بروفايل| حمدي قنديل.. وانكسر القلم الرصاص

بروفايل| حمدي قنديل.. وانكسر القلم الرصاص
"جسَّ الطبيبُ خافقي وقالَ لي هلْ ها هُنا الألَمْ؟ قُلتُ له نعَمْ، فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي وأخرَجَ القَلَمْ" كلماتٌ الراحل أحمد مطر، التي استخدمها ذلك الإعلامي القدير في "برومو" البرنامج الذي قرر أن يجعل اسمه نابعًا من سبب ألمه، من "النداهة" التي ندهته صغيرًا ليترك دراسة الطب، ويتجه للصحافة التي عشقها وعشقته، ويصبح القلم رفيق دربه، وشريك رحلته الطويلة، التي أنهاها كـ"قلم رصاص"، اختفى رويدًا رويدًا، قبل أن يرحل تمامًا عن الدنيا.
رحلة الراحل حمدي قنديل، المولود عام 1936، مع القلم بدأت منذ أن كان طالبًا في الثانوية العامة حين أصدر مجلةً أسماها "الإخلاص، ثم في كلية الطب، حين أشرف على تحرير مجلة الكلية، التي لم تستمر طويلًا، فالقلم الذي كان يكتب لم يكن مجرد قلم "هـذا يَدٌ وَفَمْ.. رَصاصةٌ وَدَمْ"، لينتقل بقلمه للعمل محررًا في مجلة آخر ساعة، بدعوةٍ من رئيس تحريرها مصطفى أمين، الذي كان متابعًا له ولكتاباته.
"نداهة" القلم نادته شابًا، فاستجاب لها، ليلقي مشرط الطب بعيدًا بعد دراسته لمدة 3 سنوات، ويقرر الغرق في بحر صاحبة الجلالة، بدراسة الصحافة في كلية الآداب، التي تخرج منها ليعمل في جريدة "أخبار اليوم"، ليخوض معها رحلةً قصيرة، قرر بعدها أن يحمل قلمه ويتوجه به نحو التليفزيون.
لم يكن عمله في التليفزيون بمنأى عن عمله بمهنة القلم، حيث ذهب للتليفزيون ليقدم برنامج "أقوال الصحف" في ستينيات القرن الماضي، ويطير بين المحطات والبرامج على بساط قلمه السحري، حتى يرسو في التليفزيون المصري الذي بدأ به مذيعًا للأخبار، ليصبح "رئيس التحرير" هو البرنامج الذي يسيطر على الشعبية الأكبر.
إيقاف "رئيس التحرير" لم يوقف القلم عن الكتابة، حتى ولو أصبح مجرد "قلم رصاص"، فبحر الكتابة الذي أصبح قنديل أحد كائناته، أصبح المكان الذي يستطيع فيه التنفس والحياة، حيث طار كذلك بقلمه الرصاص بين كثيرٍ من المحطات والقنوات، فذهب به نحو قناة "دبي" في الإمارات العربية المتحدة، واستمر مقدمًا للبرنامج فيها لمدة 5 سنوات حتى قيام ثورة يناير.
عاد "قنديل" على متن قلمه لمصر ليشارك في الثورة التي اشتعلت في الميادين المصرية، ويغرد بقلمه الرصاص على قناة "التحرير" بعدها، حتى توقف عن الكتابة به على الهواء منذ 7 سنوات، واختفى القلم تدريجيًا، حتى انكسر في يد صاحبه الذي رحل عن عالمنا عن عمرٍ يناهز 82 عامًا.