اللهم إني صائم.. سوق الجمعة: زحام على السمك والجمبرى والحمام.. و«ماتخافش من الثعابين والكلاب»

كتب: أحمد ماهر أبو النصر

اللهم إني صائم.. سوق الجمعة: زحام على السمك والجمبرى والحمام.. و«ماتخافش من الثعابين والكلاب»

اللهم إني صائم.. سوق الجمعة: زحام على السمك والجمبرى والحمام.. و«ماتخافش من الثعابين والكلاب»

أصوات تتعالى وضجيج يتزايد، وأناس يهرولون مسرعين لشراء ما يلزمهم من أسماك بأسعار مخفضة، قرر الباعة تقديمها لهم تيمناً بالشهر الكريم، جمبرى وسمك بلطى وبورى وثعابين بحر، كلها أشياء تباع بأسعار رخيصة ليوم واحد فقط من كل أسبوع، حيث يأتى البائعون من جميع مناطق القاهرة سعياً وراء لقمة عيش لهم ولذويهم، يفترشون سوق الجمعة بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، التى لم تقتصر منتجاتها على الأسماك بأنواعها المختلفة فحسب، ولكنها تضم أيضاً جميع أنواع الحيوانات الأليفة والطيور، وبأسعار تقل كثيراً عن مثيلاتها فى الأسواق الخارجية، كما أن سوق الجمعة لها مكانة خاصة عند التجار، وذلك لوجود معروضات وحيوانات رخيصة الثمن، مما قد يجعل منها كنزاً لمن أراد الثراء، حيث يشترى التجار الحيوانات ثم يقومون بتسويقها فى المحافظات بهامش ربح كبير.

فى بداية الشارع المقابل لمسجد السيدة عائشة جلس بائع أسماك على قطعة خشبية وأمامه كمية كبيرة من الجمبرى وضعها فى إناء كبير وبجوارها سمك البلطى الموضوع فى طاولة خشبية ممزوج بين ثناياه بعض قطع الثلج حتى لا يتعفن نتيجة الحرارة العالية للطقس، حول البائع تجمع العشرات من المواطنين فى محاولة يائسة للوصول إليه بعد أن اختفى عن الأنظار من شدة الزحام عليه: «الزحمة كتير بس يستاهل إننا نقف نستنى لأن أسعاره رخيصة جداً، الجمبرى الجامبو إزاى بـ٩٠ جنيه بس، ده ولا فى الخيال والله»، لم يهتم الزبائن الملتفون حول البائع بوجود السمك البلطى معه، حيث انصب تركيزهم حول الجمبرى.

بجوار بائع الأسماك وقف بائع الكلاب على بُعد خطوات ليست بالقليلة منه، يرتدى ملابس مهندمة وأمامه قفص خشبى، به عدد من الكلاب الصغيرة، التى تندرج تحت فصائل عديدة، منها الدوبر وكذلك الجيرمان، ويحمل بين يديه جرواً صغيراً، يعرضه على المارة: «قرب يا بيه الجرو بـ200 جنيه»، وما أن يسمع المارة النداء، حتى تجمعوا حوله متسائلين: «دوبر إيه اللى بـ٢٠٠ جنيه، أكيد مضروب طبعاً»، وبالرغم من تشكيك البعض فى فصائل الكلاب التى يبيعها الرجل إلا أن حركة الشراء مزدهرة، حيث استطاع أن يبيع ٣ كلاب صغيرة منذ الواحدة ظهراً حتى الثالثة عصراً، بالإضافة إلى ما باعه فى الصباح.

الترجل خطوات قليلة داخل الشارع الذى تكدس بالمواطنين وبخاصة عقب انتهاء صلاة الجمعة، يحتاج إلى التأنى فى السير خشية أن تفوتك إحدى الفرص الثمينة التى قد تحصل من خلالها على حيوان أو طائر لا يقدر بمال، بالقرب من منتصف الشارع وقف شاب عشرينى وأمامه صندوق خشبى محكم الغلق، ومحاط بسلك حديدى صغير، يظهر منه جلياً عدد لا حصر له من الثعابين مختلفة الأحجام، يسعى الشاب لبيعها فيقدمها للزبائن بأسعار قليلة حتى يتسنى له الرحيل قبل الغروب: «أى ثعبان بـ٥٠ جنيه، ومعانا عرض رمضان، ثعبان حامل برضه بخمسين جنيه، اشترى ياللى تعرف قيمة الثعابين»، حوله تجمع خمسة أطفال لكى ينظروا ماذا يفعل بالثعابين وما إن كانت سامة أم لا: «عمو هى بتعض؟!» ليرد الشاب بشكل عفوى: «تعض إيه هما كلاب يا حبيبى؟! دى ثعابين أليفة مافيهاش سم أصلاً»، ويمازح البائع أحد الأطفال ويضع ثعباناً صغيراً على كتفه ويقول: «شوف حلو إزاى وهادى»، وفجأة يرتفع صوت البائع: «حاسب حاسب ماتضغطش على بطنه هيجرى منك أو يقرصك». انصرف الأطفال من حول البائع ليبدأ بعدها فى تجهيز الثعابين للاسترخاء وذلك بوضعها فى المياه: «الجو حر ولازم أحطها فى مياه لأن النوع ده بيتعصب لو فضل فى الحر على طول». على بعد خطوات من بائع الثعابين جلست سيدة عجوز ترتدى ملابس سوداء، وأمامها عدد كبير من الكتاكيت يتجاوز المائة بقليل، بعضها أصفر وهناك منها الأخضر والأحمر والفوشيا، نجحت فى جذب الأنظار إليها واستطاعت جمع عدد كبير من المارة حولها، الجميع لا يشترى وحركة البيع متوقفة، ولكن كل من يقف حولها هدفه الأساسى مشاهدة ألوان الكتاكيت.

لم يخل السوق من السلاحف التى تنتشر بشكل كبير فى السوق وسط إحجام من المارة عن الشراء: «نجيب حمام ناكله أحسن، سلاحف إيه اللى نشتريها»، بعد ساعات من انتظار الزبائن أيقن بائع السلاحف أنه لن يتمكن من بيع أى منها وقرر مغادرة السوق مبكراً، حيث جمع أقفاصه البالية وسلاحفه متباينة الأحجام وغادر السوق.

أمام المقهى الأوحد فى الشارع وقف عدد كبير من الباعة للاحتماء بظلاله من حرارة الطقس، ومحاولة تلطيف أجسادهم بغسل وجوههم. وبالقرب منه وقف بائع العصافير ومعه صناديق كثيرة منها، تحوى جميع العصافير بأنواعها المختلفة التى لاقت رواجاً كبيراً من المارة، حيث وقف الجميع ينظرون لها بإعجاب شديد، وقرر الكثيرون الشراء من البائع الذى انشغل بوضع الطعام لها. أمام مسجد السيدة عائشة، الذى تحيط به «السقالات»، لدخوله فى مرحلة الترميم وقف العشرات من المواطنين منتظرين أوتوبيسات النقل العام، كما أن الكوبرى الموجود بجوار المسجد، شهد اصطفاف المواطنين تحته هرباً من أشعة الشمس الحارقة، فهؤلاء عمال يجلسون ومعهم أدواتهم «مطرقة وشانيور»، فى انتظار يومية، وفى الجانب المقابل للمسجد كان هناك عدد كبير من سيارات الأجرة التى تقف بشكل عشوائى مسببة زحاماً شديداً أمام المسجد من الناحية الخلفية له.


مواضيع متعلقة