بروفايل: «البلتاجى».. الرحيل الهادئ

كتب: محمد يوسف

بروفايل: «البلتاجى».. الرحيل الهادئ

بروفايل: «البلتاجى».. الرحيل الهادئ

شعر أبيض كثيف، يغطى وجهاً مربعاً، يبتسم صاحبه كلما ظهر فى اللقاءات والندوات والمؤتمرات، تستمر الابتسامة فى الصور التى تُنشر له بعد أن وافته المنية عن عمر يناهز 76 عاماً مليئة بالأحداث والذكريات والمواقف التاريخية.

رحل الدكتور ممدوح البلتاجى عن عالمنا أمس، فى هدوء تام، وبعيداً عن صخب وسائل الإعلام، رغم توليه الكثير من المناصب القيادية والوزارية فى العقود السابقة، حيث تولى وزارة السياحة عقب زلزال 1992، وانتشار العمليات الإرهابية التى أثّرت على السياحة، مثل حادث الأقصر، إلا أنه نجح فى النهوض بالسياحة مرة أخرى، وهو ما جعله من أبرز وزراء السياحة فى تاريخ الحكومات المصرية، رغم أن تخصصه فى القانون، حيث تدرّج فى السلك القضائى من مساعد نيابة، وحتى مستشار لمحكمة استئناف القاهرة.

تم إسناد وزارة الإعلام إلى «البلتاجى» عقب مغادرة الرجل القوى، صفوت الشريف لها، بعد احتكارها لمدة 20 عاماً، ثم تولى منصب وزير الشباب، فى سابقة وزارية غريبة، تبادل فيها مع أنس الفقى وزارة الشباب والرياضة، ليتولى «الفقى» وزارة الإعلام، بدلاً منه فى حكومة أحمد نظيف، لكنه لم يستمر طويلاً، ليخرج من الوزارة وينعزل تماماً عن الحياة السياسية.

دخل «البلتاجى» فى معارك كثيرة مع بعض المستثمرين، كما يروى صديقه الكاتب الصحفى يوسف الشريف عندما رفض بيع بعض الأراضى فى سيناء إلى مستثمرين قطريين، عرف «البلتاجى» أنهم غطاء لإسرائيليين، مما دفعه إلى التراجع عن عملية البيع، رغم ضغوط عاطف عبيد، رئيس الوزراء وقتئذ، إلا أنه وقف أمامهم حجر عثرة، وكانت له مقولة شهيرة، كان يردّدها باستمرار: «السماء التى يلمع بها نجم واحد مظلمة»، لتوضيح أنه يحب العمل الجماعى، ولم يشأ «البلتاجى» أن يترك سيرة حياته تمر دون أن يسجّلها، فكتب مذكراته تحت عنوان «الذاكرة والرؤية»، رصد فيها الكثير من التفاصيل والذكريات التى عايشها.

وُلد «البلتاجى» فى 21 أبريل سنة 1939 بالإسكندرية، وانتقل مع أسرته إلى القاهرة، حيث التحق بمدرسة النقراشى، وتعرّف هناك على مجموعة من الأصدقاء مثل رجل الأعمال محمد نصير، ومحمد شتا، وحسن أبوالمكارم، والمستشار محمود أبوالليل وزير العدل الأسبق، واستكمل «البلتاجى» طريق والده القضائى، والتحق بكلية الحقوق وعُين مساعداً للنائب العام وتدرّج فى السلك النيابى والقضائى، حتى وصل إلى درجة مستشار فى محكمة استئناف القاهرة، ثم وزيراً ومفوضاً إعلامياً بسفارة مصر لدى فرنسا فى الفترة من 1974 حتى 1982، ثم رئيساً للهيئة العامة للاستعلامات حتى 1992، ثم وزيراً للسياحة، وفى عام 2004 تولى وزارة الإعلام خلفاً لصفوت الشريف، وأخيراً وزيراً للشباب فى فبراير 2005 قبل أن يبتعد عن الأضواء ومعترك السياسة تماماً، ويرحل إلى الأبد فى هدوء.


مواضيع متعلقة