مصابو انفجار «العريش» بين الحياة والموت

مصابو انفجار «العريش» بين الحياة والموت

مصابو انفجار «العريش» بين الحياة والموت

نساء متشحات بالسواد، وأخريات يجهشن بالبكاء، ورجال عيونهم زائغة من فرط الخوف على أبنائهم الذين سقطوا ما بين مصاب يخضع للعلاج، وآخر يتألم من شظايا تسكن جسده فى مستشفى العريش العام، الذى استقبل منذ فجر أمس، عشرات المصابين والشهداء جراء سقوط قذيفة «هاون» على سوق «ضاحية السلام» وسط مدينة العريش بشمال سيناء. فى الطابق الثانى، داخل إحدى غرف قسم الجراحة، جلس «عصام» يغفو بين الحين والآخر، ويصحو على تأوهات نجله الصغير «أحمد» الراقد إلى جواره على أحد الأسرّة، مضمد الجراح، يكتفى بالتألم، ولا يستطيع البوح بأى كلمات، لإصابته فى وجهه بشظايا القذائف، فضلاً عن إصابات الفخذ والحوض.[SecondImage] لم يكمل «أحمد» عامه الـ16، ويعمل بائعاً فى سوبر ماركت «الخير» الموجود فى موقع الحادث، ولم يكن والده يتوقع حدوث عمليات إرهابية هناك، حين جاءه خبر الانفجار، وعندما خرج والده لنجدة وإسعاف المصابين وجد نجله بينهم. ويقول «أحمد» بكلمات متقطعة «ربنا يستر وينجى مصر من اللى هى فيه»، ويؤكد والده أن نجله المصاب أيضاً فى الحوض والفخذ إنه «أفضل حالاً من باقى المصابين ووجوده بداخل المحل كان حماية له». 3 غرف تفصل «أحمد» و«عبدالرحمن» الذى كان وجوده فى ذلك التوقيت مصادفة، حينما كان فى طريق العودة من مشاهدة مباراة ألمانيا والأرجنتين فى نهائى كأس العالم، فإذا به يشاهد ضوءاً يقترب منهم يشبه الجسم الفضائى، وبعد دقائق معدودة لم يشعر بأى شىء حتى نُقل إلى المستشفى. «سمعت الانفجار فنزلت جريت على المكان لمساعدة الناس»، كلمات يقولها «أحمد» الرجل الخمسينى، الذى يتجول فى المستشفى بعد نقل نجله «عبدالرحمن» إليه ضمن ضحايا الحادث، ويقول: «دى جماعات إرهابية كان لها ثأر مع الداخلية، والمدنيون لا ذنب لهم». ويرقد «عبدالرحمن»، على أحد الأسرّة ممسكاً بيد والده ويصرخ من شدة الألم، فيعتصر قلب والدته التى لا تعلم طريقاً لتخفيف الألم عن فلذة كبدها، فتخرج تبحث عن الممرضة، فلا تجد مجيباً وتعود مرة أخرى ومعها وعود باقتراب موعد المسكن ليهدّئ ابنها، لكن دون جدوى، فالألم يزداد، خصوصاً أن «عبدالرحمن» تعرّض لجراحة فى الفم والبطن والفخذ، إضافة إلى وجود شظايا فى رقبته، وتقول والدته: «ادوله منوم ومخدر عشان يعرف ينام». وتفكر الأسرة فى الرحيل عن منطقة ضاحية السلام لقربها من مقر مديرية الأمن والمحافظات والجهات الأمنية المتعددة، وهو ما يجعلها دائماً مستهدفة من قِبَل التكفيريين الإرهابيين.[FirstQuote] على سرير داخل غرفة الجراحة بمستشفى العريش العام، ترقد ميرفت سيد يوسف، 45 عاماً، تروى تفاصيل إصابتها أثناء الحادث، وتقول إنها خرجت من بيتها فى العاشرة مساءً، متوجهة إلى الصيدلية القريبة من المنزل، لشراء أدوية، وأثناء ذلك حدث دوى صوت هائل فى المكان، دفعها على الأرض، وأحدث لها صمماً فى الأذن، ولم ترَ سوى غبار كثيف لآثار الانفجار، وسيولة دم ينزف من منتصف قدميها اليسرى، حتى إنها لم تعد تستطيع التحرك تماماً. وتروى «ميرفت» أنها بعد وقوع الحادث، كانت تشعر بما حولها، لكن لا تستطيع التحرك أو الكلام، حتى إنها لم تستطع أن تنطق الشهادتين، ثم حملها الناس من على الأرض إلى داخل سيارة الإسعاف، ونقلوها إلى المستشفى، حيث أصيبت بمجموعة «شظايا» فى قدميها، أدت إلى جرح، يستلزم عمل عملية جراحية لاستخراجها. تقول المرأة الأربعينية التى تعمل موظفة فى التأمين الصحى إن لديها 3 أبناء، وكان أكثر ما يهمها هو الاطمئنان عليهم، لأنهم كانوا يشاهدون مباراة كرة القدم أثناء الحادث، وتكمل «ميرفت» حديثها والدموع تغمر عينيها قائلة: «حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى كان السبب فى اللى حصل ده، أنا ذنبى إيه فى إنى رايحة أجيب علاج من الصيدلية، يحصل ليا ولغيرى كده، حسبى الله فى كل من يؤذى أى إنسان».[ThirdImage] وفى الدور الأرضى بمستشفى العريش، داخل غرفة العناية المركزة، ترقد 3 حالات من المصابين فى حالة خطرة، تملأ «الشظايا» معظم وجوههم الدامية، لا يستطيع أحد منهم الحديث، حتى إن ذويهم فى حالة يرثى لها، لكن أحمد حسام، 10 سنوات، فقد شقيقته وعمه أثناء الحادث، لم يستطع الحديث سوى بجملة واحدة «أنا كنت خارج أجيب شيكولاتة أنا وأختى وعمى، ومافوقتش إلا لما لقيت نفسى هنا». وداخل العناية المركزة يرقد مجدى طايثوس، 40 عاماً، تسبب الحادث فى إصابته بشظايا فى الرأس، ويقول عماد لبيب أحد أقارب المصاب، إنه لا يستطيع الحديث، نظراً لعدم إفاقته من المخدر عقب العملية التى أجريت له، ويقول «عماد» إنه تمت إصابته أثناء خروجه من المنزل بمنطقة الضاحية فى مدينة العريش، لقضاء بعض المستلزمات الخاصة بالمنزل، وإن الطبيب قام بإجراء عملية جراحية له صباح أمس لاستخراج الشظايا التى وُجدت فى الرأس. ويضيف «عماد» إن المصاب «مجدى» موظف بمجلس مدينة العريش، ولديه ولدان وزوجة، يقيمون معه فى العريش منذ سنوات، ويضيف «منهم لله اللى عملوا كده، وربنا يسامح الجميع، حرام كل اللى بيحصل ده». الأخبار المتعلقة: «الوطن» تسجل روايات أهالى ضحايا تفجيرات العريش حملة مداهمات واسعة على «زراعات العريش» وتدمير 32 بؤرة إرهابية وضبط 3 عناصر تكفيرية «القاسمى»: «داعش» المسئول الأول عن العمليات الإرهابية فى سيناء.. وجبال البحر الأحمر تحولت إلى «تورا بورا» «أميرة» وعمها «ماهر» ذهبا لشراء السحور.. فاغتالهما «الإرهاب» «محمد أيمن».. من لم يمت «مجنداً» مات «مواطناً»