برج الدقى الإدارى: أصحاب الشقق الشاغرة «يطنشون» رسوم الصيانة.. والمرضى يصعدون على السلالم

برج الدقى الإدارى: أصحاب الشقق الشاغرة «يطنشون» رسوم الصيانة.. والمرضى يصعدون على السلالم
- اتحاد الشاغلين
- اتحاد الملاك
- الأعطال المتكررة
- الجهاز الهضمى والكبد
- الدور الأول
- المواقف الصعبة
- اتحاد الشاغلين
- اتحاد الملاك
- الأعطال المتكررة
- الجهاز الهضمى والكبد
- الدور الأول
- المواقف الصعبة
واجهة من الرخام الأسود انطفأ لمعانها، لمبنى إدارى ضخم يتوسط شارع التحرير بالدقى، يحوى ٩٠ وحدة تتنوع أنشطتها ما بين الطبية والإدارية. درجات سلم قليلة تصعدها، وبمجرد عبور البوابة الزجاجية يبادرك موظف الاستقبال بالسؤال: «طالع لمين؟»، لتُفاجأ أن البناية المتسعة مقسّمة إلى مبنيين أمامى وخلفى، يربطهما ممر ضيق فى الأدوار الزوجية الثانى والرابع والسادس.
{long_qoute_1}
«هو الأسانسير التانى عطلان»؟ سؤال طرحه مواطن يبدو أنه مريض وأتى لزيارة أحد الأطباء، دون مجيب، ليُصاب باقى المنتظرين للمصعد بالإحباط، حيث قرر اتحاد الشاغلين تشغيل مصعد واحد من بين مصعدين موجودين فى كل مبنى، ترشيداً للاستهلاك، خاصة أنهما تهالكا، ومضى أكثر من 20 عاماً على تركيبهما، ومن أجل كسب الوقت، يلجأ معظم المرضى لصعود السلم، وصولاً إلى عيادات الأطباء المترددين عليها.
بمجرد فتح باب المصعد المعلق على بابه لافتة تشير إلى أن حمولته 4 أفراد فقط، تسابق الجميع لوضع أقدامهم أولاً، وتزاحموا جميعاً فى كابينته الضيقة متأففين من الوضع، الذى لا يتماشى مطلقاً مع لحن «LOVE STORY» الشهير الذى يُذاع بمجرد غلق الباب.
«لو على الزحمة ممكن تعدى، لكن مريضة على تروللى تطلع إزاى؟ الأسانسير ضيق على برج المفروض طبى»، قالها بأسف شديد عاشور عبدالعظيم، فرد أمن تابع لبنك يستقر فى الدور الأول: «ناس كتير لما بتزهق بتنزل على السلم، ولما يشوفونا فى وشهم يطلعوا غضبهم علينا، ويقولوا لنا الأسانسير بتاعكم بايظ، فنهدّيهم ونفهمهم إن البنك مالوش علاقة بالمشكلة».
المشكلة نفسها تأفف منها على محمد زايد، يمنى الجنسية، يتردّد على المكان باستمرار لمتابعة وضعه الصحى مع أحد أطباء الجهاز الهضمى والكبد، حيث اضطر إلى الجلوس على درجات السلم لانتظار قدوم المصعد.
«فيه عامل قاعد فى مدخل العمارة علشان يشيل الحالات من تحت لفوق ويساعدهم لو استدعى الموقف»، حسب «محمود»، موظف بمركز الأشعة، الذى يعتبر أن تلك الخدمة يقدمها المركز للمواطنين، بخلاف الحرص على نظافة المكان بسبب تردّد المرضى بكثافة وعدم وجود أفراد نظافة بالقدر الكافى بالمبنى.
رجل المواقف الصعبة، وصف ينطبق على حال جمال رمضان، أمن الاستقبال، فلا تقتصر مهمته على الريسبشن والاستعلامات، وإنما على تصليح أى أعطال تطرأ على المبنى: «حد اتحبس فى الأسانسير، أجرى أطلعه، الكهرباء قطعت، أروح أشغل المولدات، الميه قطعت أشوف المشكلة.. وغيرها». 21 عاماً مضت على «جمال» فى المقر منذ أن تسلم مهمته عام 1997، وكان وقتها المكان جديداً لم يتجاوز عمره الثلاث سنوات، وعدد شاغريه قليل، لكن الحال تبدّل فى الوقت الحالى، وألقى بمزيد من الأعباء عليه: «أكتر من 50 دكتور فى المبنيين، و5 شركات، ومكتبين للمحاماة، ومركز أشعة، ومعملين تحاليل».
مشاكل لا تنتهى يواجهها «جمال» طوال ساعات العمل، أكثرها تكرار أعطال المصعد: «شركة الأسانسيرات ضحكت على إدارة المبنيين، وركبت كباين تصلح للمبانى السكنية وليس الإدارية، وسلوكيات الناس بتزيد من الأزمة، فى مرة الأسانسير اتعطل، ولما فتحت الباب فوجئت بـ12 فرد. اتحاد الملاك اتعاقد مع فنى اسمه أيمن، يتولى إصلاح الأعطال المتكررة، وفى آخر اجتماع لاتحاد الملاك استقروا على تغيير المصاعد، لأنها تهالكت ومر على تركيبها أكتر من 20 سنة، وألزموا كل شقة بدفع نحو 20 ألف جنيه، البعض التزم، وناس اتهربت».
عدم التزام البعض بتسديد رسوم الصيانة يضاعف مشاكل المبنيين، حسب «جمال»: «كل شقة عليها 4400 جنيه صيانة سنوياً، وده رقم هزيل بالنسبة للأبراج الإدارية، وياريت بيدفعوا». 3 عمال من بنى سويف يتولون تنظيف المكان، وهى المهمة الشاقة فى ظل امتداد المبنيين لـ9 أدوار، فى كل دور 5 شقق، ويربط ما بين المبنيين 3 ممرات فى الأدوار الزوجية «2 و4 و6»، وبالتالى لا يبدو المكان نظيفاً بالقدر المطلوب فى النهاية: «وحالياً اتنين بس اللى بيشتغلوا، والتالت فى إجازة». والسبب فى مشكلات المقر الإدارى فى رأى «جمال»، هو تصميمه بما لا يتناسب مع الغرض منه: «اتنين من المهندسين اتعاقدوا مع صاحب الأرض، وانشغلوا بتقسيم المبنيين لعدد كبير من الوحدات، 45 وحدة، بغض النظر عن الكيف، العيادات فى معظم الأبراج فيها استراحات واسعة تسمح باستقبال المرضى، وهو الأمر غير المتحقق فى المبنى، فالمرضى بينتظروا على السلم وبيتكدسوا أمام العيادة، وده طبعاً بيضغط على مرافق المكان ونظافته العامة».
لا تقتصر مهمة أمن الاستقبال على ما سبق، فلا مانع من لعب دور السباك والكهربائى أيضاًَ: «كان فيه سباك وكهربائى مسئولين عن المبنيين، الأول توفى، والثانى اتحاد الملاك استبعده بسبب خلافه مع طبيب فى المبنى، ومن يومها كل حاجة فوق دماغى، وممكن كمان أحصّل رسوم الميه والنور من الشاغلين».
إضافة لما سبق، فإن قِدم حالة مولدات الكهرباء يتسبب فى تعطيلها أحياناً، كما يشهد المكان اندلاع حرائق، إما بسبب ماس فى إحدى وحدات التكييف، كانت آخرها الأحد 16 سبتمبر، أو بسبب إلقاء أوراق فى المناور، واشتعالها نتيجة وجود «عقب سيجارة»، الأمر الذى حاولوا تلافيه بتعديل إنشائى منذ عام ونصف العام.