وصفه مجلس الوزراء بأنه «أحد رموز الهندسة المدنية» وأنه «قامة فى قطاع البناء والعمران»، ولقَّبه الكثيرون بـ«وزير الغلابة»، أشهر وزير إسكان فى تاريخ مصر، المعمارجى العظيم وعراب أو أبو المدن الجديدة، حيث دشن 17 مدينة مصرية فى وقت واحد، أهمها السادات، و15 مايو، و6 أكتوبر، ودمياط الجديدة وميناؤها.
أحبه الناس جميعاً وهو فى السلطة وخارجها، كان والده تاجراً مستوراً من تجار القطن غرق أحد مراكبه فى النيل فذهب إلى عثمان محرم، وزير الأشغال العامة فى عهد الملك فاروق، فأعجب بشخصيته وانبهر بها، فعاد من عنده فخلع العمامة ودعا ربه «يا ربّ أرى ابنى مثل عثمان محرم».
كان عثمان محرم من أشهر مهندسى مصر وقتها، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة، إذ تحقق هذا الحلم لابنه «حسب الله»، وكان يطلق عليه فى البيت «سيد»، ليكون أكثر من جلس على كرسى الوزارة 17 عاماً كاملة مع رئيسين «السادات ومبارك» وقدم استقالته مرات، لكن أبَى الرئيسين قبول استقالته.
مات والده ففقد رمز الرحمة والعطاء والحنان بلا مقابل فى حياته، كما قال.
صمم على تحقيق أمنيته، انبهر بالميكانيكا والكهرباء فى «أولى هندسة»، ولكنه رسب فيهما فشكا أساتذته للعميد الذى قال له: مفيش أب يضطهد ابنه، تعالَ عندى فى القسم المدنى لتشاء الأقدار أن تصنعه كواحد من أكفأ المهندسين المدنيين المصريين.
أنقذه عميد الكلية من القبض عليه مقابل أن يترك السياسة والتنظيمات الدينية، وهكذا كان يفعل أساتذة الجامعات، وفَى بعهده لعميد «هندسة إسكندرية» وتفرغ للعلم وحده، علَّمته أمه ثلاثة أشياء «الوضوء والمحافظة على صلاة الفجر، وتوصيل أطباق الطعام والفاكهة يومياً للجيران والأقارب»، كان قفص الفاكهة لا يمر عليه يوم فى البيت حتى يوزع عليهم، مات جميع أشقائه بعد فترة فاعتبر أولادهم مثل أولاده، ووصلهم مثلهم.
تطوع للعمل فى السد العالى عشر سنوات كاملة فى فيح جهنم وحرها بأسوان وكان يردد «أحلى أيام عمرى قضيتها فى العمل فى السد العالى»، وأنه كان مدرسة وطنية رائعة، وأن المهندس صدقى سليمان هو الفارس الحقيقى لمشروع السد.
وعن سر اختيار «السادات» لـ«مبارك» دون غيره كان يقول: كان أمام السادات ثلاثة الجمسى ومحمد على فهمى ومبارك، كان الأولان شديدى المراس وكان الثالث هيناً سلساً، وكان السادات يفكر فى مشاريع غير تقليدية تريد نائباً سلساً لا يعطله أو يعرقله فاختار مبارك، رفض استقبال شارون فى عهد السادات، ولم يغضب السادات، وكان شارون يشغل نفس منصبه فى إسرائيل، وكان يرفض الاشتراك مع إسرائيل فى مشاريع معمارية، كان متديناً بطبيعته وفطرته دون تكلف أو تشدق، تعمير الساحل الشمالى يعد من حسنات «الكفراوى» وأدار نقابة المهندسين بحنكة وحكمة فأبقاها وحافظ عليها دن حل أو فرض حراسة.
كنت تشعر أن بينه وبين الله سراً فقد كان يعارض بعض رؤساء الوزراء ويختلف مع الرؤساء فى قضايا كثيرة رغم ذلك يتمسكون به ويقدرونه ويعرفون إخلاصه وتجرده وعفة يده واهتمامه الأول والأخير بمصالح مصر وشعبها، هذه التوليفة العجيبة قد لا تراها فى الكثيرين.
كان يجلس بجوار السادات الذى كان يرأس الوزارة مع الرئاسة وقتها وكان هو نائباً لرئيس الوزراء فجاءت السكرتارية بورقة للرئيس مفادها وفاة الشيخ عبدالحليم محمود، فهمس السادات فى أذنه قائلاً «الحمد لله استرحنا منه، كان عمل لنا دوشة كبيرة»، مشيراً إلى تصميم شيخ الأزهر وقتها على تطبيق الشريعة واقعياً فى مصر واعتكافه شهراً فى منزله وقتها، حتى قبل السادات الأمر على مضض وأحاله إلى د. صوفى أبوطالب الذى كان مقتنعاً بالاستفادة من الشريعة وقام بتقنينها فعلاً فى سابقة فريدة.
من مآثر «الكفراوى» أيضاً تأسيسه لبنك التعمير والإسكان عام 1978 بهدف تمويل مشروعات بناء وحدات للشباب والذى أثمر بناء مليونى وحدة سكنية لمحدودى الدخل، 920 مصنعاً فى المدن الجديدة، ومن مآثره إقامته لخطوط المياه التى تربط المدن المختلفة، لقد تركت الحروب التى مرت بها مصر بنية أساسية محطمة تماماً، ويذكر للسادات ومبارك أنهما أول من أعادا تأسيسها من جديد، وكان «الكفراوى» وعثمان أحمد عثمان هما الذراع اليمنى لهما فى ذلك.
كان يتمنى تحويل ممر قناة السويس إلى مركز لوجيستى عالمى لخلق نموذج «هونج كونج»، ولكن مشروعه لم ير النور، ولعله يتم الآن واقعياً.
الإسلام شيئان: عبادة الله، وإصلاح وعمران الكون، ولعل «الكفراوى» قام بهما خير قيام، سلام على أهل العمران والإصلاح فى الكون، سلام على «الكفراوى» وكل البنائين.