حكاية الشيخ علي حيدة.. منع رفع العلم الإيطالي في سيوة خلال الحرب العالمية

كتب: محمد علي حسن

حكاية الشيخ علي حيدة.. منع رفع العلم الإيطالي في سيوة خلال الحرب العالمية

حكاية الشيخ علي حيدة.. منع رفع العلم الإيطالي في سيوة خلال الحرب العالمية

يعد الشيخ «على حيدة» من الرموز التى لا يمكن أن يغفلها التاريخ، عند الحديث عن مصر خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استطاع شيخ مشايخ سيوة آنذاك، إنقاذ أهالى الواحة من المخاطر التى كادت تطولهم من القوات البريطانية أو دول المحور، سواء القوات الألمانية أو الإيطالية.

«الوطن» تواصلت مع الحاج «محمد»، نجل الشيخ على حيدة، الذى قال: «والدى كان صغيراً فى السن عند اندلاع الحرب الثانية، فى مرحلة الثلاثينات من عمره، وساعدته الظروف أن تخلد ذكراه حتى الآن، حيث كان متعهد توريد المواد الغذائية للجيش المصرى، وحين وصول قوات الحلفاء، عمل معهم كمورد، قبل الانسحاب أمام جيوش المحور».

أغلب قوات المحور فى الصحراء الغربية كانت إيطالية، وأثناء مجيئها من واحة «جربوب» الليبية، ضلت طريقها فى الصحراء، وأرشدهم الشيخ على حيدة للطريق، وعند وصول القوات الإيطالية لـ«سيوة»، أراد قائدها إنزال العلم المصرى ورفع العلم الإيطالى على مبنى نقطة البوليس، فرفض «حيدة»، وأصر أن يظل علم المملكة المصرية مرفوعاً، وتوجه على الفور إلى قائد القوات الإيطالية، وطلب منه عدم التعدى على أهالى الواحة، وألا يتعامل معهم أى من جنوده، وتكفل بتوفير الطعام لهم مقابل احترام الأهالى.

اعتقلت قوات المحور الشيخ «على حيدة»، بتهمة التعاون مع قوات الحلفاء، وصدر قرار بترحيله إلى روما لإعدامه، لكن تدخلت الحكومة المصرية حينها، وكان مأمور «سيوة» ضابطاً وطنياً يدعى عبدالرحمن زهير، وقدم احتجاجاً على اعتقاله، وبالفعل أطلق سراحه بعد إجراء بعض التحريات عنه. طلبت قوات «المحور» من الشيخ «حيدة»، توريد المواد الغذائية إلى معسكراتها بالصحراء الغربية، فوافق على الفور نظراً للحصار الذى كان مفروضاً على الواحة، وأراد أن يستفيد الأهالى، ومنع عنهم أزمات كثيرة كانت ستحدث حال رفضه.

عند غزو القوات الإيطالية للصحراء الغربية، قصفت الطائرات «الواحة» وجبل الموتى وجبل الغربيين والمغارات والمنازل والمزارع، ليساعد الشيخ على حيدة الأهالى فى البحث عن جثث القتلى نتيجة القصف، وإسعاف المصابين بسيارته الخاصة.

زار «إرفين روميل» الصحراء الغربية، واختص واحة «سيوة» على وجه التحديد، لاستطلاع طريق جديد بهدف محاصرة الحلفاء، ولم يعلم أحد بقدوم «روميل» فى هذا اليوم، رغم الحركة غير الطبيعية فى الطيران، وزيارات القادة الألمان للواحة.

لقاء «روميل» و«حيدة» كان غير مسبوق، ويروى شيخ مشايخ سيوة لنجله: «القائد الألمانى كان متشائماً جداً، وعندما قلت له الحرب طالت، متى ستنتهى، أجاب (لا أعلم، الشيطان وحده الذى يعرف متى تنتهى هذه الحرب، نحن كبشر مسئولون عن بدء الحرب)».

بحر الرمال الأعظم مثّل عائقاً أمام «روميل»، وكان سبباً فى عدم الرضا عن زيارته للواحة، وحين سأله شيوخ القبائل فى «سيوة» عن حسم معركة «العلمين» للحرب، كانت إجابته: «المعارك هنا ثانوية، حربنا الكبرى فى البلقان».

بعد هزيمة قوات «المحور» فى «العلمين»، ترك الجنود الكثير من أدوات الإعاشة لأهالى الواحة، تقديراً للبئر التى حفروها للجنود الألمان والإيطاليين، كما فعلوا من قبل مع قوات الحلفاء، واشترط الشيخ «على حيدة» على القوات، عدم دخول الواحة إلا بعد إبلاغه.

منذ 15 عاماً، زار الطيار الألمانى الذى كان مسئولاً عن نقل البريد من «طبرق» إلى «سيوة»، الحاج محمد حيدة، وسأله عن شقيقه الذى ولد أثناء الحرب، حيث تعرضت والدته للحمى قبل الولادة، وأحضر الطيار طبيباً خاصاً من «طبرق» إلى الشيخ على حيدة، لكنه تفاجأ بأن المولود الذى رآه عام 1944، توفى منذ سنوات.


مواضيع متعلقة