عمرو دوارة:«التكريم» تجاهل الكبار والترميم لم يحافظ على الطراز القديم

عمرو دوارة:«التكريم» تجاهل الكبار والترميم لم يحافظ على الطراز القديم
المسرح القومى ينفض عن نفسه التراب، لتهتز جدرانه بصوت تصفيق الحضور، كما اعتاد دوماً بعد عرض أجمل المسرحيات الروائية والأعمال الفنية.
يعود المسرح من جديد بعد لحظات عصيبة مرّت ببطء، تعرّض فيها المسرح للحريق مساء يوم 27 سبتمبر 2008، وذكرت الإدارة العامة للإطفاء وقتها، أن الحريق بدأ من إحدى ستائر المسرح، واستمر أكثر من ساعتين، مخلفاً وراءه آثاراً مدمرة على مبنى المسرح بالكامل. وعلى الرغم من الوعد الذى أطلقه فاروق حسنى، وزير الثقافة وقتها، بأن ترميم المسرح سيستغرق عاماً واحداً، فإن عاماً، مر تلو الآخر دون الانتهاء من أعمال الترميم، حتى جاءت ثورة 25 يناير، وتوقفت أعمال الترميم، وبعدها حدثت تغييرات فى الميزانية، بسبب زيادة أسعار المواد المستخدمة لتتضاعف الميزانية المقدّرة بـ50 مليون جنيه، حيث اعتمدت وزارة الثقافة مشروع تطوير وترميم، استمر أكثر من 6 سنوات.
المسرح القومى مثل كل الأماكن المصرية العريقة، له تاريخ فنى طويل وبعد ثقافى عميق فى وجدان المصريين، ابتداءً من موقعه بحديقة الأزبكية فى العتبة.[SecondImage]
الدكتور عمرو دوارة المخرج والناقد المسرحى ومؤلف «حكاية المسرح القومى» الصادر عن الهيئة العامة للثقافة، الذى أعيد طباعته وتوزيعه فى احتفالية افتتاح المسرح أمس الأول، يأخذنا فى جولة تاريخية فى المكان، قائلاً: «قديماً فى القرن الخامس عشر كانت بركة تحتل الموقع نفسه، اتخذها المماليك موقعاً لإقامة القصور واللهو حولها، وفى عهد محمد على أمر بتجفيف البركة وإنشاء حديقة بدلاً منها، حتى جاء الخديو إسماعيل وأسس المسرح الملاصق لدار الأوبرا عام 1869، الذى خُصص لاستقبال الوفود للاحتفالات الضخمة الخاصة بافتتاح قناة السويس وقتها، أما المبنى الحالى من حيث الطراز والتصميم، فيعود للمبنى الذى بناه طلعت حرب عام 1920، لفرقة أولاد عكاشة، التى بقيت حتى سنة 1945».
وأضاف: «اشتهر المسرح باسم (تياترو) الأزبكية، حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، حيث تم تغيير اسمه إلى المسرح القومى فيما بعد، ومن العصور الذهبية الخاصة بالمسرح هى فترة الخمسينات على وجه التحديد، لظهور كتاب مسرحيين ومبدعين، من بينهم يوسف إدريس، وسعد الدين وهبة، ومن المخرجين كرم مطاوع، وعبدالرحيم الزرقانى، ونعمان عاشور، وتألق عمالقة تمثيل المسرح على خشبته، وفى مقدمتهم سيدة المسرح العربى الفنانة سميحة أيوب، وحمدى أحمد، وشفيق نورالدين، وعبدالله غيث، وغيرهم من الفنانين الكبار».
وأشار «دوارة»، إلى أنه ذكر فى «حكاية المسرح القومى» الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، أهم 60 عرضاً على خشبة المسرح القومى، ومنها سنة 1935 مع بداية ظهور «الفرقة القومية» التى تغيّر اسمها إلى «الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى» سنة 1942، وتابع: «أول عرض عام 1935 كان «أهل الكهف» من تأليف الكاتب الكبير توفيق الحكيم، ثم «مجنون ليلى» لأحمد شوقى، وبعدها «شهرزاد» من ألحان سيد درويش، كما تجلت مسرحيات ذات صلة سياسية على المسرح القومى، لتعكس ما يشهده العصر، مثل «الأيدى الناعمة» التى تعبّر عن أهداف ثورة يوليو 52، ومسرحية «كفاح بورسعيد» عام 56، التى تشير إلى العدوان الثلاثى، ومسرحية «قهوة الملوك والناس اللى فوق»، التى تتناول الفروق الطبقية. ومن الأعمال المسرحية أيضاً ذات البُعد السياسى، «وطنى عكا» و«النار والزيتون» اللذين تناولا نكسة 1967، حتى ظهور بُعد آخر للمسرح مع مسرحية «الفرافير» للكاتب يوسف إدريس وكرم مطاوع، الذى حاول من خلال ذلك العرض تقديم المسرح العربى بشكل جديد بعيداً عن محاكاة المظهر الغربى المعتاد للمسرح، ومن العروض المهمة مسرحية «أنطونيو وكليوباترا» التى قدّمها مخرج إنجليزى، ومسرحية «الملك لير» التى حصدت نجاحاً كبيراً وقدّمها الممثل يحيى الفخرانى، ومسرحية «أهلاً يا بكوات» التى قدّمها عزت العلايلى وحسين فهمى، وتعد أول إنتاج فنى فى الفترة التى تولى فيها محمود ياسين المسرح».
وأوضح «دوارة»، أنه مر على المسرح 32 مديراً، آخرهم مدير المسرح الحالى خالد الذهبى، وأن من بدأ الإدارة الشاعر الكبير خليل مطران، مروراً بيوسف وهبى وجورج أبيض، وكرم مطاوع، وسمير العصفورى، ومحمود الألفى، ومحمود ياسين، والفنانة سميحة أيوب لمرتين، وهدى وصفى، كما تولى إدارة المسرح 2 من الضباط الأحرار، ممن اشتُهروا بإسهاماتهم الثقافية، هما أحمد حمروش، وآمال المرصفى فى فترة الستينات.[ThirdImage]
وحول النسق المعمارى لمبنى المسرح القومى، يقول «دوارة» إن من أهم القاعات، قاعة جورج أبيض من عظماء المسرح المصرى فى الأربعينات، وهى القاعة الكبيرة، وقاعة أخرى أصغر تحمل اسم عبدالرحيم الزرقانى، ومسرح الشباب، الذى تألق عليه نجوم الفن. وعن أعمال الترميم الأخيرة، يقول المخرج والناقد المسرحى عمرو دوارة، إنه شعر بعدم تناسق فى الطراز المعمارى بين المبنى الإدارى الملاصق للمبنى الرئيسى للمسرح، حيث يشتهر مبنى المسرح بقبته الفخمة التى تسهم فى توفير الإضاءة والتهوية للمبنى، وتتدلى منها النجفة العملاقة التى تتمتع بطابع كلاسيكى مميز، فى حين اتصف المبنى الإدارى بالجمود، كما أنك تضطر إلى العبور من خلال المبنى الإدارى للوصول إلى المسرح. وتابع: «الشركة التى تبنّت أعمال التطوير والترميم تبنت مبدأ «الذهب الصينى» على حد قوله، حيث تميّزت الأعمال بالمبالغة فى الألوان، لكنها لم تعكس القدم والفخامة، كما كان المسرح قديماً، وحتى أنواع الخشب تشعر أنها كلفتهم الكثير، ولكنها لا تشبه الأخشاب القديمة المستخدمة مثل الزان». وأضاف أنه يتمنى عدم عودة الباعة المتجولين مرة أخرى بعد الانتهاء من مراسم الاحتفال بالمسرح، لأن ذلك لا يتناسب أبداً مع المظهر الحضارى للمكان.
وعن جوائز التكريم التى حصدها بعض الحضور فى احتفالية افتتاح المسرح أمس الأول، يقول «دوارة»، إنهم كرّموا 20 شخصاً فقط، وأسقطوا من التكريم عدداً كبيراً من المؤلفين الكبار مثل يسرى الجندى، ومحمد سلماوى، وأبوالعلا السلامونى، وتناسوا كثيراً من المخرجين مثل جلال الشرقاوى، ومن الموسيقيين الكبار مثل على سعد، ومن مديرى المسرح مثل محمود الألفى وهدى صفى.
ملف خاص
الباعة الجائلون: «هنروح فين؟» ومكتبات «الأزبكية»: «هم وانزاح»
نجوم المسرح القومى: استعدنا «روحنا»
بروفايل| سميحة أيوب.. «سيدة المسرح»
«المسرح القومى».. المشروع الثقافى لثورة 23 يوليو
6 سنوات على الحريق ولا يزال الترميم مستمراً
الارتباك يسيطر على حفل الافتتاح.. ووزير الثقافة يعتذر
المسرح القومى حان الآن موعد رفع الستار