أحد الجنود الباقين من الحرب العالمية: بغيضة.. ولكن إجبارية لحماية الإنسانية

كتب: محمد علي حسن

أحد الجنود الباقين من الحرب العالمية: بغيضة.. ولكن إجبارية لحماية الإنسانية

أحد الجنود الباقين من الحرب العالمية: بغيضة.. ولكن إجبارية لحماية الإنسانية

دخلت أستراليا الحرب العالمية الثانية بعد فترة قصيرة من غزو جيش هتلر لبولندا، معلنة الحرب على ألمانيا فى الثالث من سبتمبر عام 1939، وشارك الجنود الأستراليون فى حملة شمال أفريقيا، وجنوب غرب المحيط الهادئ، وتعرضت أستراليا للمرة الأولى فى تاريخها لهجوم مباشر على أراضيها بعد الاستعمار، وكان عدد ضحايا جيشها خلال الحرب 39 ألف جندى وأصيب 23477 آخرون.

شارلى هيوود، جندى أسترالى شارك فى الحرب العالمية الثانية، يشتهر بين أقرانه بـ«الجندى القديم» ويفتخر دائماً بخدمته فى الجيش خلال فترة الحرب الأكثر دموية فى القرن العشرين، حيث يرى أن هزيمة النازية تعد أكبر انتصار للإنسانية.

خاضت أستراليا حربين وليس حرباً واحدة بين عامى 1939 و1945، الأولى كانت ضد ألمانيا وإيطاليا وحلفائهما فى قارة أوروبا كجزء من الكومنولث البريطانى، وعلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وحلفاء آخرين ضد الإمبراطوية اليابانية وحلفائها فى منطقة المحيط الهادئ منذ يوليو 1937 حتى سبتمبر 1945.

وعلى الرغم من انسحاب معظم القوات المسلحة الأسترالية من البحر الأبيض المتوسط بعد اندلاع حرب المحيط الهادئ، كان سلاح الجو الأسترالى يشارك بقوة فى الحرب الجوية ضد حلفاء ألمانيا.

«دعنا ننسى ما حدث، أفتقد أصدقائى كثيراً فى حرب انتهت منذ أكثر من سبعين عاماً، تدربنا معاً وحملنا السلاح لأول مرة عند اندلاع الحرب، تشاركنا الحكايات والتجارب وكنا أخوة»، حسب حديث هيوود لـ«الوطن».

الجندى الأسترالى: ذهبت لاستقبال أصدقائى فى الميناء فتسلمتهم جثثاً داخل توابيت

لم يشارك «شارلى» فى معارك أوروبا أو حملة شمال أفريقيا، حيث كانت وحدته تتمركز فى أستراليا، إحدى قارات العالم الجديد حينها، لكنه كان ينتظر السفن العائدة لبلاده، التى تحمل جنود الجيش المشاركين فى المعارك ضد الألمان والإيطاليين، ليقابل الأصدقاء منهم، لكن كل إجازة يجد صديقاً له مجرد جثمان داخل تابوت خشبى يحمل اسمه ورقمه العسكرى.

بين عامى 1942 وأوائل عام 1944، لعبت القوات المسلحة الأسترالية دوراً رئيسياً فى جنوب غرب المحيط الهادئ فى الحرب ضد اليابان بعد غزوها لسنغافورة، حيث أنشئت أكبر وحدة للقوات الحليفة فى ذلك الوقت، وفى منتصف عام 1944 قاتلت القوات المسلحة الأسترالية على جبهات جانبية، أدت إلى استمرار العمليات الهجومية ضد القوات اليابانية، وواصل الأستراليون المشاركة فى الحرب الجوية ضد ألمانيا.

ذلك اليوم الذى شهد قصف داروين فى التاسع عشر من فبراير عام 1942 كان يوماً صعباً على القارة الأحدث فى العالم الجديد، حيث يقول شارلى: «أتذكر جيداً تلك الغارات التى هاجمت المدينة والسفن فى الميناء والمطار، كان اليابانيون حينها لا يريدون سوى منع قوات الحلفاء وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا من استخدام أستراليا كقاعدة عسكرية ونقطة انطلاق لغزو تيمور الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية، الهجوم كان وحشياً للغاية، أتوقع أن التدمير كان جزءاً من أهداف القصف اليابانى».

شارلى هيوود، لا يحب الحديث كثيراً عن الحرب ولا يريد تذكر الكثير من الأحداث التى بالطبع تحمل ذكريات سيئة بالنسبة له، لكنه حينما يجلس مع المحاربين القدامى بالجيش الأسترالى يحاول استرجاع أرواح زملائه فى وجوههم، ويشعر أنهم يجلسون معهم.

يختتم «شارلى» حديثه لـ«الوطن»: «الحرب شىء بغيض لكن العالم فى تلك الفترة كان مجبراً عليها، كان صراعاً فكرياً على الإنسانية والهمجية، لا يمكن أن أذكر أكثر من ذلك، ودائماً أقول للأجيال الصغيرة إن الحرب تفقدك الأصدقاء والأهل لكن ليس بوسعها أن تفقدك ثقتك بنفسك، لا يمكنها أن تجعلك تتخلى عن إنسانيتك وواجبك تجاه الآخرين، فالحياة بحاجة إلى الأخيار الأقوياء».


مواضيع متعلقة