«رمسيس».. أكبر وأقدم شوارع الفوضى فى مصر

«رمسيس».. أكبر وأقدم شوارع الفوضى فى مصر
موقعه كشارع رئيسى يربط أكثر المناطق حيوية ببعضها جعله لا يعرف السكون لحظة، ولا يعترف بساعة الذروة، فمن تضطره الظروف إلى المرور من شارع «رمسيس» يعلم جيداً أنه سيمر فى شريان ضيق يختنق بالباعة الجائلين وأصحاب «الركنات» الخاصة التى استولوا عليها من الطريق العام، فضلاً عن 3 إشارات مرورية توقفت عداداتها الإلكترونية بعد أن فشلت فى تنظيم حركة السيارات.
يتذكر «ماجد» جيداً ذلك اليوم الذى سمع فيه خبراً أربكه، وغيّر مساره اليومى فى العمل، فبعد ساعتين من وصوله صباحاً، اتصلت به شقيقته لتخبره أن والدته تعرضت لأزمة صحية ودخلت فى غيبوبة، أغلق هاتفه سريعاً وهرول إلى محطة عبدالمنعم رياض، حيث أقرب موقف أتوبيسات لعمله، تأمل الساعة جيداً، كانت العاشرة والنصف صباحاً، ولسان حاله يقول «لا موعد خروج موظفين ولا طلبة مدارس». المسافة من التحرير إلى المستشفى القبطى لا تستغرق أكثر من ربع الساعة، ركب الأتوبيس فتحرك على الفور من المحطة بعد أن امتلأ بالركاب. فى البداية تعطل الطريق أكثر من ربع ساعة ليدخل شارع رمسيس، وبدأ يحكى مأساته التى جعلته آخر من يصل لوالدته قبل أن تدخل غرفة الرعاية المركزة، قال: «قلقى على أمى وقتها جعلنى أشعر بكل دقيقة تمر، استغرق الأتوبيس فى البداية ربع ساعة، إلى أن وصل مدخل شارع رمسيس، ثم وقف ما يقرب من الساعة أمام نقابة المحامين، السيارات تاهت وسط باعة الوكالة الذين خرجوا زاحفين كالجراد إلى الشارع الرئيسى دون استحياء، والأغرب من ذلك أن رجل المرور لم يعترض على ذلك، وإنما تركهم يعبرون الشارع بشماعات الملابس دون أدنى تحرك منه، وفى النهاية وصلت لأمى وهى على أبواب الرعاية المركزة».
قصص كثيرة عن «رمسيس» رصدها عبدالله صابر، صاحب أحد الأكشاك فى الشارع، قال لـ«الوطن»: «البلطجة أصبحت عنوان الشارع، والأهم أنهم (قسموه) فيما بينهم وفقاً لأيام الأسبوع، فيوم الجمعة الذى كان يتميز بالإجازة الأسبوعية والطرق السلسة، بالطبع لم يعد كذلك مع تزايد الانفلات الأمنى، استغل باعة سوق التوفيقية الموقف، وخرجوا إلى الشارع فافترشوا أرضه واستباحوها، وعندما نرتاح منهم يوم الأحد فى عطلتهم الأسبوعية، لا يسلم الأمر من كارثة أخرى يومية مستمرة على مدار الأسبوع، فباعة سوق الوكالة افترشوا الأرصفة و(غطوا على محلاتنا)، وعندما طلبنا منهم الالتزام بمناطق معينة بعيداً عن الشارع الرئيسى اشتبكوا معنا معتمدين على كثرة عددهم، فانسحبنا واشتكينا لبعض أمناء الشرطة فى قسم قصر النيل دون أدنى فائدة».
وقفت نازلى حسن بسيارتها على أحد جانبى «رمسيس»، اشتبكت مع أحد الأشخاص ادعى أنه استأجر جزءاً من الشارع كـ«جراج خاص»، وطلب منها 5 جنيهات، لكنها رفضت، وحكت مأساتها اليومية: «لما البلد يحكمها شوية بلطجية يتحكموا فى المرور ويشتروا الشارع محدش يسأل ليه الزحمة أصبحت 24 ساعة، وليست وقت الذروة فقط، فأزمة رمسيس تبدأ من منزل كوبرى 6 أكتوبر، حيث يتوقف الطريق تماماً مع تلاقى السيارات المقبلة من الكورنيش والتحرير ووسط البلد فى نقطة واحدة، هى مدخل الشارع، وهناك تبدأ البلطجة من أشخاص لا هوية لهم، يوقفون السيارات (صف أول وثانى وثالث)، وكأنهم يتحكمون فى ملكية خاصة، حتى الإشارات المرورية أصحبت مأساة فى شارع رئيسى مثل رمسيس، توجد 3 إشارات فقط، هى الإسعاف، حيث باعة وكالة البلح للملابس، ومدخل شبرا، وأخيراً إشارة مسجد الفتح، حيث منطقة الفجالة بباعتها المنتشرين، وموقف ميكروباصات العباسية، أى شارع فى الدنيا يمكن أن يتحمل كل تلك الأعباء، وأين شرطة المرافق لتقضى على كارثة الباعة، أو رجال المرور ليضعوا حداً لبلطجية الميكروباصات، وجامعى إتاوات ركنة السيارة؟».
يضطر عبدالمنعم أحمد، إلى المرور من «رمسيس» بشكل يومى، حيث يعمل فى نقابة المحامين، تساءل عن عدم وجود سيارات شرطة فى المنطقة بأكملها، رغم تعدد المنشآت الحيوية فيها، مثل الشهر العقارى، ونقابات المحامين والمهندسين والتجاريين، فضلاً عن دار القضاء العالى، ومستشفى الهلال ومصلحة الكيمياء، كل تلك الأماكن زوارها بالآلاف يومياً، ومع ذلك لا توجد أى محاولة لتنظيم السيارات، أو للتصدى لزحف الباعة، حتى إشارات المرور الإلكترونية، فشلت فى ضبط الشارع، فتوقفت تماماً عن العمل.
أخبار متعلقة:
إهمال بالألوان.. مصر «المخنوقة»
ميدان «الجيزة».. «ثكنة عشوائية» يحكمها الباعة والسائقون
ميدان لبنان والمحور.. حيث لا مكان لموضع «إطار سيارة»
«العتبة» تحت الحصار.. مواقف عشوائية وسيارات البضائع وانفلات أمنى
«زنقة» نفق إمبابة.. «مستعمرة» الباعة الجائلين و«أكوام القمامة»
عروس البحر الأبيض.. جراج كبير فى الصيف.. وزحام «رايح جاي»
«المنصورة».. مدينة هادئة هزمتها الأزمات
«أسيوط».. مطبات وركن فى الممنوع وطوابير أمام «محطات الوقود»