكل منهم استعداداً لاستقبال الأسر والشباب التى تفضل الاحتفال معاً بالشهر الكريم خارج منزلهم، وفى الوقت نفسه كان العمل داخل إحدى موائد الرحمن بالمنطقة على آخره، حيث وقف داخل الخيمة المزينة بالفوانيس والزينة الملونة عدد كبير من الشباب وبعض السيدات يرتدون فى أياديهم «الجوانتيات» ومن حولهم بعض الأوانى التى يطهون فيها أنواعاً مختلفة من الخضراوات واللحوم كما اعتادوا منذ أول أيام رمضان، حيث يقوم أصحابها بتوفير ما يحتاجون إليه يومياً، ومع أذان الظهر يبدأون فى تجهيز الطعام وتسويته قبل أن يبدأ أهالى المنطقة والمارة يتوافدون عليها لحجز مقاعد داخلها.ميدان الساعة يخلو من المارة


مواضيع متعلقة