«رمضان» بائع إكسسوار السيارات.. «سقفه شمس وسما وهوا»

كتب: إنجى الطوخى:

 «رمضان» بائع إكسسوار السيارات.. «سقفه شمس وسما وهوا»

«رمضان» بائع إكسسوار السيارات.. «سقفه شمس وسما وهوا»

يقف فى الهواء الطلق بعيداً عن أقرانه من الباعة الجائلين، الذين ملأوا كافة شوارع وميادين مصر، حدود عالمه السماء ورصيف على الطريق السريع فى التجمع الخامس أمام «كمباوند المصراوية»، على الرصيف يضع بضاعته، بعد أن أحب المنظر من ورائه، فضاء واسع فسيح يجلس يومياً يتأمله، وكأنه عابد فى صحراء خاوية يبتهل إلى الله بكلمات لا يفهمها سواه. مئات السيارات الفارهة تمر على جانبى الرصيف الذى افترشه عم رمضان «37 عاماً»، ملامحه تفصح عن فلاح قادم من بنى سويف، بعد أن أرهقتها حرارة الشمس اللافحة، وبعد أن تسببت أرضه الزراعية فى زيادة خطوط المعاناة المنحوتة بوجهه، وتشقق يديه. كل شىء غريب فى حياة عم رمضان، حتى نوع البضاعة التى اختار أن يتاجر فيها، «إكسسوارات السيارات»، التى رصها بشكل غريب لافت للنظر، فعلق أحد الحبال بين عمودى إنارة، وعلق عليه كافة السجاجيد التى تتزين بها السيارات، ألوان مختلفة، أحمر، أسود، بنفسجى وحتى التايجر، أما على الأرض فالألعاب هى سيدة الموقف؛ قرود قطنية، فوتيه لعبة، بالإضافة إلى عشرات الإشارات والملصقات الملونة التى تثير خيال عاشقى السيارات. «قرش واحد هنا، ولا مية قرش وسط الزحمة» ينطق بها عم رمضان سعيد بلهجة صعيدية ما زال محافظاً عليها، بالرغم من أن أصدقاءه من «الفواعلية» الذين اعتادت أقدامهم الدخول لفيلات وقصور التجمع لتشطبيها، نصحوه مرات عديدة أن يتمدن، ويتحدث بلغة أهل القاهرة، حتى لا ينظروا له نظرة مختلفة «بحاول أتمدن، أصل اللى أهل القاهرة بيحسوا إنه مش زييهم يا بيضحكوا عليه، يا بيضحكوا منه». غرابة نوع البضاعة، التى اختارها عم رمضان، التى تسببت فى السخرية منه فى البلد، لم يقف عندها كثيراً، فعلى حد تعبيره: هم لا يعرفون نوع الزبائن الذين يتعامل معهم، أو حتى كم البقشيش الذى يحصل عليه منهم، والذى وقف أمامه مدهوشاً لفترة طويلة. أما غرابة المكان الذى اختاره عم رمضان والذى يجعل بعض الزبائن يسخرون منه، والذى صمم عليه رغم سخرية أحد الزبائن منه بقوله: «افتكرتك بتنشر غسيل فى الهواء الطلق مش بتبيع»، فهو كما قال: «لغرض فى نفس يعقوب»، وهو تعوده منذ الصغر على الجلوس بلا سقف فى منزله، حيث لا يشعر بالراحة إلا إذا كان هناك براح من حوله، حتى ولو كان فى الشتاء، معلقاً على ذلك بقوله: «وماله لما يكون سقف الواحد شمس وسما وهوا وطريق سريع، ده فيه غيرنا مش بيشوفهم». أخبار متعلقة: التجمع الخامس.. للحياة وجوه كثيرة فى «كمباوند المصراوية».. فتش عن الريف الأوروبى كشك الحراسة.. «برواز» يطل على العالم السوق التجارى بالتجمع الخامس.. الفرن والمقهى والخضر داخل مستطيل بوابات التجمع.. الخط الفاصل بين الحياة والفقر يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. على بُعد كيلومتر عن منزل «مرسى» يقف بائع «الموز» «على» يبيع السجائر أمام منزل قاضٍ.. ويقول: «مصر كلها بتاخد برشام» من أسيوط إلى فيلات التجمع.. يروى الطفل حدائق الأغنياء