«الوطن» تسجل روايات أهالى ضحايا تفجيرات العريش

«الوطن» تسجل روايات أهالى ضحايا تفجيرات العريش
بين الحزن على فراق الأهل والأبناء والألم، وانتظار الشفاء، يعيش أهالى العريش بعد كارثة التفجير الإرهابى الذى شهده حى الضاحية.. فى المستشفى ينتظر أهالى المصابين شفاء أبنائهم حتى تعود البسمة من جديد.. ويقاسى آخرون مرارة الموت وقسوة الفراق.. فى هذا الموضوع حكايات أجمع كل أصحابها على أن الإرهاب إلى زوال.[FirstQuote]
أمام منزل الشهيد ماهر العيسوى كان سكون الموت هو المسيطر.. الرجل الذى كان يحظى بمحبة أهل الضاحية وأهالى العريش فارق أهله وهو لم يكن يخطط لذلك.. الحزن سيد الموقف.. أبناء أصابهم الانهيار وأسرة سيطر على كل أفرادها الضيق.. فى سرادق العزاء رفض أبناؤه الحديث معنا لسوء حالتهم النفسية وحزنهم الشديد.. التقينا صديق الشهيد فى العمل وابن عمه ويدعى عبدالله العيسوى فقال: «ماهر كان معى فى العمل يوم الأحد وعدنا فى الساعة الرابعة مساء، وهى آخر مرة أشوفه فيها، وفى المساء علمت أنه أحد ضحايا التفجير». ابن عم الشهيد وزوج شقيقته الحاج سيد رفاعى العيسوى أضاف: «كنت معه فى البيت، فطرت معاه قبل وقوع الانفجار، تركته مع بداية صلاة التراويح، ذهب إلى الصيدلية لشراء دواء له ووصل إلى الصيدلية فتقابل مع ابنة عمه أميرة حسام حسن، 17 عاماً، وشقيقها أحمد، 10 سنوات، أمام سلم الصيدلية وعلى بعد خطوات من موقع سقوط القذيفة كان يداعبهما أثناء خروجهما من السوبر ماركت فوقع الصاروخ ليسقط ماهر شهيداً ولحقته أميرة التى فاضت روحها فى اليوم التالى متأثرة بإصابتها، ولا يزال أحمد بالعناية المركزة يعانى سكرات الموت.[SecondImage]
ويكمل سيد كلامه: ماهر له من الأبناء خمسة: محمد وأحمد ويوسف، وبسمة متزوجة بقطاع غزة وصلت أمس الأول الاثنين لعزاء والدها بعد أن سمحت السلطات المصرية بإدخالها من المعبر بصورة استثنائية، وأخرى متزوجة بالعريش، وزوجته فى حالة يرثى لها لا تتكلم مع أحد منذ أن علمت باستشهاد زوجها.
ولأن الإرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحى وبين مصرى وآخر فقد كانت قذائفه تهوى على الأبرياء ومنهم مجدى أنطونيوس، الذى يقبع فى العناية المركزة فى حالة حرجة بعد أن أخرج الطبيب شظية من داخل المخ محاولاً إنقاذ حياته. تقول شقيقته: مجدى موظف بمجلس مدينة العريش، عمره 40 عاماً، له طفلان وزوجة فى انتظار عودته معافى.. «مجدى كان فى المنزل ونزل يرمى الزبالة وأكمل سيره لشراء بعض الاحتياجات من السوبر ماركت وأثناء وجوده سقطت القذيفة وحصل التفجير الإرهابى ليصاب شقيقى بشظايا فى رأسه وينضم إلى عشرات الضحايا.. وتكمل شقيقته: لقد استشهد جاره فى المنزل ويدعى محمد خلف والذى كان يقف أسفل منزله عندما سقطت القذيفة فمات فى الحال.[SecondQuote]
عبدالرحمن شبانة، شاب يبلغ من العمر 17 عاماً، يرقد مصاباً بشظايا فى الوجه والرقبة والبطن والصدر وجرح عميق فى القدم حدثنا عن واقعة سقوط القذيفة فقال: «كنت رايح أتفرج على نهائى كأس العالم وأثناء مرورى من أمام الصيدلية وكانت جنبى سيارة ملاكى فوجئت بانفجار عنيف جداً وشظايا ترشق جسمى فأغمى علىّ للحظات ثم أفقت وتم نقلى إلى المستشفى لا أدرى ما حدث، وكل ما أتذكره هو صوت الصاروخ عندما سقط على الأرض والجثث متناثرة فى كل مكان، حيث إن الشارع كان مزدحماً بالمواطنين فى لحظة الانفجار.. ويكمل «عبدالرحمن» قائلاً: حسبى الله ونعم الوكيل فى هؤلاء الإرهابيين الذين لم يقدروا حرمة الشهر الكريم ليقتلوا الأبرياء بدم بارد.
والد عبدالرحمن قال لنا إنه علم بالانفجار من أحد أقربائه فذهب إلى مكان الانفجار فأخبروه أنهم شاهدوا عبدالرحمن مع المصابين وتم نقله إلى المستشفى.. وأضاف: ذهبت إلى المستشفى أبحث عنه فى المشرحة ووسط الجثث كان المشهد غاية فى الصعوبة حتى وجدته مضرجاً فى دمائه بالعناية المركزة.
بصوت هادئ وقلب يملأه الإيمان تحدث إلينا والد الطفلة نهال قائلاً: احتسبها عند الله شهيدة.. كانت تقول لى: «لقد ختمت القرآن قبلك يا بابا كانت تحفظ 15 جزءاً من القرآن»، وأكمل بصوت حزين دون أن تسقط دمعة من عينيه: «إن الإرهاب الأسود حصد الأبرياء من المدنيين لا أعلم كيف سيقابلون رب العالمين بكل هؤلاء الضحايا؟!».[ThirdQuote]
التقينا سعيد، شقيق الشهيدة نهال، فقال: شقيقتى أرسلها الأهل لشراء دواء من الصيدلية، وما إن وصلت إلى سلم الصيدلية إذا بانفجار شديد يهز المنطقة، وكانت شقيقتى الأقرب إلى مكان الصاروخ فتناثرت الشظايا لتفتك بها وتتناثر أشلاؤها فى الشارع وتبتر ساقها ويتمزق جسدها الطاهر من أناس لا يعرفون معنى الإسلام، ويشاء القدر أن أكون أول من يستقبلها فى المستشفى وأحملها بيدى وأدخلها المشرحة لتذهب روحها الطاهرة إلى رب العالمين.
وقد نددت قوى حزبية وسياسية وحقوقية بالحادث الإرهابى واعتبرته عملاً جباناً، مستنكرين أن يتم استهداف المدنيين العزل بهذا الشكل وإطلاق الصواريخ بعشوائية لتحصد أرواح الأبرياء العزل من السلاح، وأكدوا أن الدولة تتراخى فى مواجهة هؤلاء الإرهابيين.
كانت منظمات حقوقية أدانت الهجوم الإرهابى الذى وقع بحى ضاحية السلام بمدينة العريش.. وأصدرت إحداها بياناً قالت فيه: تأسف المنظمة لسقوط ضحايا مدنيين وعسكريين ليس لهم ذنب فى سيناء نتيجة الحوادث المتكررة التى تحدث على أرض شمال سيناء، التى وقعت فى ثلاث هجمات فى وقت متأخر من ليل الأحد وساعة مبكرة من صباح يوم الاثنين لدى سقوط قذيفتى هاون على حى سكنى (ضاحية السلام) بمدينة العريش ومعسكر لقوات الأمن بالعريش وحاجز أمنى فى رفح.. وتؤكد المنظمة أن من قاموا بهذا العمل هم فئة ضلت طريق الخير والسلام وسلكت طريق العنف والشر والإرهاب وسفك الدماء للمصريين المدنيين والعسكريين فهى لا تفرق بين أحد، هدفها التدمير والتخريب فقط، ولن تصل إلى أهدافها وأغراضها الدنيئة التى تنم عن جماعة مخربة ليس لها دين ولا وطن، لا تحترم حقوق الإنسان والقانون. وأن ما حدث كارثة تمتد آثارها طويلاً وتحتاج جهد وتدخل الدولة وأن تغير الأسلوب فى استهداف المقرات الأمنية والعسكرية ينم عن تطور جديد باستخدام قنابل الهاون وصواريخ متوسطة المدى يعطى إشارات إنذار مبكر بتغير أسلوب الجماعة الإرهابية باستخدام طرق متنوعة وجديدة فى زعزعة أمن الوطن، وتهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للمدنيين، وتؤكد المنظمة دوماً على حقوق العسكريين من رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية وتتمنى السلامة لكل العسكريين والمدنيين وتتمنى الموت لكل المجرمين والمخربين الإرهابيين وتنعى شهداء هذا الحادث الأليم وتؤكد أن مصر ستظل دولة الأمن والأمان.. وطالبت المنظمة فى بيانها محافظ شمال سيناء بسرعة صرف تعويضات الكوارث للقتلى والمصابين وعلاجهم على نفقة المحافظة.. كما طالبت بصرف معاش استثنائى للمجند القتيل وعلاج الجنود الآخرين بمستشفيات القوات المسلحة.
الأخبار المتعلقة:
الإرهاب مصيبة.. لكن الإهمال فى المستشفيات مصيبة أعظم
مصابو انفجار «العريش» بين الحياة والموت
«القاسمى»: «داعش» المسئول الأول عن العمليات الإرهابية فى سيناء.. وجبال البحر الأحمر تحولت إلى «تورا بورا»
«أميرة» وعمها «ماهر» ذهبا لشراء السحور.. فاغتالهما «الإرهاب»
«محمد أيمن».. من لم يمت «مجنداً» مات «مواطناً»