«العتبة» تحت الحصار.. مواقف عشوائية وسيارات البضائع وانفلات أمنى

كتب: عبدالوهاب عليوة

«العتبة» تحت الحصار.. مواقف عشوائية وسيارات البضائع وانفلات أمنى

«العتبة» تحت الحصار.. مواقف عشوائية وسيارات البضائع وانفلات أمنى

قرص الشمس يحتل مكانه فى كبد السماء، تشتد حرارة أشعته المتساقطة فى قلب ميدان العتبة، المزدحم بالسيارات والمارة، حركة المرور تبدو متوقفة فى جنبات الميدان، القلب النابض لأكبر منطقة تجارية فى محافظة القاهرة، الذى يتفرّع منه العديد من الأسواق التجارية الراكدة فى الشوارع الجانبية التى تعتبر بمثابة شرايين تتدفّق منها وإليها السيارات المحمّلة بالبضائع والركاب، آلاف العاملين والباعة الذين يحملون حقائب الملابس وغيرها من المنتجات التى اشتهر بها الميدان، يصاب الميدان، والشوارع المتفرّعة منه بتوقّف مرورى فى ساعات الذروة، يصل الزحام إلى ذروته فى أول يوم فى الأسبوع وعند نهايته. وكعادته اليومية، ينهض رضا سعداوى أحد الباعة الجائلين فى ميدان العتبة من نومه، بمجرد شعوره بسخونة أشعة الشمس الضاربة على وجهه فى ساعات الصباح الأولى، يستعد لعرض بضاعته الراكدة بجواره على الرصيف أمام فرع بنك مصر، دون أن يعبأ بنهر الطريق الذى تمتد إليه بضاعته، التى تتنوع بين ملابس، وألعاب أطفال، يتراص بجوار «رضا» العشرات من زملائه الباعة، وبنفس الطريقة يعرضون بضاعتهم على الرصيف وتمتد لتقطع بعض أمتار من الطريق، لينعكس ذلك على حركة مرور السيارات التى تتكدّس، وتتزاحم فى المساحة المتبقيّة من الطريق.[secondImage] يبرر «رضا»، الشاب الثلاثينى، اقتطاعه مساحة من الطريق لعرض بضاعته، وانعكاس ذلك على حركة المرور، بقوله: «لا يوجد أمامى أنا وغيرى من الباعة بديل آخر غير فرش بضاعتنا فى الشارع، لكى نتمكن من العيش». وأضاف: «الأسواق التى توفرها الحكومة تكون فى أماكن بعيدة، ولا يوجد عليها رِجْل، الأسواق الجديدة فى مناطق مقطوعة لا يتردد عليها الناس كما تتردد على العتبة»، ويعترف بائع ملابس الأطفال بأنه يعوق حركة المرور فى الميدان، وأنه أحد أسباب التكدّس المرورى فى الشوارع مع غيره من الباعة، متسائلاً: ماذا نفعل؟ نموت من الجوع أو نسرق، مشيراً إلى أن الأزمة السبب الوحيد أنهم فيها، مطالباً المسئولين بوضع حلول جذرية للأزمة تراعى فيها حقوق الباعة فى الحياة والعمل. يميل قرص الشمس القابع فى كبد السماء إلى اليمين قليلاً، تهدأ درجة حرارته، بينما يظل الميدان مشتعلاً بنشاطه التجارى الذى ينعكس على حركة المرور التى تسير برتابتها المعهودة، يتزاحم فى الميدان الجميع، فمن بداخله يهرول للخروج منه، من يقصده يسعى للوصول إليه، وكذلك السيارة الراكدة فى طابور لا يتحرك، يحلم سائقها الذى يتصبب عرقاً بالخروج من وسط هذا الزحام، وتمتد آثار هذه الأزمة المرورية إلى المناطق المجاورة للميدان، لتصل إلى شارع الأزهر، وميدان باب الشعرية الذى لم يتأثر الزحام فيه بانتهاء الأعمال الإنشائية لخط المترو الثالث، وعودة حركة المرور إلى طبيعتها فى المكان، ولكن يظل الزحام كما هو، ومن الجهة الأخرى تتكرر الأزمة المرورية بشارع «كلوت بك» الذى تنحصر السيارات فيه بين الباعة الجائلين، رغم أن شارع عبدالعزيز تزداد أزمة المرور فيه مع ساعات النهار الأخيرة قبل غسق الليل وتستمر حتى الساعات الأولى من منتصف الليل. محمود خيرى سائق سيارة «سوزوكى»، تعمل أجرة على الرغم من أن رخصتها ملاكى، فى موقف عشوائى يرقد أمام المسرح القومى بعد أحداث الثورة مباشرة، لا تختلف معظم السيارات التى تعمل فيه عن حال سيارة «محمود»، والموقف العشوائى الذى تعمل به، فالجميع يرفع شعار «مصلحتى أولاً»، هكذا يتحدث «محمود» السائق العشرينى، الذى لا يحمل رخصة قيادة، رافضاً اتهام سيارات الأجرة بالوقوف وراء الأزمة المرورية فى ميدان العتبة وشارع الأزهر، قائلاً: «الشارع طول عمره زحمة حتى قبل ما نشتغل إحنا هنا كان المكان زحمة برضه». وأضاف: «الباعة الجائلون السبب الرئيسى فى الزحام داخل الميدان، لأنهم استغلوا الانفلات الأمنى وغياب الشرطة فى الشارع وفرضوا سيطرتهم على الميدان، وأعاقوا حركة المرور فيه بسبب فرش بضاعتهم فى منتصف الطريق، كل يوم يزحفون على الطريق ونحن الذين نعانى منهم». ويقول سامى الشناوى أحد أصحاب المحلات بالسوق التجارية بالعتبة: إن الغياب الأمنى فى الميدان هو السبب فى تفاقم أزمة المرور. وأضاف: «الغياب الأمنى كان السبب فى سيطرة الباعة الجائلين على الشارع، وعودة السيارات الأجرة مجدداً إلى شارع الأزهر، على الرغم من أنها كانت ممنوعة من دخول الشارع قبل الثورة، إضافة إلى أن العتبة تعتبر أكبر منطقة تجارية فى القاهرة، يتردد عليها الآلاف يومياً، سواء من القاهرة أو محافظات مصر المختلفة، لا بد من منع سيارات البضائع من دخول الموسكى وشارع الأزهر نهاراً، كما كان يحدث قبل الثورة، مطالباً بعودة الشرطة لما كانت عليه قبل الثورة». «الدخول إلى العتبة وسط الزحام لا مفر منه»، بهذه الكلمات تحدث سيد أبوالذهب تاجر القماش القادم من محافظة القليوبية، لشراء بضاعته، قائلاً: «مجبر على الدخول بالسيارة وسط الزحام، لتحميل البضاعة التى قمت بشرائها». وأوضح أنه يضطر إلى ركن سيارته بعيداً عن منطقة العتبة، ويذهب إلى محلات الأقمشة مترجلاً، لأنه لا يوجد مكان تقف فيه السيارة فى العتبة، وبعد أن ينتهى من شراء بضاعته كاملة، يذهب ليأتى بسيارة من مكانها، لكى يتمكن من تحميل بضاعته عليها، وأحيانا ما يستغرق التحرُّك بالسيارة من مكانها، إلى المحل أكثر من ساعة ذهاباً وأخرى عودة، لكى يتمكن من الخروج من هذا الزحام قائلاً: «لا بديل عن الوقوف فى طابور سيارات لا يعرف الانتظام ولا تحكمه أى قواعد مرورية، يتحرك ببطء السلحفاة من قضاء مصالح، لا يمكن الاستغناء عنها». أخبار متعلقة: إهمال بالألوان.. مصر «المخنوقة» «رمسيس».. أكبر وأقدم شوارع الفوضى فى مصر ميدان «الجيزة».. «ثكنة عشوائية» يحكمها الباعة والسائقون ميدان لبنان والمحور.. حيث لا مكان لموضع «إطار سيارة» «زنقة» نفق إمبابة.. «مستعمرة» الباعة الجائلين و«أكوام القمامة» عروس البحر الأبيض.. جراج كبير فى الصيف.. وزحام «رايح جاي» «المنصورة».. مدينة هادئة هزمتها الأزمات «أسيوط».. مطبات وركن فى الممنوع وطوابير أمام «محطات الوقود»