سيناريوهات المصير .. كذب الأمريكان ولو صدفوا

كتب: يسرا زهران

سيناريوهات المصير .. كذب الأمريكان ولو صدفوا

سيناريوهات المصير .. كذب الأمريكان ولو صدفوا

ثلاثون عاماً ظل «مبارك» فيها يحكم مصر، دون أن تنفتح شهية الإعلام الأمريكى لفهمه إلا عند خلعه! جاء «مبارك» بالنسبة للأمريكان كما ذهب، مجرد وجه سطحى، لا تتوقع منه مفاجأة ولا غدراً، ولا انقلاباً ولا انطلاقاً.. لكن، حتى «مبارك» برتابته وملله كان أكثر إثارة من «المعزول مرسى»، الذى كان بالنسبة للأمريكان وجهاً ممسوحاً، لا يرد اسمه إلا وهو مرتبط بوصف «الرئيس القادم من جماعة الإخوان، والممثل لتيار الإسلام السياسى فى الحكم»، بما له، وغالباً بما عليه.[FirstQuote] لم يكن «مرسى» بالشخص القادر على إثارة خيال الأمريكان ولا خوفهم، لم يكن مثلاً قريباً من الرئيس السادات الذى ظل يقلب معادلات تحليلات وقراءات الصحف الأمريكية لشخصيته وتفكيره حتى بعد وفاته، ولم يقترب، بالطبع، ولو سنتيمتراً واحداً من الزعيم جمال عبدالناصر، الذى كان ضيفاً دائماً على أغلفة كبرى المجلات الأمريكية، وبطلاً لا يغيب عن تحليلات مفكريها، وغضب مراسليها، وقلق وتوجس رجال السياسة فيها، وتحيز مقالاتها. كان «عبدالناصر» تجسيداً للدراما التى لا تنقطع بالنسبة للقارئ الأمريكى. كان اهتمام الإعلام الأمريكى بشخص الزعيم «عبدالناصر» انعكاساً للأهمية التى كان يتمتع بها فى قلب الشعب وقلب المنطقة العربية كلها، وكانت اللعنات التى تصبها الآلة الإعلامية الأمريكية على رأسه تجسيداً للصداع الذى أحدثه فى رأس أمريكا من فرط تأثيره وثقله، وقدرته على قلب حسابات القوى العظمى فى العالم عند اللزوم. العاجز لا يثير غضباً، والفاشل لا يثير قلقاً ولا توجساً، أما «العادى» فلا يثير اهتماماً ولا كراهية. من هنا، يمكننا أن نفهم سبباً لحالة «الهوس» التى اجتاحت الإعلام الأمريكى بالفريق أول عبدالفتاح السيسى، غضباً وغيظاً وقلقاً وكراهية وتوجساً. صار الفريق السيسى أول شخصية مصرية تجبر أمريكا، منذ عهد «السادات»، على التوقف أمامها، ومحاولة قراءة تفكيرها وتصرفاتها. لا يعرف الإعلام الأمريكى ما الذى يمكن أن يتوقعه من «السيسى»، ومن هنا تأتى إثارته. لقد نجح وزير الدفاع المصرى فى أن يجعل أمريكا كلها تتعامل مع مصر من منطلق «رد الفعل»، بعد أن كانت تتصور أنها قادرة على أن تتحكم فى مجرى الأحداث فيها. أعاد «السيسى» القرار المصرى إلى يد القاهرة، فوقفت واشنطن على رأسها، وظلت تسعى بكل الطرق لاستعادة ما فقدته من سيطرة. وكان من ضمن تلك الطرق المحاولات الأمريكية المستميتة لفرض سيطرتها على مصير «السيسى» فى المستقبل، بعد أن عجزت عن التحكم فى حاضره. ببساطة، يعانى أصحاب التحليلات والمقالات والتقارير الأمريكية حالياً من أزمة نفسية، سببها عجزهم عن التنبؤ بما فعله «السيسى» منذ ثورة 30 يونيو وحتى اليوم. وهو ما دفعهم إلى محاولة إصلاح أخطاء الماضى، بالسعى للتنبؤ بما يمكن أن يحدث فى المستقبل. ازدحم الإعلام الأمريكى فى أسابيع قليلة بتحليلات تحاول رسم مستقبل ومصير الفريق السيسى على الطريقة الأمريكية، وهى طريقة صارت تفتقر إلى الخيال الجامح، تعتمد فى الأساس على التجارب المشابهة فى دول أخرى لكل من ارتدى زياً عسكرياً أو وجد نفسه مضطراً للتعامل مع الإسلام السياسى بشكل ما. طريقة لا ترى فى الفريق السيسى خصوصيته ولا تفرده، وتتعامل مع الشعب المصرى باعتباره لا يختلف كثيراً عن الشعب الباكستانى، أو التركى، أو حتى الرومانى فى العصور الغابرة! لكننا نلتمس العذر لأصحاب تلك التحليلات والخيالات، مهما شطحت بهم، ففى النهاية ليس من السهل الاعتراف بالفشل، ولا بالعجز عن التحكم فى المصائر والبشر، خاصة بعد أن كانت أمريكا تتصور أن كل شىء وكل شخص فى مصر تحت السيطرة. بدا من الواضح أن أكثر ما يثير غيظ وقلق المحللين الأمريكان من الفريق السيسى هو حالة الدعم الشعبى الجارف التى يتمتع بها، وتمنحه درجة من التأمين والحصانة يصعب اختراقها، وهو ما جعل بعض المراقبين الأمريكان يأملون فى أن تنقلب الحسابات ضد «السيسى»، لو انقلب عليه الشعب بعد أن كان يقف فى صفه ولصالحه. «ريفا بهالا»، نائبة رئيس معهد «استراتفور» للشئون الدولية، وهو مؤسسة بحثية قريبة من المخابرات المركزية الأمريكية، كانت من أصحاب الاتجاه السابق الذى يراهن على سقوط «السيسى» بانهيار الدعم الشعبى له، قالت: «صحيح أن المصريين اليوم يرون فى (السيسى) بطلاً لهم، وصحيح أنهم، مثل شعوب عديدة حول العالم، يرون أنه من الطبيعى أن يعلقوا صور قادتهم السياسيين فى منازلهم وواجهات محلاتهم، من باب التقدير والاحترام لمن يرونه منقذاً لهم، إلا أنه من الممكن أيضاً أنهم يعلقون تلك الصور من باب النفاق أو ادعاء الولاء أو تجنب الخطر. (السيسى) اليوم واحد من هؤلاء القادة الذين يعلق المصريون صورهم على رءوسهم، ويرونه منقذاً وبطلاً، خاصة أنهم يرغبون الآن فى ضرب الإسلاميين أملاً فى مستقبل أفضل لبلادهم. لكن، هناك قلة من المصريين يحاولون مداراة قلقهم من عودة الحكم العسكرى، وشكوكهم حول استمرار شعبية (السيسى) إذا انقسمت البلاد وظل الاقتصاد يعانى مشاكل متدهورة، واستمر اشتعال العنف فى الشوارع».[SecondQuote] فكرة «الثورة الثالثة»، أو اشتعال الشوارع بالغضب ضد الفريق السيسى إذا حكم، بشكل يضع الشعب فى مواجهة الجيش، أو «الفاشية العسكرية»، كما يحلو للأمريكان تسميتها، بدأت تتسرب من تقارير خبراء المخابرات المركزية الأمريكية والمراكز البحثية المرتبطة بها، وهى بالمناسبة نفس الأجهزة والمراكز التى فشلت فى التنبؤ بثورة يونيو، ورحبت من قبل بوصول «الإخوان» إلى الحكم باعتبارهم يمثلون الأغلبية الكاسحة للشعب المصرى! إميل نخلة، الخبير السياسى فى شئون الشرق الأوسط، المدير السابق لبرنامج «تحليل الإسلام السياسى» التابع للمخابرات المركزية الأمريكية، كان واحداً ممن تسبب عزل«مرسى» فى الإطاحة بصوابهم. خرج «الخبير الأمريكى» ليحشو وسائل الإعلام بمغالطات فجة، تتشابه إلى درجة التطابق مع ما كان يردده الإخوان وأنصارهم حول «مؤامرة الدولة العميقة التى أطاحت بـ(مرسى)»، يقول «الخبير الاستخباراتى»: «لقد تظاهر (السيسى) بتأييد (مرسى) الذى قام بتعيينه بنفسه، لكنه فى واقع الأمر لم يكن مؤيداً له، هناك تحالف غير مقدس بين الجيش والنظام القديم ومن يطلقون على أنفسهم وصف الليبراليين المصريين ضد (مرسى). لذلك، وبمجرد وصول الرئيس مرسى إلى الحكم، بدأت الوزارات والهيئات بكل موظفيها فى عرقلة برنامجه، وكانت هناك طوابير بنزين بسبب أزمة الوقود التى انتهت فجأة بعد الإطاحة بمرسى (!)، ثم طلب (السيسى) من المصريين أن ينزلوا إلى الشوارع لكى يمنحوه تفويضاً للإطاحة بـ(مرسى) (!!). وأنا أقول إن المصريين نزلوا إلى الشوارع مرة فى 2011 للإطاحة بـ(مبارك)، ونزلوا مرة أخرى فى 2013 للإطاحة بـ(مرسى) بناءً على طلب (السيسى) (!!)، وقريباً جداً سيدرك المصريون أنهم أمام ديكتاتورية عسكرية وسينزلون إلى الشوارع مرة ثالثة». بالطبع، تجاهل الخبير الأمريكى أن أحد أسباب عزل المصريين لـ«مرسى» كان سعيه هو وجماعته لـ«أخونة» كل مؤسسات الدولة، وانشغالهم بوضع «الأهل والعشيرة» الإخوان فى الهيئات والوزارات بدلاً من التركيز فى تنفيذ البرامج الإصلاحية التى وعدوا الناس بها، ثم، وبفجاجة لا مثيل لها، ادعى أن المصريين نزلوا بالملايين فى الشوارع للإطاحة بـ«مرسى» بناء على طلب «السيسى»، ليقلب «واقع» أن الفريق «السيسى» تحرك «استجابة» لرغبة الشعب فى عزل «مرسى» وليس آمراً له. لم تكن المخابرات المركزية الأمريكية وحدها هى التى تحلم بأن يطيح الشعب بوزير دفاعه فى ثورة جديدة، فصحيفة أمريكية كبرى مثل «نيويورك تايمز» أفردت مساحات طويلة من صفحاتها لمحللين وخبراء، ظلوا يربطون، بإصرار، بين مصر وباكستان، ويصرون على تطابق ظروف ومسارات ومستقبل قادة البلدين، كأنهم يعيدون إنتاج أفكار السفيرة الأمريكية آن باترسون، التى أقامت تحالفاً بين الإسلاميين والعسكريين خلال عملها فى باكستان، ثم جاءت إلى مصر تحاول فرض الكتالوج الباكستانى عليها. مصير «السيسى»، كما تراه «نيويورك تايمز»، هو المحاكمة على طريقة جنرال باكستان السابق برويز مشرف، الذى تولى الحكم بعد أن أطاح بحكومة منتخبة ديمقراطياً فى انقلاب عسكرى، ثم تمت محاكمته مؤخراً أمام القضاء، فى مصير يتشابه أيضاً مع مصير جنرالات الجيش التركى، الذين أطاحوا يوماً ما بحكومة نجم الدين أربكان الإسلامية، قبل أن يتمكن رجب طيب أردوغان من إحكام قبضته على السلطة ويحاكمهم جميعاً. وكان «ديكلان والش»، مدير مكتب الصحيفة فى باكستان، هو أكثر من تصدى «لينذر السيسى» من مصير «قادة الانقلابات» العسكرية فى تركيا وباكستان. يقول ديكلان والش: «على الرغم من الشعبية الكاسحة التى يتمتع بها الفريق السيسى بين المصريين وبين الدول العربية بسبب وقوفه فى وجه الإسلاميين، فإن التجارب فى تركيا وباكستان تظهر أن هناك حدوداً للقوة العسكرية، وهو ما يعنى أن مصر لا بد أن تسمح أن يكون للإسلاميين دور كبير فى الحياة العامة. لذلك، فعلى الفريق السيسى أن يبحث لنفسه الآن عن خروج آمن، فمن دون هذا المخرج الآمن قد ينتهى الحال بـ(السيسى) كما انتهى بالجنرال الباكستانى برويز مشرف، وكذلك قد تصبح مصر فى وضع أسوأ مما كانت عليه فى نهاية حكمه العسكرى». ويتابع «والش» تبريره لضرورة أن يبحث الفريق السيسى لنفسه عن مخرج آمن من مصر، قائلاً: «حتى (مبارك) على امتداد الثلاثين عاماً التى حكم فيها لم يجرؤ على أن يتحرك بالجرأة التى تحرك بها (السيسى) ضد الإسلاميين، وربما يكون هذا هو مكمن الخطر بالنسبة للفريق السيسى؛ قد يتبخر التأييد الشعبى الذى يتمتع به مع تزايد النفور من إراقة دماء الإسلاميين، ولا يمكن أن تدعم المساعدات التى تقدمها الدول العربية الاقتصاد المصرى لو أن (السيسى) قرر استبعاد الدعم الغربى لمصر لوقت طويل». لكن ماذا لو أن الفريق «السيسى» لا يفكر فى أن يجد لنفسه «خروجاً آمناً»؟ ماذا لو ظل مستمراً آمناً مطمئناً وسط شعب يحبه ويحترم دفاعه عن أرضه وإرادته؟ فى هذه الحالة تفضّل الأمريكان بـ«السماح» للفريق السيسى بالبقاء وسط المصريين، لكن بشرط ألا يقترب من الحكم، وأن يكتفى بلعب دور «المنقذ» الذى يلجأ إليه الشعب ويوليه السلطة فى شدته، بشرط أن يترك هذه السلطة فوراً بمجرد زوال الشدة. أحد أصحاب الاقتراح السابق كان المحلل السياسى الإسرائيلى «يوسى بيلين»، الذى قال فى مقال منشور له بصحيفة «إسرائيل هيوم»: إن «على (السيسى) أن يختار: هل يريد أن يكون نموذجاً لمصطفى كمال أتاتورك، الذى تولى الحكم فى تركيا بقبضة حديدية فرض بها المدنية الحديثة فى مواجهة الإسلاميين، أم إنه يريد أن يكون نموذجاً للوطنية كما كان القائد الرومانى لوشيوس كوينكتيوس سينسيناتوس؟». يصف الكاتب الإسرائيلى هذا القائد الرومانى الذى استدعاه من كتب التاريخ الغابرة بأنه كان «مزارعاً وقائداً عسكرياً فى عهد الإمبراطورية الرومانية، وعام 460 ق.م، عندما تجمع أعداء الإمبراطورية على الأبواب، اختار مجلس الشيوخ القائد سينسيناتوس ليكون حاكماً عاماً يتولى مهمة هزيمة جيوش الأعداء. جاء القائد الرومانى من حقله إلى العاصمة، وتولى مهمة إعادة تدريب وتنظيم الجيش، وهزم أعداء روما، وبعدها بـ16 يوماً عاد إلى زراعة حقله. وبعدها بعدة أعوام استدعى الرومان قائدهم (سينسيناتوس) من جديد لكى يواجه سياسياً متآمراً كان يريد تنصيب نفسه إمبراطوراً على روما، فتولى (سينسيناتوس) حكم روما لـ21 يوماً، أطاح فيها بالسياسى المتآمر ثم عاد إلى حقله من جديد». ويتابع يوسى بيلين: «على (السيسى) أن يختار الطريق الذى يريد السير فيه مستقبلاً، ربما يقرر التراجع والتركيز على دوره العسكرى، تاركاً مهمة انتخاب القادة الجدد لمصر فى أيدى الشعب. وسيذكره التاريخ هنا على أنه الرجل الذى أنقذ بلاده من الوقوع فى هوة الأصولية الإسلامية على الرغم من وقوع بعض الضحايا والخسائر. وسيذكره الناس أيضاً بأنه الرجل الذى ساعد مصر على أن تبدأ فصلاً جديداً فى تاريخها على طريقة المنقذ (سينسيناتوس). أو يمكنه أن يختار أن يتمسك بالسلطة كما فعل (أتاتورك) فى تركيا، ويفرض نظاماً قد ترفضه غالبية المصريين، فيضطر عندها إلى حكمهم بقبضة حديدية». لكن أكثر الأفكار الأمريكية تطرفاً بالنسبة لمستقبل «السيسى» كانت الفكرة التى قدمها الباحث الأمريكى البارز «روبرت سبرينجبورج»، كان هذا الباحث يربط أيضاً بين مصير الفريق السيسى ومصير الديكتاتور الباكستانى الجنرال محمد ضياء الحق، الذى مزج فى حكمه بين الفاشية العسكرية والأصولية الدينية، فى نموذج يندر تكراره فى التاريخ الحديث.[ThirdQuote] ويرى «سبرينجبورج» أن «الفريق السيسى لن يكتفى بدوره كقائد للجيش، وحتى لو كان قد تعهد بأن يقود مصر فى مرحلتها الانتقالية نحو الديمقراطية، فهناك دلائل كثيرة تشير إلى أنه ليس متحمساً للديمقراطية بالقدر الذى يريد به أن يمسك بالسلطة السياسية فى قبضته. إلا أن هذا لا يعنى عودة إلى النظام السلطوى المعتاد الذى عرفته مصر فيما مضى». ويتابع «سبرينجبورج»: «إن قراءة سيرة (السيسى) الذاتية، وتأمل الدراسة التى قدمها أثناء دراسته فى كلية الحرب الأمريكية عام 2006، تكشف عن أنه ربما يحمل فى ذهنه تصوراً مختلفاً لنظام حكم يمزج بين السلطة العسكرية والإسلامية. هو لا يرى نفسه على الأرجح راعياً لمستقبل مصر الديمقراطى بالقدر الذى يرى فيه أنه النسخة المصرية من الجنرال الباكستانى محمد ضياء الحق، الذى تولى السلطة فى 1977 وعمل على أسلمة المجتمع والدولة معاً فى باكستان». ويواصل الباحث الأمريكى: «على الرغم من أن (السيسى) قد (أطاح) بحكومة يسيطر عليها الإسلاميون، فإن هناك أسباباً تدعو إلى الشك فى أن هدف (السيسى) الفعلى ليس إقامة ديمقراطية علمانية أكثر استيعاباً لقوى المجتمع، وإنما إعادة إنتاج وإحياء على الطريقة العسكرية للمشروع الإسلامى الذى أساء الإخوان تفعيله وإدارته. لقد قرر (مرسى) تعيين (السيسى) وزيراً للدفاع، لأنه رأى دلائل كثيرة على تعاطفه مع المشروع الإسلامى؛ كان مسلماً متديناً يستشهد كثيراً بآيات القرآن الكريم، وترتدى زوجته الحجاب، كما أن (مرسى) على الأرجح وجد نقاطاً كثيرة أثارت إعجابه فى دراسة (السيسى)، التى يركز فيها على أهمية دور الدين فى قلب سياسة المنطقة، والتى قال فيها إنه لكى تنجح الديمقراطية فى الشرق الأوسط فلا بد أن تحترم الطبيعة الدينية للثقافة، وتسعى للحصول على دعم القادة الدينيين الذين يمكن أن يساعدوا فى تكوين الدعم لتشكيل النظام الديمقراطى». ويعتقد «سبرينجبورج» أنه «إذا كانت دراسة (السيسى) تعكس حقيقة تفكيره، فإن هذا يعنى أنه يريد جر مصر إلى مسار آخر غير الذى سار فيه قادتها من العسكريين العلمانيين مثل (عبدالناصر) و(السادات) و(مبارك)، وأن أفكاره تقترب من الجنرال الباكستانى ضياء الحق، الذى استولى على السلطة وأدخل مواد كثيرة من الشريعة الإسلامية إلى القانون، وجعل الحكومة تشرف على التعليم الدينى فى المدارس». لكن المفكر المصرى الكبير مأمون فندى كان جاهزاً بالرد على كلام «سبرينجبورج»، وعلى كل من ربط بين مصير ومسار الفريق السيسى بقادة عسكريين آخرين حول العالم؛ فقال فى مقال منشور بجريدة «الشرق الأوسط» حمل عنوان «بين ضياء الحق وأتاتورك»: «الجنرال السيسى ليس (أتاتورك) وليس (ضياء الحق)، (السيسى) لم يكن تلك الشخصية المتزمتة دينياً كما حاولت أن تروج عنه جماعة الإخوان بعد أن تسلم قيادة الجيش من المشير طنطاوى، فهو رجل مسلم يتسم بالتقوى على الطريقة المصرية، ولكنه ضابط منضبط فى المقام الأول، وولاؤه لوطنه ومؤسسته العسكرية». ويتابع: «فى حواره الأول من نوعه لـ«الواشنطن بوست» لم ينفِ الجنرال السيسى تماماً أنه لن يترشح للمنصب، ولكن اللافت للنظر فى مقابلته هو أنه ليس الجنرال ضياء الحق، إذ جاء نقده لجماعة الإخوان المسلمين من منطلق أنهم جماعة لا تؤمن بالدولة الوطنية، جماعة عابرة للحدود تريد إقامة نظام خلافة لا علاقة له بالدولة المصرية. كل كلام (السيسى) وتحذيراته تبعدنا كثيراً عن نموذج (ضياء الحق)، فهو رجل لا يخلط الدين بالسياسة كما ادعى صديقى الذكى روبرت سبرينجبورج. (السيسى) يتحدث بألم عن أمريكا التى أدارت ظهرها للشعب المصرى وللجيش المصرى الوطنى المعتز بوطنيته. (السيسى) هنا ليس (ضياء الحق)، كما أنه ليس (أتاتورك). هو نموذج مصرى خالص، نموذج ثالث. وهو أيضاً ليس البكباشى جمال عبدالناصر. (السيسى) خليط بين (عبدالناصر) و(السادات)، ويجب ألا يتخوف الغرب من هذا الجنرال». وأنهى «فندى» مقاله قائلاً: «إن (السيسى) نتيجة طبيعية للثقافة السياسية المصرية، التى تختلف كثيراً عن نظيرتيها فى باكستان وتركيا. مهم ألا نتعجل فى الحكم على الرجل ونضعه فى قوالب جاهزة مثل (ضياء الحق) أو (أتاتورك). مهم أيضاً، وربما أكثر أهمية، ألا نجعل من مصر مجرد نمط يشبه الجزائر 1989، أو تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، أو باكستان السبعينات. امنحوا مصر الفرصة كى تلتقط أنفاسها، وامنحوا هذا القائد فرصة. لا نريد نموذج تركيا ولا نموذج باكستان، ولله الحمد أن (السيسى) ليس (ضياء الحق) أو (أتاتورك). نريده مصرياً، وهو حسب كل المؤشرات يبدو كذلك. فقط لا تخنقوا الرجل، وامنحوه ومصر مساحة كى يتنفسا». أخبار متعلقة : «الوطن» تكشف أهم الأفكار والقضايا المسيطرة على عقل السيسي بتحليل 24 ألف كلمة ألقاها فى 11 خطاباً «زميل مخابرات»: تعامله مع الإدارة الأمريكية يؤكد حبه لـ«عبدالناصر» طارق الخولي: «السيسي» «ناصر جديد» وصاحب ابتسامة محيرة د. أحمد يونس: الرئاسة محسومة.. والشعب لن يقبل ديكتاتوراً جديداً الجنرال بين زعيمين نصفه «ناصر» ونصفه «سادات» سيناريوهات المصير .. كذب الأمريكان ولو صدفوا أستاذه في كلية الحرب الأمريكية: باختصار السيسي صاحب مبادئ «السيسى»بعيون أمريكية:«إخوانى» قبل «30 يونيو».. و«جنرال صادم» بعدها نبيل نعيم: «السيسي» جندى يضعه الشعب حيث يشاء السلفيون: «السيسي» زعيم.. أو انقلابى ولا ثالث لهما د. هدى زكريا: يملك «باسوورد» المصريين.. وشعبيته من كونه يمثل «الضمير الجمعى» د. أحمد عكاشة: «السيسى» سيستقيل من الرئاسة لو فشل عامل بمعهد السكر:«لو قابلت السيسي هبوس دماغه وأقوله شكراً» مواقع التواصل: الهجوم خير وسيلة للدفاع سياسيون: إذا امتنع«السيسي»عن الترشح سيصاب الشباب«بإحباط شديد».. لكن مصر ستخطو نحو ديمقراطية حقيقية سياسيون وصحفيون: رؤية واضحة لإدارة البلاد.. ومشروع قومى يلتف حوله المصريون في حالة حكم «السيسي» لمصر