بالفيديو| رئيس جامعة القاهرة: أرفض مصطلح «رجال الدين» فالإسلام بلا «كهنوت» والكل مدعو للمساهمة فى صياغة خطاب دينى جديد
بالفيديو| رئيس جامعة القاهرة: أرفض مصطلح «رجال الدين» فالإسلام بلا «كهنوت» والكل مدعو للمساهمة فى صياغة خطاب دينى جديد
- أساتذة الجامعة
- أسلوب حياة
- إصلاح اقتصادى
- ابن تيمية
- الأزهر الشريف
- الأفكار المتطرفة
- الإجراءات القانونية
- الإسلام دين
- الإمام مالك
- التنمية الاقتصادية
- أساتذة الجامعة
- أسلوب حياة
- إصلاح اقتصادى
- ابن تيمية
- الأزهر الشريف
- الأفكار المتطرفة
- الإجراءات القانونية
- الإسلام دين
- الإمام مالك
- التنمية الاقتصادية
أكد الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، أن الشك المنهجى هو الطريق الأمثل للوصول إلى الإيمان المنضبط، لذلك على الجميع العمل من أجل إزاحة المرجعيات الوهمية من «قاع التراث»، معلناً رفضه لمصلطح «رجال الدين» لأن الإسلام ليس به «كهنوت» والكل مدعو للمساهمة فى صياغة خطاب دينى جديد.
وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن جامعة القاهرة فصلت 21 أستاذاً جامعياً كانوا مدرجين على قوائم الإرهاب بحكم المحكمة، أبرزهم باكينام الشرقاوى، ولن يتم السماح بوجود أى أفكار مناهضة للنظام العام داخل المدرجات، مشيراً إلى أن قبول التراث كله لا يقل حماقة عن رفضه كله ونحتاج حالياً لثورة عقلية على طرق التفكير الحاكمة لحياتنا لأن أقوال السابقين أو اللاحقين ليست «ديناً».
{long_qoute_1}
وأوضح أن منهج سيد قطب تكفيرى متطرف، ولديه قاعدة غير سوية ترى أن العالم إما دار حرب أو دار سلام، وأن «ابن تيمية» تم فهم أفكاره خطأ من خلال المتشددين، منوهاً بأن «روشتة» علاج أزمة الخطاب الدينى تتضمن رفض التكفير والعودة للتفكير العقلانى النقدى وعدم تقديس التراث أو تسفيهه والإيمان بتعددية الصواب، لأننا نحتاج لتطوير العقل المصرى من خلال تغيير مناهج التعليم والخطاب الإعلامى والدينى.. إلى نص الحوار..
هل نحتاج لتجديد خطابنا الدينى؟
- أنا لا أؤمن بتجديد الخطاب الدينى، ونحتاج أولاً لتوضيح عدد من المفاهيم، منها توضيح الفرق بين الخطاب الدينى والدين ذاته، فالدين هو القرآن الكريم وما صح من سنة رسول الله، أما الخطاب الدينى فهو كل الجهد البشرى الذى تم بذله لفهم الدين، وهو طريقة بشرية لفهم علوم الدين، وهو جهد مقدر، وهذا اجتهادهم، وإسهامهم أتى فى زمانهم وراعى ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فالخطاب الدينى القديم أشبه بالبناء القديم الذى نحتاج إلى أن نرممه لا أن نهدمه، بل نعتز به، لكن لا يمكن أن نسكن فيه، مثل أى بناء قديم، فالخطاب الدينى القديم إسهام كبير لكنه لا يناسب عصرنا، لأنه صُنع لعصر غير العصر الحالى، لذا نحن بحاجة لخطاب دينى جديد نتيجة لظروف العصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويراعى تطور العلوم الإنسانية والطبيعية فالبشرية الآن وصلت لمرحلة من التقدم فى العلوم يجب أن نضعها فى ذهننا حينما نعيد فهم الدين.
هل الخطاب الدينى الجديد لا يؤيد الاستعانة بالتراث؟
- من عناصر الخطاب الدينى الجديد أن نستفيد من التراث، لكن لا يمكن أن نجعله مقدساً، فهو مجهود بشرى، وعلينا أن نميز بين المقدس والبشرى فى الإسلام، فالإسلام بدأ بالكلمة الإلهية «اقرأ باسم ربك الذى خلق»، وانتهى بـ«اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً»، فالدين اكتمل بإعلان إلهى، وهذه هى كلمته الأخيرة، وهنا انغلقت «دائرة الكلمات المقدسة»، وكل ما جاء بعد ذلك فى التراث ليس «ديناً»، بل هو مجرد اجتهادات بشرية فى فهم الدين واستنباط الأحكام، يصيب فيها من يصيب ويخطئ فيها من يخطئ، ولا يوجد أحد يحمل صكاً إلهياً، وليس لبشر العصمة سوى الرسول المعصوم فى أمر الدين بالوحى، فالقرآن الكريم لا توجد فيه آية واحدة تعين شخصاً سوى الرسول للحديث باسم الحقيقة الدينية، والرسول لم يرد عنه فى أى حديث متواتر تحديد شخص بعينه ليحمل الرسالة بعده، بل القرآن يذم طاعة السادة والكبراء دون برهان محكم وحاسم لمجرد أنهم سادة وكبراء «وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا». {left_qoute_1}
وما أسس الخطاب الدينى الجديد؟
- الخطاب الدينى الجديد له عدة سمات على رأسها العودة المباشرة للمناهل الدينية الصافية، وهى القرآن الكريم وما صح من سنة رسول الله، والاستفادة من جهد العلماء القدامى والاستعانة بعلماء العصر ومراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والتمييز بين المقدس والبشرى فى الإسلام، وهذه هى شاكلة الخطاب الدينى القديم، وكذلك إعمال العقل والتفكير، وبالتالى لا بد من الشك المنهجى، وهو سنة أبى الأنبياء إبراهيم، ولولاه ما وصل إلى الحقيقة، فرفض إبراهيم إسكات عقله، فمر بمرحلة شك ضرورية امتدحها القرآن الكريم، ومنها وصل إلى رفض القديم، وبدأ ديناً جديداً يرفض التقليد، تلك الملة التى نؤمن بها «مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»، وهى ملة العقل والتوحيد ضد التعصب والتقليد وإشراك بشر أو أوثان مع الله، فالشك المنهجى ضرورى للإيمان المنضبط، والشك المنهجى ضرورى للعلم، والشك المنهجى ضرورى لتجديد الخطاب الدينى فى كل العصور، كذلك يجب إزاحة كل المرجعيات الوهمية التى تكونت فى «قاع التراث»، وتغيير طرق التفكير.
البعض يرى أن السنة نقلت من قبل البشر وبالتالى تخرج من دائرة المقدس؟
- الله وحده هو المقدس، ومعرفة مقاصده تكون من خلال كلمته التى اكتملت يوم أن أعلن ذلك، ومعرفة معانى هذه الكلمة يكون من خلال رسوله الكريم المكلف بإيصال الرسالة وبيانها للناس «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون»، وكلمات الرسول نفسه هى أحاديثه التى ثبتت صحة نسبتها إليه ثبوتاً يقينياً بلا خلاف بين علماء الحديث، أما ما سوى ذلك فهى مجرد أحاديث موضوعة كذباً عليه، أو ضعيفة، أو ظنية الثبوت، فلا يعقل أن نأخذ منها ديناً، لأن الدين يُبنى على اليقين ولا يُبنى على الظن والاحتمال، وليس كل ما هو منسوب إلى النبى صحيح النسبة إليه، بل منه الصحيح بدرجاته، والحسن بدرجاته، والضعيف، والمرسل، والمنقطع، والموقوف، والمعلق، والمدلس، والمعنن، والمؤنن، والمقلوب، والمتروك، والمنكر، والمعلل، والمدرج، والمضطرب، والمصحَّف، والشاذ، والموضوع كذباً، وهنا نجد أن من أهم مهام تجديد الخطاب الدينى وجوب تحرى وفحص الأسانيد والمتون حتى نتأكد: هل فعلاً قال النبى ذلك، أم لا؟ وهذا ما قام به علماء الحديث القدماء على قدر وسعهم، أما المحدثون فلا يزالون عالة عليهم ولم يكملوا جهودهم فى «جمع» ما تفرق من الأحاديث الصحيحة فى بطون كتب الصحاح والسنن والمسانيد، وبيان درجة صحتها، والتمييز بين الأحاديث يقينية الثبوت والأحاديث ظنية الثبوت والموضوعة، وتصنيف الأحاديث المتواترة والمشهورة والآحاد وعلاقتها باستنباط الأحكام، فهذا جهد يحتاج مؤسسات علمية تقوم بواجبها تجاه سنة النبى، وفق رؤية ومنهج علمى.
{long_qoute_2}
هل تؤيد تقديم العقل على النص؟ أم العكس؟
- حينما نرى النص لا نأخذ به بشكل مطلق، ولا بد أن نرى هل الحديث يتوافق مع القرآن أم لا؟، فلو اتفق مع القرآن يكون صحيحاً وإذا لم يتوافق فغالباً لن يكون كلاماً عن رسول الله، فكلام الرسول يتوافق مع القرآن الكريم، وغير ذلك لن يكون صادراً عن النبى الكريم، ولدينا علوم الحديث وهى علوم متعددة علمية تتيقن من مدى صحة الحديث ومدى نسبته للرسول الكريم، وجمع الحديث بدأ بعد 100 سنة من وفاة الرسول الكريم، وكتب الحديث تتفاوت صحتها، وهناك «مسلم والبخارى والنسائى والترمزى والدارقطنى»، وفى تقديرى أن أصح كتب السنة هو «موطأ» مالك، فالمسافة الزمنية بينه وبين الرسول الكريم أصغر من كل ناقلى الحديث، وسلسلة الإسناد «مالك عن نافع عن ابن عمر عن الرسول»، فهى سلسة صغيرة وقوية، وحينما جمعه «مالك» فى عهد هارون الرشيد وأراد الخليفة أن يفرضه على الناس رفض الإمام مالك، وقال إن أصحاب رسول الله انتشروا فى البلدان، وكل منهم أخذ جزءاً من علم الرسول، فلا يمكن أن تفرض على الجميع حاجة ثابتة واحدة، كذلك كل بلد لها عاداتها وتقاليدها وعرفها، ولا يمكن فرضه على كل الناس.
ومن سيقوم بعملية التجديد؟
- العلماء بكل تخصصاتهم، فنحن ليس لدينا سلطة مقدسة تقوم بالتجديد، وبالمناسبة أرفض مصلطح «رجال الدين» فنحن ليس لدينا رجال دين أساساً، فالإسلام ليس به سلطة رجال الدين، فلا كهنوت فى الإسلام بل لدينا علماء دين، يؤخذ منهم ويرد عليهم فمسمى «رجال دين» يعنى أن نحول الدين بذلك لكهنوت، وأهم مميزات الإسلام أنه نزع القداسة الإلهية عن البشر مهما بلغت مرتبة هذا البشر، على خلاف أديان أخرى، وهذه هى رسالة التوحيد الخالص، ورسالة تحرير الإيمان من الشرك بالله، فعبادة الله الواحد هى غاية الإسلام النهائية، والنقطة التى يلتقى عندها كل شىء فى الكون، وليس التوحيد فقط هو توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء الحسنى، وإنما أيضاً توحيد المرجعية الدينية، فالله وحده هو المقدس، وأريد أن أؤكد كل الاحترام لمؤسسة الأزهر الشريف ورجال وزارة الأوقاف رغم اختلافنا فى المضمون والمنهج، كما أؤكد أن كل الطوائف العلمية مدعوه للمساهمة فى وضع خطاب دينى جديد، وكل يجتهد فى تخصصه.
وما حقيقة فقه الجهاد فى الإسلام؟ وهل الذبح والحرق باسم الدين جهاد؟
- فقه الجهاد بشكله الذى شاهدناه من قبل الجماعات المتطرفة مقتطع، تأخذ بعض النصوص وتترك النصوص الأخرى، فلا يمكن فهم النصوص المقتطعة دون دراية بالحيثيات التى نزلت فيها الآيات، ومثال على ذلك قول الله تعالى «واقتلوهم حيث ثقفتموهم»، فهل يتم تعميمها؟ الإجابة لا، فتلك المقولة فى حالة الحرب فقط، وليست فى حالة السلام، والقتل هنا للمقاتلين وليس للمدنيين، فنحن لدينا مشكلة حقيقية فى الفهم للسياق والأحداث، لذا نحتاج لتطوير العقل المصرى، ويجب تغيير طريقة المواطن فى التفكير، من خلال تغيير مناهج التعليم، ووجود تعليم جديد منتج لعقول مفتوحة وأسلوب حياة وطريقة عمل جديدة، كذلك تغيير الخطاب الإعلامى، وطريقة الخطاب الدينى على منابر الكنائس والمساجد.
وماذا قدمت جامعة القاهرة لتغيير العقلية المصرية للأفضل؟
- نسير وفق خطة كبرى فى هذا الملف، حددنا هويتنا ومسارات العمل وتم تشكيل مجلس الثقافة والتنوير الذى يضم مجموعة من المفكرين والعلماء وقادة الرأى وقلنا نحدد هويتنا وأنشأنا وثيقة الجامعة للتنوير، للتأكيد على أن جامعة القاهرة مدنية عقلانية والحرية مكون أصيل من مكوناتها، والتأكيد على هوية مصر المستنيرة القائمة على قيم التعايش وقبول الآخر، وتحديد مفهوم التنوير بوصفه ممارسة عقلانية والسعى لتكوين خطاب ثقافى دينى جديد، وتأسيس تيار عقلانى عربى مقاوم للإرهاب والانفتاح على تجارب التنوير الأخرى وبناء نسق فكرى ومعرفى مفتوح ومتحرر وتكوين الشخصية القادرة على العمل الفكرى الخلاق، وبناء بيئة تعليمية واتباع طرق التعليم القائمة على مناهج العقل، فوضعنا مادة «التفكير النقدى» مقررة على كل الطلاب بكل الكليات لتعليم الطالب طرق التفكير الصحيحة، وهناك مادة أخرى «ريادة الأعمال» لتغيير المفاهيم القديمة عن العمل ومنها التوظيف فى الحكومة ومصطلح «الأرزاق بيد الله»، ولدينا مشروع الإصلاح الدينى والتنمية الاقتصادية، فلا إصلاح اقتصادى بدون إصلاح دينى، ولا يوجد أى نشاط متطرف بين الطلبة بين جامعة القاهرة ولا يوجد أى دعوة متطرفة داخل الجامعة. {left_qoute_2}
كيف تواجه جامعة القاهرة الفكر المتطرف فكرياً وبالقانون؟
- هناك طرق متعددة لمواجهة الأفكار المتطرفة، منها الموسم الثقافى الذى تعده الجامعة ويتم استضافة شخصيات ورموز فكرية وعلماء وقادة رأى لمناقشة الطلاب، كذلك معسكرات تحت عنوان تطوير العقل المصرى، وتم تطبيق المعسكر على 600 طالب، وهناك طريق الفن لتهذيب النفس الإنسانية، والارتقاء بالدوافع الغريزية لتقليل طاقة العنف، ولدينا طريق القانون والدستور ويتم المحاسبة وفقاً للوائح جامعة القاهرة، ولن نسمح بالخروج عن النظام الجامعى، وتم اتخاذ قرارات كثيرة ضد أصحاب الفكر المتطرف، منها فصل كل أساتذة الجامعة المدرجين على قوائم الإرهاب بحكم المحكمة وعددهم 21 قيادة، منهم الدكتورة باكينام الشرقاوى، ولن نسمح بأى أفعال متطرفة داخل الجامعة وأى شخص يظهر أى نشاط يعادى النظام العام يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده فوراً، فنحن دولة قانون، ولن نسمح بأى أفكار مناهضة للنظام العام داخل المدرجات، فقمنا بتنقية المناهج كلها، فكان هناك مناهج بها آراء متطرفة، أبرزها كانت كلية دار علوم، وتم إعادة المراجعة الشاملة.
لدينا توجهان بالمجتمع، الأول يرفض تنقيح التراث والآخر يرفض التراث نفسه كلياً.. ما رأيك فيهما؟
- المتعصب، سواء كان مع التراث كله أو ضد التراث كله، لا يستطيع أن يرى عيوب تفكيره، فقبول التراث كله لا يقل حماقة عن رفضه كله، فكلاهما تعصب، وكلاهما يسيطران على الساحة الفكرية والدينية المعاصرة، فأمتنا مبتلاة بسيطرة تيارين نقيضين كليهما بعيد عن «الوسط الذهبى» للإسلام، وصراع الطرفين لم يتمخض حتى الآن عن الوصول إلى مركب جديد يحل الإشكالية بين الإخوة الأعداء «الأصولية» و«العلمانية»، وما هذا إلا لهيمنة «الدوجماطيقية» (التعصب المطلق) على النظام العقلى الذى يحكم تفكير الجميع على الجبهتين المتصارعتين، فنحن بحاجة لثورة عقلية على طرق التفكير الحاكمة لحياتنا، ومن دون ذلك لن يتغير الخطاب الدينى، ولن ندخل عصراً حداثياً جديداً.
{long_qoute_3}
هل الاقتراب من التراث يعنى تبديد الدين كما يدعى بعض الأزهريين؟
- التراث ملىء باتجاهات شتى متباعدة، ومن سبل تجديده إعادة التحليل النقدى لمكوناته تحليلاً علمياً، ثم إعادة بنائها لصنع مركّب جديد أو منظومة جديدة، وفى أحيان أخرى يكون التجديد عن طريق تغيير المرجعيات البشرية، أو استدعاء الاتجاهات الأصيلة ونقض وتهميش الاتجاهات الرجعية، والحقيقة الدينية تكمن فى المصدر الإلهى «القرآن الكريم» مفسراً بالسنة الصحيحة، حيث اكتمل الدين، ولا تمثل أقوال السابقين أو اللاحقين «ديناً»، فالدين أنزله الله واكتمل، وليس بحاجة أن يكمله أمير جماعة أو داعية أو فقيه، فهم يجتهدون فى الفهم والتفسير، ويصيبون ويخطئون، وليس أى منهم، مهما بلغت قامته، أفضل من «أبى بكر وعمر وعلى» الذين أكدوا فى كل الأقوال الثابتة عنهم أنهم بشر غير معصومين، وكذلك كل ما جاء فى التاريخ بعد لحظة اكتمال الدين التى أعلنها القرآن، فأى جهد بشرى قابل للمراجعة، وهو فى بعض الأحيان اجتهاد علمى فى معرفة الحقيقة، وفى أحيان أخرى آراء سياسية تلون النصوص بأغراضها المنحازة لمصالحها، وفى كل الأحوال ليست هذه الآراء وحياً مقدساً، بل آراء قابلة للنقد العلمى وليس للسب والقذف والتجريح الذى يفعله الصغار، نحن بحاجة إلى توحيد المرجعية فى فقه جديد، وتفسير جديد، وعلم حديث جديد، وإزاحة كل «المرجعيات الوهمية» التى تكونت فى قاع تراث صنع لغير عصرنا، ودون هذا لن نستطيع صناعة تاريخ جديد.