بروفايل| «الساطع».. مات بطلاً

كتب: سامى عبدالراضى

بروفايل| «الساطع».. مات بطلاً

بروفايل| «الساطع».. مات بطلاً

ربما صرخ العميد ساطع النعمانى من الألم عندما اخترقت رصاصة عينه اليسرى فى أحداث بين السرايات عام 2013.. صرخ يومها وهو بين رجاله يؤدى عمله بثبات وقوة ويقول لهم: «حاسبوا حد يموت».. وسقط مغشياً عليه ونقل إلى المستشفى وظل 60 يوماً فى غيبوبة كاملة.. كانت الإصابة فى عهد الإخوان وعندما أفاق كان فى عهد جديد تخلصت فيه مصر من حكم مرشد وجماعته.. صرخة كانت إيذاناً بمولد بطل من فولاذ.. بإرادة من حديد واجه الإصابة و«التشوه» الذى أصاب جانباً من وجهه.. ولكنه لم يصب روحه المحبة والعاشقة لتراب هذا الوطن، وصار الرجل رمزاً للتحدى والصمود وكانت كلماته وعباراته تبث الحياة من جديد فى قلوب أرهقها الإرهاب، وخصوصاً فى العامين 2014 و2015.

فى الساعات الأولى من صباح أمس.. كان خط النهاية لرحلة بطل.. وفى أحد المستشفيات فى لندن حيث أجرى جراحة جديدة فى الوجه منذ أسبوعين.. وأمس الأول شعر بإرهاق ونقله شقيقه إلى مستشفى قريب وهناك فاضت روحه إلى بارئها.. ذهبت لتلاقى ربها وكل يقينها أن الجنة هى المحطة الأخيرة.. هناك وسط شهداء سبقوه إليها.. سبقوه وهم يدافعون عن هذا الوطن وبقائه.

رحيل «الساطع» جاء بعد 5 سنوات من الألم والمعاناة.. والسفر والبقاء فى غرف العمليات والمستشفيات فترات طويلة.. فى القاهرة وفى سويسرا وفى لندن.. وكانت زياراته إلى مصر وحضوره هنا «شعاعاً» من الأمل يضىء دروباً مظلمة.. يعطى حياة وقوة لمن حوله.. لم ينتظر أن يأخذ من أحد تلك القوة.. ولكنه كان يبثها دون أن يدرى ودون أن تخطئ هى الهدف..

كتب الله لـ«الساطع» الحياة كثيراً، ونجا من الموت مرات، قال فى حوار سابق: «أتذكر سنة تخرجى فى كلية الشرطة واحتفال الأهل بنا عام 1992، وما زلت أذكر أول عمل لى فى الإدارة العامة للعمليات الخاصة.. كنا فى مهمة للقبض على 7 عناصر من المسجلين خطر فى المنيا، واشتبكنا معهم وبعد تبادل إطلاق الرصاص، تمكنا من قتل المتهمين، واقتربنا من الجثث للكشف عنها، وجدنا أحد المتهمين يحتضن قنبلة كبيرة الحجم وكان على وشك أن يفجرها وتخلصنا منه».. وحتى فى إصابته الأخيرة كانت الإصابة قاتلة وقال له الأطباء فى سويسرا عقب إفاقته من غيبوبة استمرت 60 يوماً: «إن التوقيت الذى حضرت فيه إلى المستشفى كان مناسباً جداً لأنك لو كنت تأخرت قليلاً لأصبحت فى عداد الموتى».. وكان الموت أقرب إليه من الحياة فى الأيام الأولى للإصابة.. مات البطل ساطع النعمانى ليكتب برحيله «ملحمة» جديدة وقصة تروى للجميع عن بطولة ومثابرة وقوة رجل عاش ومات بطلاً.


مواضيع متعلقة