«الوطن» تحقق: «عزومة دخان» تقتل «المصالحة»
«الوطن» تحقق: «عزومة دخان» تقتل «المصالحة»
لم يكد يمضى 3 شهور على المجزرة البشرية التى شهدتها أرض أسوان، فى منطقة السيل الريفى «الشعبية» التابعة لمنطقة شرق مدينة أسوان، بين عائلتى «الدابودية» إحدى قبائل النوبة، و«الهلالية»، إلا وتجددت الدماء مرة أخرى لتسيل على منطقة شرق المدينة، بعد أن قتل مجموعة من شباب «الهلالية» شابين داكنى البشرة، ومثلوا بجثتيهما وحرقوهما، ثم جرى حملهما على عربة «كارو» والسير بهما داخل المنطقة، وطبقاً للرواية الشائعة بين أبناء القبائل، أن الحادث بدأ بدعوة من صديق من قرية بنى هلال لثلاثة من أصدقائه بقرية الكرور الواقعة جنوب مدينة أسوان، وهم عبدالعزيز سالم عبدالعزيز، من قبيلة الكوبانية، ويبلغ من العمر 23 سنة، حاصل على دبلوم، ومصطفى ببوى، من أبناء النوبة ويبلغ من العمر 18 عاماً، وشاب ثالث من محافظة أسيوط يدعى أيمن حسنى.
ولبى الشباب الدعوة التى وجهها لهم ابن قبيلة بنى هلال، عصام الهلالى مع وعد بتوفير نوع جيد من الدخان، بمنطقة خور عواضة التابعة لشرق مدينة أسوان، وفور وصولهم بادروا بالاعتداء عليهم، فأظهر الأفراد غير النوبيين، من الكوبانية والشاب الأسيوطى بطاقة الهوية التى تؤكد أنهم لا ينتمون إلى الدابودية. لكنهم لم يهتموا وقتلوا الشاب النوبى والشاب الكوبانى، واعتدوا على الشاب الأسيوطى، الذى نجا بنفسه من القتل بعد أن تعرض للطعن فى رأسه بسلاح أبيض. وتضيف الرواية الأكثر انتشاراً بين الأهالى أن الجناة من الهلالية طعنوا القتيلين بالسلاح الأبيض، وأحرقوا جثتيهما فى مكان لجمع القمامة، ووضعوهما على سيارة «كارو»، أسوة بما فعله الشباب الدابودى حين قاموا بالتمثيل بالجثث فى الواقعة الأولى فى أبريل الماضى.[SecondImage]
فور وقوع الحادث، اشتعلت نفوس الشباب فى أسوان، خاصة بعد أن علموا أن القتيلين أحدهما من أبناء «الكوبانية» والآخر «نوبى». وتوافد المئات من أبناء النوبة و«الكوبانية» المنتمين لقبيلة «الجعافرة»، التى تُعد من أكبر القبائل العربية عدداً بأسوان، على مشرحة أسوان العمومية، للتعرف على جثث ذويهم، خاصة أن الأنباء لم تؤكد هوية أصحابها. وانتقل إلى مشرحة أسوان ياسر حسين «الكوبانى»، عضو لجنة المصالحة بين الدابودية والهلالية، وتعرف مبدئياً على جثة أحدهما وقال إنها لشاب من قرية الكوبانية، وانتظر الجميع قدوم والده الرجل الستينى الذى كان يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى من هول الموقف، ودخل إلى مشرحة أسوان وتعرف على جثة نجله، الذى يدعى «عبدالعزيز سالم عبدالعزيز»، 23 سنة، مقيم بعزبة العسكر بالكرور بحى جنوب أسوان، وينتمى لقبيلة الجعافرة بنجع الحجر بالكوبانية من عائلة «العجيباب». بينما تعرف أبناء النوبة عن ابنهم وشهرته «مصطفى ببوى»، ويسكن بعزبة العسكر بالكرور، وينتمى لأبناء النوبة بقرى الشلال.
وأمام مشرحة أسوان العمومية اتشح المشهد بالسواد وسط بكاء بعض النساء الثكلى والشباب من أصدقاء الضحيتين، كما شيع المئات من مشايخ وكبار العائلات من بينهم السيد الإدريسى، رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، وقيادات بالمحافظة وأبناء عمومة الضحيتين من الكوبانية والنوبة، إلى مثواهما الأخير بمقابر الكرور، وسط إجراءات أمنية مشددة، بينما رفض أصحاب الدم من عائلة النوبى حضور مراسم الدفن أو استقبال واجب العزاء، فيما اكتفى أهل ضحية الكوبانية بالجلوس فى منزلهم واستقبال أبناء عمومتهم.
وأكد أحمد عباس، محام ومسئول ائتلاف شباب النوبة، أن الأنباء والكلام الذى يتردد منذ مساء أمس، يتلخص فى قيام شاب هلالى يدعى «عصام» باصطحاب واستدراج 3 من عزبة العسكر بالكرور، من بينهم شاب نوبى يدعى مصطفى ببوى، والده سودانى نوبى، وأمه من جزر الشلال، وشاب كوبانى يدعى عبدالعزيز سالم مقيم بعزبة العسكر، وشاب آخر من محافظة أسيوط يدعى أيمن حسنى، استدرجهم لمنطقة خور عواضة، حيث كانت هناك خلافات منذ أيام بين الهلالى والكوبانى واصطلحا، وعرض عليهم عصام الهلالى شراء دخان، ثم استأذن قليلاً للذهاب فى مشوار قريب، وعند عودته حاصر الشباب مجموعة من شباب الهلالية بالأسلحة النارية والبيضاء وقاموا بضرب وطعن الأسيوطى الذى فر هارباً، بينما بقى النوبى والكوبانى، بالرغم من أن الكوبانى رفع بطاقته قائلاً «أنا كوبانى ولكنى مقيم بالكرور»، إلا أنهم اعتدوا عليه وطعنوه عدة طعنات فى أنحاء الجسم، وكذلك فعلوا مع النوبى، قبل أن يقوموا بحرق الجثتين داخل صندوق قمامة، بعدها تم حملهما على عربة كارو، كما تبين فى مقاطع الفيديو المنتشرة فى مواقع الاتصال الإلكترونى الفيس بوك وغيرها، وطالب عباس بضرورة أن تتدخل الدولة، قائلاً «يجب أن تتدخل الدولة حالياً بحزم وشدة، وتقوم بدورها فى فرض السيطرة على الأوضاع، لأن الوضع الآن مقلق للجميع ولا نريد أن تتشعب الأمور وتتدخل أطراف أخرى، نحن ننتظر تدخلاً سريعاً من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ليحل الأزمة بدلاً من تفاقمها، مضيفاً أن الشباب النوبى حتى الآن لم يتخذوا أى قرار وفى انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.[FirstQuote]
وبدت الحياة فى محافظة أسوان، فى مناطق شرق المدينة شبه متوقفة، حيث ساد الهدوء الحذر فى المنطقة، وخلت الشوارع من المارة، ولم يكن بها سوى رجال الأمن الذين انتشروا فى مكان الحادث، ويجرى كبار المشايخ بأسوان محاولات تهدئة للوضع المحتقن بالمحافظة.
وفى جانب آخر، تابع المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، مع اللواء مصطفى يسرى، محافظ أسوان، آخر تطورات الأحداث التى شهدتها منطقة شرق مدينة أسوان ومقتل الشابين، حيث أكد المحافظ أن هذه المشاجرة ليس لها صلة بما شهدته المحافظة من اشتباكات بين القبيلتين خلال شهر أبريل الماضى، لافتاً إلى أن ما حدث أمس هو مجرد حادث عارض جار احتواؤه، من خلال تواصله مع عواقل وأجاويد وقيادات كافة الأطراف والقبائل الأسوانية والنوبية والعربية، لإعلاء صوت العقل والحكمة والمصلحة العليا للبلاد فى هذه المرحلة التى تحتاج إلى الاستقرار لدوران عجلة التنمية والاستثمار. مشيراً إلى أنه فى الوقت نفسه فإن لجنة المصالحة بين القبيلتين، تحت إشراف فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، تواصل جهودها، كما أنه جار الانتهاء من أعمال الترميم فى المنازل والشقق المضارة ثم تجهيزها بالأثاث.
الأخبار المتعلقة
الهلالية والدابودية.. أزمة الطريق المسدود
«الطب الشرعى»: 25 طعنة فى الصدر والبطن قتلت الضحيتين
«فتنة» لم يفلح معها «أزهر» ولا «كنيسة» ولا حتى «رمضان»
المتحدث الإعلامى لـ«بنى هلال»: «الدابودية» تتحمل مسئولية تجدد الفتنة
ساعات الغضب فى «الكوبانية»: شباب القرية حاولوا الثأر ليلاً وشيوخ القبائل منعوهم
«بدرى»: حل الأزمة فى يد والد عبدالعزيز باعتباره «ولى الدم»
«يوسف»: إذا استمر اضطهاد النوبيين سنلجأ للأمم المتحدة للحصول على حقنا